إيران: إعدام عبد الملك ريغي زعيم «جند الله» بعد إدانته بتهمة «المحاربة»

التنظيم يتعهد بالانتقام ويؤكد استمراره في المواجهات
جريدة الشرق الاوسط
القاهرة: خالد محمود
تعهد تنظيم جند الله السني المناوئ لإيران بالانتقام لأميره السابق عبد الملك ريغي الذي أعدمته السلطات الإيرانية على نحو مفاجئ فجر أمس في شرق البلاد بحضور 010414
عوائل ضحايا ومصابي العمليات التي نفذها التنظيم مؤخرا الذي يناضل منذ سنوات للحصول على حقوق السنة وأقلية البلوش في إيران.

وجاء إعدام ريغي بشكل يماثل تنفيذ حكم الإعدام بحق شقيقه عبد الحميد في الرابع والعشرين من الشهر الماضي بمدينة زاهدان مركز محافظة سيستان وبلوخستان جنوب شرقي إيران.

وقال تنظيم جند الله في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن ما سماه بـ«استشهاد ريغي» لن يفت في عضد التنظيم أو يجبره على التخلي عن أهدافه في مقاومة تعسف وظلم السلطات الإيرانية، مؤكدا في المقابل أن التنظيم الذي يقوده حاليا الحاج محمد طاهر بلوش قادر على تولي زمام الأمور والاستمرار بالحركة من أجل تحقيق أهدافها المرجوة.

وجاء إعدام ريغي الذي اعتقل في شهر فبراير (شباط) الماضي في تطور مفاجئ حيث عجلت السلطات الإيرانية بمحاكمته سرا ولم تبث أي لقطات لمحاكمته التي جرت في العاصمة الإيرانية وقالت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إنه تم إعدام ريغي أمس بناء على حکم أصدرته محكمة الثورة الإسلامية.وأعلن موقع المحكمة العامة والثورية الإيرانية أنه في أعقاب جلسة محاکمة عقدت بأحد فروع المحكمة في طهران برئاسة القاضي توحيدي فقد حكم على ريغي بالإعدام شنقا باتهام المحاربة والإفساد في الأرض بعدما ثبتت عليه 79 جريمة وفقا لمواد القانون 190، 191، 186، 185، 183 من قانون العقوبات المعمول به في إيران.وقالت مواقع محسوبة على السلطات الإيرانية على شبكة الإنترنت إن ريغي تم تبليغه بالحكم وإنه قبل بجميع التهم الموجهة إليه وطالب بالعفو الذي تم رفضه من رئاسة القوة القضائية في إيران. لكن مصادر في جند الله قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المعلومات مغلوطة وتستهدف فقط تشويه سمعة ريغي وظاهره بمظهر المستسلم للسلطات الإيرانية على حد تعبيرها.

واعتبرت المحكمة أن ريغي زعيم مجموعة إرهابية معادية للثورة في شرق البلاد قام من خلال تشكيل مجموعته المسلحة بعمليات قطع الطرق والسرقات المسلحة وزرع القنابل والعبوات في الأماکن العامة والهجمات المسلحة على القوات العسکرية والأمنية والأبرياء وعمليات القتل والجرح وإثارة الرعب والخوف وخطف الرهائن والتعاون مع الأجانب وتلقي مساعدات مالية واستخباراتية منهم.وبحسب موقع «عصر إيران» فقد أضافت المحكمة 12 تهمة جديدة إلى ريغي من بينها تشكيل وإدارة مجموعة إرهابية بهدف مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإثارة الفوضى بالإضافة إلى إصداره لأوامر في 15 عملية مسلحة لخطف الرهائن.

كما اتهم ريغي بالقيام بدعايات معادية لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر إجراء مقابلات متعددة مع أجهزة إعلام معادية للثورة فيما تمثلت التهمة الأخطر في إقامة علاقات مع عناصر الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية بمن فيهم ضباط الاستخبارات الأميرکية والإسرائيلية تحت غطاء حلف الناتو وبعض الضباط الاستخباراتيين في بعض الدول العربية والمجموعات والزمر المعادية للثورة خارج البلاد.

وقال موقع «عصر إيران» إن تنظيم جند الله تحت قيادة ريغي قام منذ عام 2003 بـ35 عملية خطف الرهائن من الرعايا الإيرانيين والأجانب و25 عملية ابتزاز وأکثر من 40 عملية مسلحة في قطع الطرق مما أسفر عن مصرع 154 من قوات الأمن وإصابة 320 شخصا بجروح.وكانت إيران قد اعتقلت ريغي في شهر فبراير الماضي في عملية مثيرة للجدل، حيث أعلنت أن أجهزة استخباراتها تمكنت من خطفه بينما كان يتجه بطائرة من مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة إلى قرغيزستان، لكن باكستان لمحت لاحقا إلى أنها ساهمت في اعتقاله في إطار تعاونها الأمني الواسع النطاق مع إيران.

يشار إلى أن إيران بثت في السادس والعشرين من شهر فبراير لعبد الملك ريغي أقر فيها بعلاقات مع أميركا و«أنه ارتكب الكثير من الجرائم بحق المدنيين الإيرانيين»، لكن مصادر في تنظيم جند الله شككت في المقابل في مصداقيتها وقالت إنها «محاولة فاشلة من أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية لربط تنظيم جند الله بالخلافات الأميركية الإيرانية»، مضيفة «أي مشاهد لتلك اللقطات المصورة التي ظهر فيها ريغي زعيمنا سيدرك حتما أنه ليس متزنا ولا في وضع طبيعي. لا بد أنهم أخضعوه للتعذيب أو حقنوه بمادة مخدرة لكي ينتزعوا منه تلك الأكاذيب التي يريدون من العالم تصديقها».وبحسب فيديو بثه التلفزيون الرسمي الإيراني «برس تي في» ظهر ريغي في لقطات أعدت بعناية ليقول إن المسؤولين الأميركيين زودوا تنظيمه بمختلف أنواع الأسلحة والقنابل ومعدات الاتصالات وقالوا له إنه لا مشكلة بين أميركا وتنظيم القاعدة.

وتواجه إيران توترا عرقيا ودينيا في إقليم سيستان وبلوخستان في جنوب شرقي البلاد حيث ردت السلطات على هجمات متمردين سنة بموجة من أحكام الإعدام. وأدان الغرب وجماعات لحقوق الإنسان أحكام الإعدام.وتقول إيران إن الجماعة السنية لها صلة بتنظيم القاعدة وتتهم باكستان وبريطانيا والولايات المتحدة بدعم الجماعة لزعزعة الاستقرار في جنوب شرقي إيران حيث يعيش الكثير من الأقلية السنية في البلاد. وتنفي الدول الثلاث دعم هذه الجماعة.

وعلى الرغم من مطالبتها للسلطات الإيرانية بتحسين أوضاع السنة المسلمين في إيران، فإن جماعة أهل السنة في إيران التي باركت في وقت سابق اعتقال ريغي، لم تعلق بعد على إعدامه، علما بأن الشيخ عبد الحميد الزهي المرشد الأعلى للجماعة قال في وقت سابق إنه لا يؤيد أسلوب العنف الذي ينتهجه تنظيم جند الله ودعا إلى الحوار السلمي لرفع الظلم عن السنة المقيمين في إيران.ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن بشير أحمد ريغي شيخ قبيلة ريغي قوله «أظهر الإعدام أن إيران لن تسمح للمجرمين باستغلال أراضيها.. بإعدام عبد الملك تم محو الوصمة المشينة عن قبيلتنا»، فيما قال عضو بارز في البرلمان إن إيران تعتزم إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية المعنية ضد بريطانيا والولايات المتحدة لدعم ريغي.وذكرت الوكالة نقلا عن برويز سروري عضو البرلمان «استنادا إلى اعترافات ريغي كان الأميركيون والبريطانيون يدعمون الممارسات الإرهابية التي ارتكبها في إيران».ويقع إقليم سيستان وبلوخستان الفقير قرب باكستان وأفغانستان. وزادت التفجيرات والاشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين سنة من البلوخ ومهربي مخدرات في السنوات الأخيرة بالمنطقة، ويرفض زعماء إيرانيون مزاعم جماعات غربية لحقوق الإنسان بتعرض أقليات عرقية ودينية في إيران للتمييز.

ويمثل البلوش الذين تربط الكثير منهم صلات بأقرانهم في باكستان وأفغانستان المجاورتين ما يقدر بما بين واحد وثلاثة في المائة من سكان إيران البالغ عددهم 70 مليون نسمة.

ويعيش كثير من الأقلية السنية بإيران في منطقة سيستان وبلوخستان الفقيرة بجنوب شرقي البلاد التي تقع قرب باكستان وأفغانستان، علما بأنها شهدت في السنوات الأخيرة تصعيدا للتفجيرات والاشتباكات بين قوات الأمن والمتمردين من السنة البلوخ ومهربي المخدرات.

* حقائق عن جماعة جند الله السنية – تقول إيران إن هناك صلة بين جماعة جند الله وتنظيم القاعدة، كما تتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان بمساندة الجماعة لزعزعة استقرار البلاد. وتنفي الدول الثلاث هذه الاتهامات.

– وتقول «جند الله» إنها تحارب طهران من أجل حقوق الأقلية السنية. وترفض إيران مزاعم جماعات لحقوق الإنسان بتعرض الأقليات العرقية والدينية للتمييز.

* تحالفاتها – قال عبد الملك ريغي في مقابلة أجريت معه عام 2007 إن جماعته تحارب طهران من أجل حقوق البلوش الذين يواجهون ما قال إنه «مذبحة جماعية» في إيران، لكنه نفى أن تكون الجماعة تروج لأي فكر انفصالي أو طائفي متشدد.

– ويقول المحلل الباكستاني أحمد رشيد المقيم في لاهور إن جماعة جند الله حولت تحالفاتها عدة مرات، وكان بين حلفائها طالبان وجهاز المخابرات الباكستاني الذي اعتبر الجماعة أداة ضد إيران.

* جذورها – تأسست «جند الله» التي تطلق على نفسها أيضا اسم الحركة الشعبية الإيرانية للمقاومة عام 2002، وبدأت حملتها المسلحة عام 2005.

– منذ أوائل عام 2005 سعت الجماعة لتوسيع عملياتها في إقليم سيستان وبلوشستان في جنوب شرقي إيران. ونفذت عمليات خطف، وفي الآونة الأخيرة هجمات انتحارية.

– ربما لا يصل عدد الأعضاء إلى 100 فرد مسلحين بالمتفجرات والاسلحة الصغيرة في إقليم سيستان وبلوشستان المتاخم لباكستان وأفغانستان.

– تعهد ريغي بمحاربة الحكومة الشيعية في إيران ما لم تتحسن الظروف الاقتصادية في الإقليم.

– ألقي القبض على ريغي في فبراير (شباط) عام 2010. وقالت قناة «برس تي في» الإيرانية الرسمية نقلا عن وزير الاستخبارات حيدر مصلحي إن ريغي كان موجودا في قاعدة عسكرية أميركية قبل 24 ساعة من إلقاء القبض عليه.

* هجماتها – في يونيو (حزيران) عام 2005، خطفت «جند الله» شهاب منصوري الضابط في الحرس الثوري، وأرسلت تسجيل فيديو له إلى قناة «العربية». قتل منصوري يوم 13 يوليو (تموز)، واتهمت إيران «جند الله».

– في 14 ديسمبر عام 2005 كانت هناك محاولة لاغتيال الرئيس محمود أحمدي نجاد أثناء زيارة إلى سيستان وبلوشستان. وتم اتهام جماعة جند الله أيضا بمسؤوليتها عن هذا الهجوم.

– في 2007 أعلنت «جند الله» مسؤوليتها عن عدة هجمات. وفي 14 فبراير قتل 11 من أعضاء الحرس الثوري في هجوم على حافلة بمدينة زاهدان عاصمة إقليم سيستان وبلوشستان.

– في ديسمبر (كانون الأول) عام 2008 وقع هجوم انتحاري في ساروان استهدف مقر القوات الأمنية. وكان هذا أول هجوم انتحاري في إيران ونفذه عبد الغفور ريغي أخو زعيم الجماعة.

– في 28 مايو (أيار) عام 2009 قتل انتحاري 25 شخصا وأصاب أكثر من 120 في هجوم استهدف مسجدا في زاهدان. وأعلنت «جند الله» مسؤوليتها عن الهجوم.

– في 18 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009 أسفر تفجير نفذته الجماعة عن سقوط 40 قتيلا. وكان بين القتلى 15 من أعضاء الحرس الثوري، منهم نائب قائد القوات البرية. وقالت «جند الله» إنها وراء هذا الهجوم الذي أوقع أكبر عدد من القتلى في هجوم بإيران منذ الثمانينات.

Check Also

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية علي شبيبي لعبت الاضرابات التي قام بها العاملون في …