الاوضاع الاجتماعية – الاقتصادية عشية ثورة الدستور

Ahwazs_flag

من اولى واجبات المؤرخ هو تحليل الاوضاع تحليلا منطقيا وعلميا وازاحة الستار عن الاسباب التي تؤدي الى وقوع الاحداث التاريخية من اجل الوصول الى النتيجة كونها تمكن قبل كل شيء في جذورها الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ، ولعل من بين هذه الاحداث التاريخية ثورة الدستور التي استطاعت اثناءها ان تنتفض الجماهير ضد الاستبداد – القروسطي – القاجاري ، من هنا يمكن القول ان ايران كانت من بين من طلائع الدول في المنطقة التي شهدت قيام اول ثورة تطالب بتحديد صلاحيات الملك و ادخال نظم سياسية جديدة لادارة الحكم غير متعارف عليها من قبل وذلك عبر دستور وضعي ، بالاضافة الى الشعارات التي رفعتها في مجال الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية ، لذلك عرف هذا الحدث التاريخي الهام بثورة ” المشروطة ” او الدستور .

لقد قامت هذه الثورة في مرحلة كان فيها الفلاحين يشكلون الغالبية العظمى من ابناء المجتمع الايراني ، وكان السواد الاعظم من الناس يعاني من الامية والجهل و لم يطلعوا بعد على الاحزاب ، والتنظيمات السياسية ، وكذلك المجالس البلدية ، و النقابات و الاتحادات العمالية . و كان المجتمع برمته يخضع لارادة الحكم الملكي المطلق الذي غالبا ما يستخدم الدين وقوانيه لديمومة سلطته و استمرار قمعه الذي يمارسه على المواطنين .

لقد كانت ملكية الاراضي عشية ثورة الدستور قائمة على النحو التالي :

1- الاراضي الحكومية ، او ما يعرف باراضي الخالصة ، وهي الاراضي التي تخص الشاه و الدولة .

2- اراضي الاوقاف ، والتي تخص المساجد والمؤسسات الدينية .

3- املاك خاصة ، وهي الاملاك التي تخص مختلف المالكين .

ومع بعض الاسثناءات الجزئية كانت الاراضي في اقليم عربستان هي ا لاخرى واقعة تحت سيطرة الزعماء والشيوخ ، الذي كان يعينهم الشيخ خزعل بصفته اميرا صاحب صلاحيات في الاقليم .

ومع تطور التجارة خاصة تجارة المنتجات الزراعة ادرك العديد من العاملين الكبار في سلك الدولة و اصحاب الراساميل الحرة اهمية الار ض، الامر الذي دفعهم الى شراء المزيد منها و التي تعود ملكيتها بالاساس للدولة اولبعض الزعماء المحليين التقليديين ، وبسيطرة هذه الفئة من المالكيين على الارض فقد الزعماء المحليين تبعا لذلك دورهم الاقتصادي والاجتماعي بعد ان حلت محلهم هذه الطبقة الجديدة التي تسمى بطبقة ” الملاك ” ومع اغتناء هذه الطبقة قل ايضا دور المالكين الصغار و متوسطي الحال .اما العامل الثاني الذي كان سببا في تمركز الزراعة بيد الملاكين الكبارهو طبيعة النظام الضرائبي الغير المنضبط في ايران ، بالاضافة الى الفساد الاداري الامر الذي استغله هؤلاء الملاك لصالحهم ، حيث تمكنوا وعبر طرق ملتوية عدة من التهرب من دفع الضرائب الى الحكومة ، في حين فرضت على صغار الملاك و الفلاحين المتوسطي الحال المزيد من الضرائب . الامر الذي دفعهم الى حافة الافلاس بعد ما قاموا ببيع اثاثهم المنزلية وما لديهم من مواشي لتسديد الضرائب المتربة عليهم .

ورغم مطالبة الدولة هذه الفئات بدفع المزيد من الضرائب الا ان واردات الدولة قد انخفضت عام 1815 لتصل الى 75 مليون فرانك ، بعد ان كانت هذه الواردات و استنادا الى ما اورده تقرير ” سرجان ملكم ” عام 1803 ميلادية ، 150 مليون فرنك ، كما ان ” اللرد كريزن ” يقدر واردات الدولة عام 1899 به 41 مليون فرنك ، حيث انخفضت هذه الواردات عشية اعتلاء مظفر الدين الشاه الحكم عام 1895 الى ما بين 32 الى 36 مليون فرنك .

كان الفلاحون في تلك المرحلة يدفعون ما يقارب 33 % او اكثر من انتاجهم الى الملاكين ، واذا حصل و وفر المالك للفلاح ادوات الانتاج والبذور ، في مثل الحالة يدفع الفلاح 85% من انتاجه الى الملاك او الى الشيخ .بالاضافة الى ذلك فأن الفلاحين في اقليم عربستان وازاء الاستفادة من الارض يتعهدون بتنفيذ الواجبات التالية :

1- يدفع الفلاحين للملاكين خمس المحصول اذا كانت الزراعة بالامطار “بعلية أو ديم ” و ثلث المحصول اذا كانت الزراعة تروى بالماء .

