مع قرب حلول الذكرى السنوية الأولى للأحداث التي واكبت الانتخابات الإيرانية التي أجريت في الثاني عشر من شهر حزيران / يونيو عام 2009، بدأت وسائل الإعلام الأجنبية تهتم بما آلت إليه الأوضاع في البلاد بعد مرور عام على تلك الأحداث التي سطَّرت حلقة مهمة في تاريخ البلاد الحديث، ونظرتها كذلك لما يتوقع حدوثه مع حلول تلك الذكرى التي يكتنفها الكثير من الترقب والحذر داخل البلاد وخارجها على حد سواء.
يعدّ موقع “ذا ميديا” لاين الأميركي المهتم بالشؤون الشرق أوسطية تقريراً مطولاً ينقل فيه عن بعض المحللين قولهم إنه وعند حلول يوم الثاني عشر من شهر حزيران / يونيو الجاري، سيواجه الرئيس أحمدي نجاد مرة أخرى اختباراً هائلاً بالنسبة إلى شرعية حكومته في مواجهة حركة معارضة مشحونة ومتحدية قد تبادر بالنزول إلى الشارع مرة أخرى، وسط تساؤلات عن إمكانية حدوث ذلك من عدمه.
وفي مستهل الحديث، يُذكِّر الموقع بحركة الاحتجاج الجماعية التي نشبت في أعقاب التقارير التي أشارت إلى وقوع عمليات تزوير في انتخابات الرئاسة الأخيرة، وهي الاحتجاجات التي لم يسبق للبلاد أن شهدت مثيلاً لها منذ الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979. وخلال تلك الأعمال الفوضوية، لاقى العشرات مصرعهم، وتعرض المئات للإصابة بجروح مختلفة. ورغم الجهود الحكومية الواسعة والمنظمة لقمع “حركة المعارضة الخضراء”، إلا أن المعارضة ظلت محتفظة بقوتها لعدة أشهر، لدرجة أنها فاقت توقعات الحكومة، والمحللين، وربما حتى قادة المعارضة أنفسهم.
ورغم عودة الحياة نوعاً ما إلى طبيعتها في طهران، إلا أن المحاكمات، والاعترافات الإجبارية، وإصدار أحكام بإلقاء القبض على المئات من المحتجين المعارضين على مدار العام المنقضي، كانت جميعها أحداثا أبقت على حيوية الحركة الاحتجاجية، وإن اتسم نشاطها بالهدوء. ويتردد، بحسب الموقع، أن الشرطة الوطنية تتحضر منذ عدة أسابيع لاستقبال تلك الذكرى السنوية الأولى لانتخابات العام الماضي الرئاسية، وأن الشرطة قد عززت تواجدها في معظم المدن الإيرانية الكبرى.
وفي خطوة وُصِفت بأنها محاولة من قِِبل الحكومة لإجراء مصالحة، أعلن الأسبوع الماضي آية الله علي خامنئي عن إطلاق سراح 81 من ناشطي “الحركة الخضراء” الذين تم اعتقالهم خلال الاضطرابات التي تلت الانتخابات. وفي حديث له مع الموقع، يقول دكتور أوتوليغي ايمانويل، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “لا أتوقع أن يمر يوم الثاني عشر من الشهر الجاري بهدوء على الجمهورية الإسلامية. وذلك في الوقت الذي يستعد فيه النظام لتلك المناسبة منذ مدة طويلة.
وبينما يمكن النظر إلى واقعة إطلاق سراح المعتقلين على أنها إيماءة، تسير معظم التصرفات الأخرى في الاتجاه المعاكس. وكان من المفترض أن يبعث الإعدام الأخير للمعارضين الأكراد بإشارة ترهيب قوية إلى المعارضة. جنباً إلى جنب مع استمرار الاعتقالات، والمضايقات، والتخويف بالوكالة، وإغلاق المطبوعات الإصلاحية. والقيام في الوقت ذاته أيضاً بتشديد الرقابة الحكومية على الانترنت”.
بينما قال حسين مغتادري، طالب إيراني مُقرَّب من حركة المعارضة الخضراء إن إطلاق سراح 81 معتقلاً، كان أسلوباً دعائياً من جانب النظام. وتابع في هذا السياق بقوله :” تتعامل الحكومة الإيرانية مع عملية حقيقية لنزع شرعية قوتها في أعقاب انتخابات الثاني عشر من حزيران/ يونيو عام 2009. وهم إذ يستغلون كل مناسبة ممكنة لإظهار حسن نواياهم، وموقفهم الإسلامي الإيجابي في الحكم، وكذلك الشرعية الدينية”.
وهو الرأي نفسه تقريباً الذي عبَّر عنه كيانوش سانغاري، الناطق باسم رابطة السجناء السياسيين الإيرانيين، حيث قال: “هذا هو الأسلوب القديم نفسه . فالقائد الأعلى يريد أن يصور نفسه على أنه ذلك الشخص الحنون والمتسامح، لكن الناس على دراية جيدة بما يحدث، ويتذكرون من أَمَرَ بتنفيذ عمليات القتل الجماعي لأبرياء ومتظاهرين سلميين في الشارع”. ثم مضى سانغاري ليبدي في تشككه في أن يكون للاحتجاجات السنوية قيمة كبرى، لاسيما وأن معظم الناشطين السياسيين والصحافيين يقبعون الآن في السجن، ويتعرضون للتعذيب والضغوطات، مع عدم وجود أي وسائل إعلام حرة في البلاد.
وقال بوتكين أزارميهر، مدون إيراني، إنه من غير المعقول توقع اندلاع تظاهرات كبرى في الشوارع بالنظر إلى الارتفاع الحالي في مستويات الأمن والقمع الذي تفرضه البلاد. وأشار بوجان زيائي، أحد المسؤولين الاستراتيجيين الذين سبق لهم العمل مع مهدي كروبي، إلى أنه أكثر تحفظاً في تنبؤاته الخاصة بالذكرى السنوية الأولى لانتخابات الرئاسة، والتي ستحل الأسبوع المقبل، وقال :” أعتقد أن الحركة قد تم قمعها وأن الوقت الخاص بالتظاهرات المخطط لها قد انتهى”.
واستبعد د.سيد محمد ماراندي، المحاضر في جامعة طهران، وقوع أي أعمال محتملة في الذكرى السنوية للانتخابات. وأضاف “لا أعتقد أن أحداً يشعر بالقلق، ولا أعتقد أن أي شيء ذو أهمية في واقع الأمر سيحدث في الثاني عشر من حزيران/ يونيو الجاري. فتلك الحركة التي يُطلَق عليها الحركة الخضراء قد توفيت منذ فترة طويلة الآن، ما عدا في واشنطن العاصمة”.
وعلى صعيد متصل، تؤكد اليوم صحيفة “الغارديان” البريطانية أن الجمهورية الإسلامية تعيش الآن في فوضى كبرى لم يسبق أن شهدتها من قبل، وذلك بعد مرور عام على الانتخابات الرئاسية المزورة. وتطرح الصحيفة في سياق حديثها فرضية تقول “ماذا لو فاز موسوي في الانتخابات الأخيرة ؟ “، وبعدها تمضي لتبرز في هذا الجانب حقيقة مرور البلاد الآن بعملية إعادة ترتيب على الصعيد السياسي.
وترى الصحيفة، بحسب وجهة نظرها، أن مير حسين موسوي كان الرجل المناسب في الوقت المناسب للجمهورية الإسلامية، فهو أحد الثوريين السابقين المؤهلين لتوجيه إيران من خلال التقارب مع بيت أبيض مختلف بشكل ملحوظ. وبعيداً عن الاختلافات السياسية، تلفت الصحيفة إلى أن صورة الجمهورية الإسلامية كانت ستستفيد بشكل كبير من رئاسة موسوي للبلاد. وتشير هنا إلى أن انتخاب شخصية إصلاحية تقدمية من الناحية الاجتماعية كان سيصب في صالح الشرعية المتصورة للبلاد.