وهذه القصة أخذت طابعاً أخر بعدما وصل الى سدة الحكم في إيران جماعة مصباح يزدي وهو من طيف اليمين المتطرف في مؤسسات رجال الدين ويطمح للوصول الى منصب ولي الفقيه بدعم من أية الله جنتي وهو والد زوجة نجاد وبعد أن رشح هذا الطيف نجاد ليتزعم الحكومة تغيرت مسار اللعبة في إيران حيث أصبحت في هذه الحالة تدور حلقة وصل الحكومة الجديدة حول دول معينة و ابتعدت الحكومة الايرانية الجديدة والمناهضة لنهج رفسنجاني الذي كان يتودد كثيرا الى بريطانيا عن إنجلترا في مرحلة معينة وتقربت من الصين والدول اليسارية في أمريكا اللاتينية .
كانت الحكومات الايرانية السابقة منذ تاسيس الدولة الحديثة في إيران في عهد الملكية “رضا بهلوي” ونجله “محمد رضا ” ولا زالت تقوم بدور إسترضاء بريطانيا والغرب عبر السماح لهم في ما يرغبون به من مخزون نفطي أمام السماح لها بالحكم والسبب هذا النفط المشاع إثر سقوط أمير المحمرة الشيخ خزعل الكعبي الذي راح ضحية المؤامرة البريطانية الشاهنشاهية في إيران وما تبعته من نكبات تركت بظلالها على الشعب العربي هناك وكل هذا كما أسلفنا يعود الى هذا البلاء الأسود ـ الذهب الأسودـ الذي شكّل كارثة على العرب في إيران منذ إكتشافه لحد الان حيث أنّ جميع ممارسات الحكومات الايرانية المتعاقبة تنظر الى النفط والاقليم على أنهما أمران لايمكن العدول عنهما إطلاقاً مهما كلّف الامر من تحديات وممارسات بحق الشعب العربي هناك .
اصبحت منذ ذلك الوقت مناطق العرب في إيران ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالنفط بسبب كونها الممول الوحيد للنفط الايراني على مدى قرن من الزمن وشكّلت الاهواز أضلع هذا المثلث في إيران:
النفط
دكتاتورية الحكم (سمّها الهيمنة الداخلية )
بريطانيا(سمّها الهيمنة الاجنبية )
وهنا يكمن الدور البريطاني المخادع والدور الغربي الإنتفاعي بالنسبة للعرب الاهوازيين وهم يرون بأم أعينهم أنّ حكومات إيران منذ العهد الملكي ولغاية هذه اللحظة تمارس أبشع الإنتهاكات لحقوقهم وتنتهك حقوق الانسان وحريتهم في العيش وتتطاول على الإعلان العالمي لحقوق الانسان هناك ، دون أن تشير لهم ولو بالإصبع للكف عن هذه الممارسات التي تتعارض والمبادئ الغربية التي تؤمن بها وقامت عليها معظم الدول العربية وعلى رأسها فرنسا وبريطاني وأمريكا والمتمثلة بحقوق الانسان والديمقراطة والسبب البراغماتية والانتهازية التي تمارس في ظل وجود ثروة النفط التي لاتحصى ولاتقدر في منطقتنا حيث دخل الانجليز عام 1860 خلال عقود نفطية معروفة مثل رویتر، وعقد “البنک الشاهنشاهی” في 1891 وعقد ” دارسی “في عام 1901 منطقة الاهواز وتحولت الاهواز في ” دارسي ” تابعة الى بريطانيا وهي شركة بريطانية خاصة تعمل كحكومة ظل في الحكومة البريطانية وفي عام 1914 إنتقل العقد المذكور الى الحكومة البريطانيا مباشرة . أما في العهد الملكي وتحديداً عام1933انتقل الصراع البريطاني داخل الحكومة الايرانية ليشرف على الديكتاتورية النفطية بنفسه .إثر تعديل العقد وتحويله الى عقد دائم مع الحكومة الايرانية وتأسيس شركة النفط الايرانية البريطانية وإهمال حقوق العرب في الاهواز في تلك الاتفاقات والعقود المبرمة مع الحكومات الايرانية واستمرت الحالة حتى تأميم النفط في عهد مصدق وبقي الوضع على ما كان عليه ولم يتغيّر حال العرب الاهوازيين لابعد ولاقبل التأميم رغم حسن نوايا رئيس الوزراء الايراني السابق “محمد مصدق” للعمل على تطبيق مبدأ الفدرالية القومية وحماسه في خدمة الشعوب الايرانية ورفع نير الظلم عنهم ولم ير العرب ولا غير العرب في إيران من تغيير الى يومنا هذاحيث تنهب ثروات النفطية للعرب ويعملون على التغيير الدموغرافي للمنطقة العربية بفضل العوائد النفطية التي تدر عليهم بلايين الدولارات كما هي الحال بالنسبة للترك حيث تسرق مناجمهم اليوم لتذهب سدى في جيوب الملالي ومرتزقتهم والبلوش تسرق ثرواتهم الطبيعية والزراعية لكي يتمتع بها قلة قليلة من حاشية النظام وأزلامهم و الذهب في كردستان حاله حال نفط عربستان وهلمّ جرّا ليقومون ببناء ديكتاتورية على أنقاض أشلاء المعارضين للسياسات العنصرية والتمييز الظالم الذي يساق ضد هذه الشعوب إذاً الجزء الكبير من اللوم يجب أن نحمله الى الدول العظمى التي تخاف التغيير الحقيقي في إيران ولاترغب به أصلاً لأنه لا يضمن مصالحهم وكانت هذه الدول ولازالت تدعم الأنظمة القمعية والديكتاتوريات الفاشية في إيران إن لم يكن بجلاء هذا الامر يمارس بخفاء ودائماً تمسك العصى من الوسط .
