صفحات منسية من تاريخ الشعب العربي الاهوازي

مؤتمر مسكو وحقوق القوميات غير الفارسية

جابر احمد

شهدت ايران ابان الحرب العالمية الثانية تداعيات على غاية كبرى من الاهمية  تمثلت في احتلالها من قبل دول الحلفاء دعما للجبهة الروسية وذلك بغية شلّ التحرك

الالماني باتجاه مياه الخليج العربي ومن ثم اقليم عربستان الغني بالبترول الواقع في الجنوب الغربي لايران، وكذلك قيام جمهوريتي أذربايجان(ايران) بقيادة بيشاوري (سيد جعفر پيشه وري) عام (1944) وجمهورية مهاباد الكردية بقيادة قاضي محمد عام (1946) كما جرت في اقليم عربستان تحركات مماثلة دعى اليها الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل بالاشتراك مع القوى الوطنية  للشعب العربي الاهوازي وان كانت لم ترتقي الى مصاف ما حدث في كردستان واذربايجان الا انها كانت تحركات هامة تمثلت في وضع خطة لاقامة نوع من الحكم الذاتي في اقليم عربستان .

مؤتمر مسكو وحقوق القوميات

عقد مؤتمر موسكو في الفترة الواقعة ما بين 16 الى 26 دسامبر من عام 1945 وقد اشترك في هذا المؤتمر كل من وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية “بوين”، “بريس” و”مولوتوف” وزير خارجية الاتحاد السوفيتي، كما دعي للحضور فيه “سر ريدر بولارد” سفير الحكومة البريطانية  في ايران وكذلك السكرتير الثاني في السفارة الامريكية ” جان  د. جرنكان ” وقد بحث في هذا المؤتمر أمور عدة منها موضوع معالجة “المسالة القومية” في ايران وكذلك موضوع “جمهورية أذربايجان” وخلاصة ما دار في هذا الاجتماع أنه في حال انسحاب قوات الحلفاء من ايران يجب تلبية مطالب الشعوب الايرانية واخذها بعين الاعتبار ويمكن تلخيص المقرارت الصادرة عن هذا المؤتمر بالنقاط التالية:

1-   يقر المؤتمر انه خلال تواجد قوات الحلفاء في ايران، شهدت ايران خلل في نظامها الاقتصادي  والاداري.

2-  يقر المؤتمر حدوث  مشاكل بين الدولة المركزية وبعض الاقاليم.

3-  يتحمل دول الحلفاء مسؤولية ما حدث في ايران.

4- تسعى دول الحلفاء الى اعادة الامن والاستقرار بصورة تكون مرضية لمختلف مواطني المملكة وذلك عبر حل المعضلات الموجودة بين الدولة المركزية وبعض الاقاليم عبر لجنة من شأنها ان تساعد في تأسيس “مجالس الاقاليم والمحافظات” (منح الاقاليم حكما ذاتيا) وذلك استناد الى  دستور ثورة المشروطة(دستور عام 1908).

5 ـ في مجال استخدام اللغات للاقليات (للقوميات) مثل العرب، الاتراك والكرد يوصي المؤتمر استخدام هذه اللغات بشكل حُـرّ  في مجال التعليم والمجالات الاخرى.

6 ـ تسعى الدول الثلاث (امريكا، بريطانيا، الاتحاد السوفياتي) الى حث ايران على قبول هذه التوصيات.

(تمت الترجمة بشيء من التصرف والاختصار، لمزيد من الاطلاع راجع  كتاب “تاريخ ايران بين مرحلتين قصيرتين” بالفارسية، تاليف مجموعة من الكتاب، ص، 336).

تحركات الشعب العربي في عربستان لنيل الحكم الذاتي

بعد يومين من توصل الحكومة المركزية  والاذربايجيين الاتراك الى اتفاقية  تحافظ على نوع من الحكم الذاتي  في اذربايجان اعلن في اقليم عربستان عن تشكيل لجنة ولايات عربستان وذلك من اجل العمل على قيام  حكم ذاتي  في الاقليم الا ان الحكومة المركزية والتي وافقت على منح اقليم  اذربايجان حكم ذاتيا وصفتها على انها لجنة وهمية مكونة من عدة اشخاص و من عملاء لبريطانيا  لم يتم انتخابهم، الا ان القائمين على هذه اللجنة ارسلوا برقية الى رئيس الوزراء الايراني أنذاك فيما يلي نصها :

السيد رئيس وزراء ايران، صورة منه الى جريدة كيهان

في هذا الظرف التي حلت فيه المسالة الاذربايجانية نتيجة لحسن تدبير سعادتكم بارقى الاساليب  القوية المعقولة وكما هو متوقع، الامر الذي ادى الى ازالة  قلق الامة “الملة ” الايرانية”، فان “لجنة الولاية (انجمن ولاياتي خوزستان) في عربستان” بالنايبة عن جميع مواطني الاقليم اذ ترفع  بتهانيها القلبية اليكم بمثابتكم بطل لهذه السياسية وحلالال عقدها وحادي تقدمها وتعرض عليكم  وبنية حسنة ان تمنحون الاقاليم الاخرى نفس الامتيازات التي منحتموها الى اذربايجان وخاصة ولاية عربستان ” خوزستان ” التي هي عطشى للاصلاحات وذلك وفقا لدستور البلاد الامر الذي  سوف يساعد في تحسين الاوضاع وتعيين حق تقرير المصير 162 – 25 | 3 | 25  ( 1946 ) . التوقيع :  لجنة ولاية  خوزستان ، نفس المصدر السابق  ص  400  وقد تم نقلها عن جريدة كيهان  العدد 984 ، المؤرخة في 28 | 3 | 25  اي سنة (1946 )  ” تمت الترجمة بشيء من التصرف مع الحفاظ على مضمونها الاصلي  الذي يدعو  بالاساس الى منح اقليم عربستان حكما ذاتيا على قرار الحكم الذاتي في اقليم أو لاية اذربايجان ” .

وحسب المعلومات التي توفرت لدى كاتب هذه المقالة فان الشعب العربي  في عربستان طرح مطالبه  واعلن عنها على النحو التالي  :

-1 النضال ضد تدخلات الاجانب، والعمل للحيلولة دون محو الثقافة العربية.

-2 ايجاد تنظيم سياسي من أجل وفاق ووحدة الشعب العربي في عربستان.

3 ـ مطالبة الحكومة بتحقيق نوع من الحكم الذاتي لعربستان وساير القوميات في ايران.

4ـ الارتقاء بالبنية العلمية، ومستوى ثقافة المجتمع، والاهتمام بتطوير البنية الاقتصاديةوالاجتماعية، لابناء الشعب العربي في عربستان .

5- ايجاد مراكز تعليمية (المدارس) من اجل تدريس الموطنيين لغتهم العربية.  “لمزيد من الاطلاع راجع  كتاب عرب الاهوازـ من تأليف كاتب هذه المقالة، دار الكنوز الادلبة بيروت، 2006”

ردود الافعال حول مطالب الشعب العربي عربستان

في  تلك الايام اعلنت جريدة التايمز عن بالغ سرورها فيما يخص حل القضية الأذربايجانية وقد كتبت  قائلة :

من اجل الاصلاح الاجتماعي في ايران ليس هنك وسيلة غير تلك التي تم اتخاذها  في اذربايجان، حيث ان السيد “قوام السلطنة” مصمم على تنفيذها، الامر الذي اثار اعجاب الامة البريطانية وفرحها لولادة ايران قوية وموحدة.  نفس الصدر السابق، ص، 400  نقل عن جريدة كيهان العدد 985 ،  المؤرخة في 29 | 3 | 1325هـ، 1946 م .

وقد اعتبرت الجريدة “ان قصد وهدف المستعمرين وعملائهما واضح اكثر من وضوح الشمس  فانهم يطالبون الدولة بمنح اقليم الجنوب (اي اقليم عربستان)  امتيازات على غرار تلك الامتيازات التي اعطيت الى اذربيجان، وبهذه الطريقة يريدون ان يقطعوا الطريق على الاحرار  ويعطو الدولة المبررات  لكي تقمع  النهضة  العظيمة التي حدثت في  اذربايجان”. جريدة كيهان مصدر سابق .

وفي اعداد لاحقة اعتبرت الجريدة ان ما يجري في اقليم عربستان “خوزستان” انما يتم بتدخل مباشر من قبل الموظفين السياسيين الانجليز من امثال “جيكاك” و ” تمبل ” والجنرال ” ترات” مسؤول القنصيلية البريطانية في عربستان، وكذلك بدعم واسناد علني من قبل “مصباح فاطمي” محافظ اقليم عربستان “خوزستان” وعدد من المقاولين العاملين بشكل رسمي لدى شركة النفط البريطانية الايرانية، بالاضافة الى كونهم حفنة من النصابين، حسب تعبير الجريدة وعدد من الشيوخ العرب الذي اعلنوا عن اتحاد سموه “اتحاد عشائر خوزستان” كيهان العدد 1037  المؤرخة في 4|6| 1325 هـ (1946م)، وتضيف الجريدة ان هذا الاتحاد استطاع ان يسلح المئات من العرب وذلك من اجل: اولا، للاستفادة منهم من اجل قمع عمال النفط ونهب وحرق الجمعيات الاحزاب التحررية. وثانيا،  للاستفادة منهم كقوة في حال تحقق فصل اقليم “خوزستان ” عن ايران، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف ناشد اتحاد العشائر العربية في الاقليم الجامعة العربية لكي تخلصهم من ضغوطات الدولة المركزية و ارسلت المدعو “الشيخ عبدالله” المقصود “الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل” كممثل لها الى بغداد.  نفس المصدر السابق، ص 401 .

وكعادة الاعلام الايراني منذ تأسيسه وحتى اليوم هاجم هذا التوجه الوطني لابناء شعبنا الاهوازي مستخدما كل مفردات القاموس اللغوي في مجال التشهير والتخوين والارتباط بالاجنبي، ومن هذا المنطلق وصف هذا الاعلام ـ على لسان احد ابناء الشيخ خزعل ـ على ان “لجنة اقليم عربستان”  قد انحدرت الى درجة من الخيانة والضحالة حتى ان “الشيخ جاسب الخزعلي” الابن الاكبر للشيخ خزعل (لاحظ الاسطر اعلاه  شيخ عبدالله مجهول النسب) ومن خلال برقية ارسلها الى رئيس الوزراء اعلن “ان اتحاد العشائر العربية يتشكل من مجموعة من الفارين وخونة الوطن الذين تربوا على يد الاجانب وان الشعب في خوزستان والعشائر الحقيقية منزعجين الى ابعد الحدود من اكاذيبهم”.  المصدر جريدة داد العدد 819 ، 4 |6 | 1325 هجرية قمرية ( 1946 م ) وقد لاحظت ان اسم المنطقة انذاك يعرف  باسم  عربستان حيث  نشر الخبر  تحت عنوان “درباره عربستان” لمزيد من الاطلاع راجع: تاريخ ايران در فاصله كوتاه، مصدر سابق، ص ، 401

الا ان هذه الجريدة  التي تابعت  ما يجري من تطورات في اقليم عربستان اعلنت ان اذاعة لندن اذاعت مبادرات ممثلي “اتحاد عشائر خوزستان” على النحو التالي، حيث احاول ولاهميتها ان اترجمها حرفيا  :

“التقى ممثلي عربستان!؟ (يعني اقليم ايران الغني بالنفط) وصي المملكة العراقية، “ارشد العمري”، رئيس وزراء العراق والدكتور”فاضل الجمالي” وزير الخارجية، وتباحث رئيس هذا الوفد مع هؤلاء المسؤولين بالنيابة عن “مليون عربي!؟” الذين يريدون الانضمام الى العراق ( حسب تصريح الجريدة )  ؟ و صرح ممثلي الوفد ومن خلال مقابلة مع مراسل جريدة رويتر وقال ان الوصي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية  العراقي اظهروا كل الود لاهدافهم وقد وعدوهم في تقديم العون والمساعدة  لهم في هذا المجال، كما ان الدكتور فاضل الجمالي وزير خارجية العراق والذي كان قد ترأس بلاده الى “مؤتمر باريس للسلام” اعلن قبل سفره الى باريس في مقابلة له مع مراسل صحيفة رويتر قائلا: انه سوف  يطلب رسميا من  السيد “عزام باشا ” الامين العام لجامعة الدول العربية ان  يطرح موضوع “عربستان”،   على اجتماع  جامعة الدول العربية “. المصدر جريدة داد، رقم 835 24 | 6 | 1325هـ (1946م)  نقل عن كتاب، تاريخ ايران ميان دوفاصلة كوتاه، مصدر سابق، ص ، 401 .

وتقول الجريدة وعلى اثر انتشار هذا الخبر جرت تحركات  باسم العشائر في اقليم خوزستان، وقد طغت اخبار اقليم عربستان على كل الاخبار في ايران، حتى الممثل الرسمي لاذربايجان الدكتور “جاويد” الذي كان انذاك في طهران واجه سؤال”ماذا نعمل مع خوزستان!؟ “

كما ان “الشاه” نفسه واثناء لقائه مع “الدكتور جاويد” طرح عليه نفس السؤال،  وقد اجاب  الدكتور جاويد ” مما لا شك فيه اننا ننشد الديمقراطية لكل ايران، ولكن يجب علينا ان نرى فيما اذا كانت  المطالب التي طرحت هي من (قبل) الشعب في خوزستان والمنظمات الديمقراطية هناك او انها من “قبل” عدد من الراسماليين الرجعيين والاستعمار الذين يريدون عن هذا الطريق  يجهزون انفسهم لاجهاض الديمقراطية”. المصدر جريدة داد، الرقم 774 المؤرخة في 6| 4 | 1325هـ (1946م) .  راحع المصدر السابق، 402 .

اثار مطالبة الشعب العربي الاهوازي بحقوقه القومية على غرار ما حدث في آذربايجان جدلا واسع النطاق في ايران وقد انعكس هذا الجدل على صدر معظم الصحف الايرانية الصادرة انذاك، ونحن هنا نقتبس جزء مما نشرته جريدة كيهان انذاك والذي جاء تحت مقال عنوانه “من الذي يربى هؤلاء الاطفال الصغار” حيث جاء فيه :

”   … نحن منذ البداية قلنا  للسيد” بيشه وري”  اذا كان لديكم كلام فوجوهه الى لكل الايرانيين،  لاتقولوا الشعب الاذربايجاني،  الحكومة الاذربايجانية، اللغة الاذربايجانية، حقوق اذربايجان،  بل قولوا  الشعب الايراني،  الحكومة الايرانية، اللغة الايرانية، حرية ايران، حقوق ايران ” .

كما تنقل الجريدة مقاطع من خطاب السيد” بيشه وري” الذي  رد  فيه على حملة الصحف الايرانية حيث قال: قولوا ان الحكومات الايرانية حتى هذه اللحظة لا تمثل الشعب، وكانت حكومات غاصبة وظالمة، انني ثرت هنا، وفي الوقت الحاضر فان مركز ايران الحقيقي هو هنا ان الحكومة الحقيقية لايران هي هذه الحكومة (المقصود جمهورية اذربايجان ذات الحكم الذاتي) التي اترأسها انا، وانني ساستمر في نضالي هذا، حتى ياتي ذلك اليوم لتعم هذه التجربة كل الاقاليم الايرانية، اذ قبلني النظام، سوف اذهب الى طهران، او اذا رفض فعندها فان جميع الاقاليم الايرانية  سوف تتحد معي  وكما حدث ابان ثورة الدستور سوف نهاجم طهران من جميع الجهات وسوف نحتلها ونؤسس حكومة الثورة، لان السادة لايقبلون بما اعلناه”، وتضيف الصحيفة ان هؤلاء ( الاتراك)  يصرون  على الكلام عن اذربايجان فقط ناسين ما يهدد ايران من اخطار، حيث هذه خوزستان تطرح مطالب مشابهة” وتختم الصحيفة افتتاحيتها التي نشرتها بقلم  “نوشاد” قائلة: “واخير ونتيجة للتحركات الاستعمارية تسببت السياسية “تكتيك المطالبات المحلية” للفرقة الديمقراطية الاذربايجانية “الى مولود غير شرعي في جنوب البلاد والتي اطلقت على نفسها “نهضة الجنوب” وهذا ما سوف نتطرق اليه لاحقا”. جريدة كيهان، الرقم 984، المؤرخة  في 28 | 3 | 1325 هجرية قمرية (1946 م ) .  نفس المصدر السابق  ، ص ، 402 
.

حزب التودة  يتنكر  للمسألة القومية

من المؤسف ان يتنكر “حزب التودة” الى “المسالة القومية”، في الوقت الذي طرح نفسه بقوة على الساحة الايرانية كممثل “للكادحين”، و يمكن القول باختصار ان الحزب كان قد اصيب انذاك بعقدة الهاجس الامني واعتقد ان اي تحرك باتجاه فدرلة ايران او منح الحقوق القومية للشعوب في ايران   انما يصب بالضد من اهداف الطبقة العاملة ومن شانه ان يعرض السيادة ووحدة الاراضي الايرانية  للخطر معتبر ان كل ما يطرح تحت عنوان المسائل القومية انما هو من صنع “العناصر الرجعية وعملاء الاستعمار” ،  لذلك نرى الحزب قد تحالف مع ما كان يعرف انذاك “بحزب ايران” معلنا عن مااسماه ” بالجبهة المؤتلفة للاحزاب التحررية” وقد اعلنت الجبهة وعبر بيان صدر عنها في اوائل شهر تموز(تير) من عام  1325 ( 1946 م) اهدافها على النحو التالي :

1ـ   في مجال السياسية الداخلية : اتخاذ اساليب  مشتركة  قائمة على  الحاق الهزيمة الكاملة بالقوى  الرجعية وعملاء الاستعمار .

2ـ   في مجال  السياسة الخارجية: اتخاذ اساليب قائمة على اساس الاستقلال السياسي والاقصادي ومعادات ومقارعة الاستعمار وتقوية العلاقات الحسنة مع جميع الدول وبما يتماشى مع الاهداف  التقدمية “التحررية ”  للشعب الايراني .

3ـ    التعاون والمساندة  بين الاعضاء واتخاذ قرارت مشتركة  في الامور السياسية الهامة للبلاد .

4ـ  من اجل تامين حرية العمال ورفاهتهم، فان الجبهة لا تعترف الا بالشورى المركزية المتحدة   للعمال باعتبارها التنظيم الوحيد لتمثيل العمال في ايران. عاشت ايران، الوطن التاريخي الذي نفتخر به، الموت للاستعمار والرجعية. جريدة رهبر ، العدد 755 ، التاريخ |9 |4 | 1325هـ (1946م ) المصدر الاصلي ” ايران در فاصله در كوتاه ” مصدر سابق  ، ص ، 403