2- يعين المالكين في كل قرية و اثناء اخذ حصتهم عدد من الخيالة و شخص وكيلا يدعى محليا ” بالمباشر ” و لعل ابرز نموذج لهؤلا المباشرين في زمن الشيخ خزعل في اقليم عربستان شخصا معروف بجبروته يدعى خلف بن محمد الناصري المعروف ” بخليف ابو حالا ” الذي كان” مباشرا ” للشيخ خزعل في” قلعة سهر و” الشوش ، اما وكلاء ” الشيخ خزعل في شط بني طرف و الحويزة ” دشت ميشان ” فهم على النحو التالي :

في مدينة الخفاجية :

1- صالح الحسن الشبيبي

2- عودة الشويع الكناني .

3- مله نجم بن علي الجرفي .

في ناحية البسيتين :

1- خلف العودة الكناني .

2- سيد حميد الموسوي .

3- مله نعمة الشبيبي من اهل النقرة .

في عبادان ، وضواحيها :

الحاج سلطان الحبشي .

بالاضافة الى ما ورد يتحمل الفلاحين جميع مصاريف هؤلاء المباشرين او الوكلاء ومرافقيهم من الخيالة.

3 – يستلم المالك او “الشيخ المعين ” مقابل ارضه 1|3 من ربحه بضاعة ، و 2|3 نقدا .

4- يتحمل الفلاحين اجور نقل حصة المالك الى بيته او الى البيع في السوق .

5- اذا لم يتمكن المالك او الشيخ المعين من بيع حصته و بقيت حتى الموسوم الزراعي الجديد فانه وقبل شهر من جني المحصول يستطيع تقسيم حصته بين الفلاحين وفي المقابل فانه سوف يحصل في الموسم الزراعي القادم للانتاج ازاء كل من ” المن يساوي 50 كيلو ” من ونصف المن او منين .

6- في فصل الشتاء توزع خيول المالك او الملاكين او الشيوخ المحليين بين الفلاحيين بغية الاعتناء بها ، وعلى الفلاحيين تحمل مصاريف هذه الخيول طوال فصل الشتاْ

7- اذا احتاج احد الشيوخ او الملاكين في احد القرى لبناء بيته ، او مضافته ، على الفلاحين العاملين لدى هذا المالك القيام بهذا العمل بالمجان وهذا ما يعرف بعمل” السخرة” ، كما على الفلاح ان يتحمل تدبير اكله اليومي .

8- يتحمل الفلاحين مهمة توفير بعض الامور للمالك مثل الخشب ، وعيدان الحطب وما شابهه من اجل الطاقة اللازمة للطبخ و التدفئة .

9- ينتخب” المحضر ” او المبلغ من بين الفلاحين ووظيفته تنحصر في ابلاغ اوامر الشيخ او المالك الى ابناء القرى ، وهو يشبه الى حد ما الاعمال التي تقوم بها العشيرة المعروفة ” بالركاض ” من قبيلة الهلالات في عهد الشيخ خزعل .

10- اذا اشترى المالك بضاعة يتعهد الفلاحون بحملها الى منزل المالك طالت المسافة ام قصرت .

11- الفلاحون ملزمون من جهة اداء الخدمة العسكرية للدولة ومن جهة اخرى القيام بهذه الخدمة لصالح الشيخ او المالك .

12- اثناء عملية الصيد على الفلاحين ان يؤمنوا مصاريف الشيخ واكله ومن رافقه .

13- يحق للمالك ان يعاقب الفلاح اذا قصر في اداء واجباته وحتى من حقه احيانا ان يعدمه رميا بالرصاص، كما له الحق في مصادرة امواله .

وفي بداية القرن العشرين فان ضغط الضرائب المرتفعة المفروضة من قبل الشيخ خزعل كان لها بالغ الاثر على اوضاع الفلاحين الاقتصادية والاجتماعية ، الامر الذي نتج عنه البطالة والفقر و انتشار الامراض نتيجة لسوء التغذية . و اما فيما يخص ايران فان بعض الاحصائيات تفيد انه وقبل اندلاع ثورة الدستور “المشروطة ” كان هناك اكثر من ثلاثة ملايين حرفي وصلوا الى حافة الافلاس والفقر . كما كانت ايران اسيرة الاستبداد الملكي المطلق .

كما هو معروف كانت ايران في العهد القاجاري تسمى ببلاد ” الممالك المحروسة ” وكانت عربستان انذاك تتمتع باستقلال ذاتي واسع النطاق، وكما اشرنا في الفصول السابقة من هذا الكتاب انها كانت وفي سبيل الحفاظ على هذا الاستقلال تدفع الى الحكومة القاجارية سنويا مبالغ من المال كضرائب ، من هنا يمكن القول ان الشيخ خزعل وابان ثورة الدستور كان حاكما لاقليم عربستان دون منازع كما انه كان يمارس سلطته وفقا للاعراف و التقاليد المتبعة . وطبيعة نظامه وتعامله مع رعيته هي علاقات الحاكم برعيته و قد بينا ذلك في الحلقات السابقة من الفصل الثامن من هذا الكتاب .

انتهت الحلقة الاولى من الفصل التاسع و تليها الحلقة الثانية

تمت الترجمة عن اللغة الفارسية

ترجمة جابر احمد من تأليف موسى سيادت

Check Also

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …