توقع قيادي بارز في القائمة العراقية التي يقودها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي والتي حلت أولاً في الانتخابات التشريعية الاخيرة أن تتسبب علمانية علاوي، التي كانت سبباً رئيساً في فوزه، بخروجه خالي الوفاض من التشكيلة الحكومية. وقال القيادي -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- إن علاوي سيكون “الخاسر الأكبر” في ظل عملية
سياسية تشير معظم التوقعات الى أنها ماضية باتجاه العودة الى مربع المحاصصة الطائفية. وكانت القائمة العراقية قد حلت أولاً في الانتخابات التي جرت في شهر مارس (آذار) بعد ان حصدت 91 مقعداً من مقاعد مجلس النواب القادم متقدمة بفارق مقعدين عن قائمة رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي.
ورغم فوز علاوي إلا أنه لم يتمكّن من حصد ما يكفي من الاصوات لتشكيل حكومة بمفرده. وسيتعين على علاوي البحث عن حلفاء لضمان تحقيق الاغلبية المطلوبة داخل مجلس النواب القادم والبالغة 163 مقعداً، حيث سيكون عدد مقاعد المجلس القادم 325 مقعداً.
ويواجه علاوي صعوبة كبيرة في تشكيل تكتل كبير خاصة بعد ان تمكّن الحليفان التقليديان، وهما تحالف دولة القانون بزعامة المالكي وتحالف الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم احزاباً شيعية، من أحياء التحالف القديم بينهما في محاولة لسحب البساط من تحت قدمي علاوي والوقوف أمام تقدمه بالانتخابات الاخيرة وتشكيل الحكومة حيث ينص الدستور العراقي على أحقية الكتلة النيابية الاكبر في تشكيل الحكومة.
وتواجه الكتل جميعاً الآن خلافات عميقة في وجهات النظر في تفسير المادة الدستورية المتعلقة بالكتلة البرلمانية الاكبر.
وأدت عملية إحياء الائتلاف الشيعي الى إثارة مخاوف من احتمال أن يؤدي هذا التطور الى إعادة العملية السياسية برمتها الى مربع الاصطفافات الطائفية وما قد يسببه من عودة الاحتقان السياسي الطائفي الذي كان سبباً رئيساً في الاقتتال الطائفي الذي شهده العراق في السنوات الماضية وتسبب بمقتل عشرات الآلاف من العراقيين وكاد يؤدي بالبلاد الى أتون حرب أهلية.
وتوقع القيادي في قائمة علاوي أن تؤدي عملية العودة للاصطفاف الطائفي الى اعتبار قائمة علاوي “مع مرور الوقت على انها القائمة السنية من أجل ملء فراغ المكون السني” والذي تسبب به الناخبون السنة العرب انفسهم عندما صوتوا للقائمة العراقية التي تضم خليطاً من المرشحين السنة والشيعة والتخلي عن الاصطفاف الطائفي في عدم التصويت لقائمة التوافق التي كانت تمثل المرجعية السياسية للسنة العرب للسنوات الاربع الماضية والتي لم تحصل سوى على ستة مقاعد فقط.
وتحدّث القيادي عما يمكن ان تؤول اليه العملية السياسية داخل مجلس النواب القادم في ظل وجود تكتل شيعي وآخر كردي وعدم وجود تكتل للمكون السني، وقال “في ظل عملية سياسية تشير كل التوقعات إلى أنها تسير باتجاه التكتل الطائفي بالنتيجة فإن القائمة العراقية ستتحول الى كتلة سنية في الممارسة والتطبيق داخل البرلمان”.
وقال القيادي “أي اصطفافات طائفية ستضع علاوي في وضع حرج.. فالشيعة في القوائم الاخرى لا يعتبرونه شيعياً ويعتبرونه سنياً لأنه بات يمثل الى حد ما قائمة سنية بينما ينظر اليه حلفاؤه السنة على انه شيعي لأنه من اصول شيعية”.
وأضاف “وهكذا فإن علاوي في نهاية المطاف سيخرج خالي الوفاض، فالقادة السنة في العراقية يدركون أن علاوي لن يكون رئيساً للوزراء وهم في نفس الوقت لن يسمحوا بمنح علاوي اياً من المناصب التي ستوزع بطريقة المحاصصة الطائفية على اعتبار انه شيعي”.
وكان رئيس الحكومة نوري المالكي قد اعترف في كلمة ألقاها خلال استقباله السبت وفداً عشائرياً بأن الحكومة القادمة ستشكل “على اساس الانتماءات الطائفية المذهبية وليس على اساس المواطنة”.
وقال المالكي بشيء من المرارة إنه كان يتوقع ان يتم تشكيل حكومة قادمة على أساس المواطنة “لكننا لم نتمكن من تحقيق ذلك بالقدر المطلوب”.
وأضاف “هذا يعني اننا بحاجة الى دورة (انتخابية) اخرى وولاية ثانية حتى نستمكل عملية بناء وتأسيس حكومة لا تقوم على اساس الانتماءات الطائفية والمذهبية”.
ورغم الاعلان المتكرر للمالكي بأنه يسعى الى بناء تكتل يبتعد عن الانتماءات الطائفية والعرقية ويستند الى المواطنة إلا ان عودته للانضمام الى التحالف الشيعي بعد خسارته للانتخابات الاخيرة كان يبدو أنها أمر حتمي لغلق الطريق امام العراقية للفوز بتشكيل الحكومة.
ورغم تأكيد مراقبين سياسيين أن الانتخابات الاخيرة اظهرت وبشكل جلي سعي جمهور واسع من الناخبين العراقيين للتحرر من هيمنة الطائفية على المشهد العراقي في السنوات الماضية الا أنهم عبروا عن خشيتهم من أن تؤدي مرحلة ما بعد الانتخابات الى إجهاض هذا المسعى وهو تطور سيطيح مرة أخرى بدعاة التحرر من الطائفية وفي مقدمتهم علاوي.
وقال حازم النعيمي المحلل السياسي إن اعتبار قائمة علاوي بالسنية “احتمال فيه شيء من الواقعية”.
وأضاف أن عودة مشهد التخندقات الطائفية التي تجري الان “قد تكون تطوراً مضراً لعلاوي وسبباً في تراجع حظوظه بشكل كبير لأن الصبغة التي اصطبغت بها قائمته سُنية”.
ورغم مرور ما يقارب شهرين على إعلان نتائج الانتخابات إلا أن التشاحنات السياسية وعملية إعادة الفرز جعلت العملية السياسية العراقية تدور في حلقة مفرغة. ولم تصادق المحكمة العراقية العليا على نتائج الانتخابات حتى الآن.