ومقارنة مع ذلك وبتاريخ  9 خرداد 1325 هـ ( 1946 ) تم الاعلان عن تأسيس حزب  بقيادة قوام السلطنة باسم “الحزب الديقراطي الايراني”  واعلن الحزب في برانامجه انه “يعمل من اجل ايجاد وحدة حقيقة  بين جميع القوى التحررية وايجاد اصلاحات” وقد اعتبرت نشرة الجبهة الناطقة باسم “حزب ايران” حليف حزب التودة، “ان ولادة هذا الحزب(الحزب الديقراطي الايراني)، يعتبر جزء من ولادة جبهة الاستعمار في ايران”، كما اعتبر راديو طهران الحكومي ان هذا الحزب لا يضم في صفوفه الا العناصر الرجعية  والمعادية  للحرية…. من بينهم “اتحاد العشائر العربية في خوزستان” هذا والتحق  بهذا الحزب بالاضافة الى العرب، البختياريين بقيادة “امير حسين ظفر” و”ابوالقاسم  بختيار” والتحق به الاتراك القشقائيين بقيادة “خسرو القشقائي”  ويبدو لي ان الحزب كان عبارة عن تنظيم  يعبر عن التطلعات القومية لابناء الشعوب الايرانية، لان الطرف الاخر اي حزب تودة وحزب ايران، قد رفعا مقابل شعارات الحزب شعار “همه باهم در راه دفاع از استقلال وتماميت ايران” أي “لنتحد جميعا من اجل الدفاع عن استقلال ايران ووحدة اراضيها” مما يمكن تفسيره ان فدرلة ايران او حصول القوميات على حقوقها الثقافية والسياسية ـ من وجهة نظر هذين الحزبين ـ خطر يهدد “وحدة ايران وسيادتها الوطنية “.

ومن هذا المنطلق اخذ الحزب وحلفائه  يعدون العدة  لضرب المنجزات التي حققها الشعب العربي الاهوازي بعد الحرب العالمية الثانية (تماما كما حدث ضرب منجزات الشعب العربي بُعيد الثورة الايرانية على يد مدني) فاعلن الحزب بتاريخ  23 | 4 | 1325هـ ( 1946 ) الاعلان عن قيام بالاضراب العام وقد نجح بالفعل في دعوته حيث شارك في هذا الاضراب اكثر من 100 الف عامل وبدى جليا ان هذا الاضراب لا يهدف الى رفع  اجور العمال  وتحسين ظروف عملهم فقط وانما كان موجه ضد التطلعات المشروعة للشعب العربي في عربستان، ويتضح ذلك من خلال  المطالب التي طرحت باسم المضربين وهي:

1ـ   فصل “مصباح مدني” محافظ عربستان  وتعيين محافظ  محايد محله.

2ـ تجريد عشائر الجنوب من السلاح .

3ـ عدم تدخل شركة النفط  في الامور السياسية والداخلية لايران.

4ـ    دفع اجور يوم الجمعة  للعمال.

5ـ الحيلولة دون المضايقات العسكرية حيث نجد مظاهرها البارزة في كل من سوسنجرد “الخفاجية” ودور خوين وميناء معشور.  لمزيد من الاطلاع راجع كيهان، العدد  1006، التاريخ،  26 | 4 | 1325هـ  ( 1946 م)  نقل عن كتاب، ايران ميان دوفاصله كوتاه،  مصدر سابق ، ص 404 .

لقد نتج عن هذه السياسة التي انتهجها حزب التودة عواقب وخيمة تطرقت لها في كتابي عرب الاهواز الصادر عن دار الكنوز  الادبية  عام 2006  في بيروت ولكن ما اريد اعادة ذكره هو ان الحزب تعلم من هذه التجربة وان كانت ( بعد خراب  البصرة )، فطرح 1951 برنامج يمكن تلخيص عناونيه الرئيسية على النحو التالي :

1ـ الاطاحة الفوري  بالنظام الملكي واقامة نظام ديمقراطي شعبي .

2ـ توزيع الاراضي على الفلاحين دون تعويض مالكيها .

3ـ حق تقرير المصير  للقوميات والاقليات.

لمزيد من الاطلاع راجع عرب  الاهواز، مصدر سابق ص ، 126

وفي الختام اقول نتيجة  لتعاقب الانظمة الديكتاتورية على دفة الحكم  في ايران ونتيجة لقلة الكادر والتعتيم الاعلامي المفروض بقت الكثير من الحقائق المتعلقة  بتاريخ شعبنا العربي طي الكتمان الامر الذي يتطلب من الدارسين والباحثين الاهوازيين بذل قصارى جهودهم لازاحة الستار والمساهمة  الجادة  في تدوين  التاريخ النضالي  لشعبهم الذي بقى خفيا على الكثير حتى اليوم .

انتهى