هنالك عدة مقترحات يطرحها المثقفون الايرانيون للتخلص من الحالة التي تخيّم على إيران التي تشكل أضلع هذا المثلث في الحكم الديكتاتوري ونهب ثروة الشعب العربي النفطية وقمع الشعوب غير الفارسية حيث أنها تتمثل فعلاً في عدم منح الحكومات الايرانية النفط وعائداته لتسترجع عائدات هذه المادة للأقاليم المنتج وهذا هو الحكم الفدرالي بعينه إذا أضيفت له مواد أخرى في السياسة والحكم ورأيت عدداً لايستهان به من المثقفين الفرس في سجن إفين يدعون فعلاً الى هذا الامر للخروج من هذا النفق المظلم التي تمر به إيران في الوقت الراهن وقلت لهم دائماً أنه على هؤلاء أن يقنعوا الشرائح الأخرى من شعوبهم لتقبّل هذا الواقع لإنه إذا فات الاوان سوف تتحقق حتما حكومة إيرانستان وسيشهد جيلهم تفكيك هذا الاطار الجغرافي وهم يجيبون على أنّه قبل فوات الأوان يجب إعتماد الديمقراطية التعددية كمخرج وحيد للحكم للخروج من فلك الديكتاتورية .وهذا من شأنه أن يكرّس الحياة الكريمة لجميع الشعوب في إيران والخروج من هيمنة المستبد الداخلي والهيمنة الخارجية في نفس الوقت ورفع اليد عن مقدرات الشعوب وثرواتها باستخدام أليات حديثة وعصرية في إدراة البلاد والعباد تتمثل بالفدرالية العرقية فهل هم جادون بأطروحاتهم و مساعيهم ؟؟فصار القاصي والداني يتحدث عن الفدرالية في إيران فما مدى نجاعة هذا الطرح ؟
يرى البعض من الناشطين العرب والبلوش والترك وعدد من الاكراد أن مبدأ الفدرالية لم يعد يحقق طموحات الشعوب غير الفارسية في إيران وإن كلام المعارضة الايرانية التي تؤمن بالفدرالية ماهو إلا مجرد شعارات تنوي خداع الرأي العام للشعوب غير الفارسية وهذا الطرح لم يكن جديدا حتى نفس النظام القائم طرحه عندما أعلن محسن رضائي ترشّحه في الانتخابات الرئاسية الاخيرة ورفع شعار الفدرالية الاقتصادية فهذا الشئ ما يرى البعض أكل الدهر عليه وشرب وبات من الماضي فكيف نؤمن بهؤلاء وتعلمنا دروس العقود الثلاثة الماضية والشعارات اللماعة التي رفعها النظام ولم يلتزم بها فكيف نؤمن بمن يظهر العداء للشعوب قبل أن يصل الى سدة الحكم أمثال الملكيين والبعض يخادع في شعاراته مثل منظمة مجاهدي خلق التي لم تعترف حتى هذه اللحظة بمطالبات الحد الأدنى ولا بمبدأ الفدرالية ؟
أما الأهم من ذلك فإن الفدراليين العرب والترك وغيرهم لديهم تبريرات منطقية للغاية ويمكن الأخذ بها في شعاراتهم لمشروع الفدرالية وهي أنّ الإنفصال ضرب من المستحيل في هذه المرحلة ويجب أن نبدأ بخفض مطالباتنا للوصول اليها بسرعة وكسب الدعم الدولي والاقليمي بمرونة بسبب هذه الشعارات وإن الحكم الفصل سيكون الشعب في تحديد خياراته وإستخدام حقه في تقرير مصيره .
فلكل ألياته للوصول الى أهدافه ولكن الاهم من كل هذا وذاك القضاء على الدكتاتورية التي أسمنتها دولارات النفط والعمل على أليات وعدم التخوين والتشكيك بمبدأ الاخر.