بقلم ناجي الساعدي-تحدث الرئيس الامريكي باراك اوباما الى شعب الامريكي في العاشر من شهر سبتمبر الحالى في خطاب متلفز استمر نحو خمسة عشر دقيقة. و تضمن الخطاب موقف الولايات المتحدة الامريكية من الضربة العسكرية المحدودة ضد النظام السوري و الاشارة الى المنحنى الخطير و التطورات الميدانية الاخيرة المتمثلة باستخدام نظام بشار الاسد الاسلحة الكميائية ضد المئات من العزل من ابناء الشعب السوري ،
حيث قال الرئيس : “في السنتين الماضيتين بداءت سلسلة من الاحتجاجات السلمية ضد نظام الاسد القمعي ، لكن سرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات الى حرب اهلية شرسة حيث المئات من القتلى و الملائين من المشردين الذين فروا من البلاد. حينها شرعت الولايات المتحدة و حلفاءها على العمل من اجل تقديم دعم انساني و مساعدة للمعارضة المعتدلة على تسوية سياسية ، لكنني قامت طلب اللجوء الى الخيار العسكري ، لاننا نستطيع حل الازمة من الخلال القوة العكسرية خصوصا بعد عقد من الحروب في كل من افغانستان و العراق. لكن الوضع تغيرا جذريا في الواحد و العشرين من اغسطس المنصرم عندما اقبل نظام بشار الاسد على استخدام الاسحلة الكيمائية. كما و اشار, اننا ننسق و نعمل مع بريطانيا و فرنسا و روسيا و الصين للضغط على النظام من اجل يتخليه عن اسلحته الكيمائية و تدميرها .” في هذا الجزء من خطاب الرئيس نستطيع ان نلمس حذر الولايات المتحدة الامريكية في التعامل مع الازمة السورية في نقطتين.
اولا: يتخوف الشعب الامريكي من انه الضربة العسكرية المحدودة ضد نظام بشار الاسد قد تجر البلد الى حرب شاملة جديدة تضاف الى الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة و التي كلفت البلد خسائر مالية و بشرية طائلة. هذا ما خلص اليه مشروع “تكاليف الحرب” في جامعة براون في الولايات المتحدة الامريكة الى ان 190,000 شخص قتلوا في السنوات العشرة الماضية منذ ان بداءت الحرب في العراق. كما انه الحرب سوف تكلف 2.2 ترليون دولار بما في ذلك رعاية المحاربين القدامى في حلول عام 2053 متجاوزا في ذلك التقديرات الحكومية الاولية من 50 الى 60 مليار دولار وفقا لتقرير جديد في مشروع “تكاليف الحرب” في معهد واتسون للدراسات الدولية في جامعة براون. بالاضافة الى ذلك، المشاكل الاقتصادية التي مرتها بها الولايات المتحدة و التي استدعت الى خفض الميزانية الحكومية للتعليم و الضمان الاجتماعي و غيرها من المشاريع الاخرى، ادى الى خسارة الكثيرين لوضائفهم عندها توجة اصابع الاتهام نحو الحرب و تكلفتها الهائلة و من هاذا المنطلق فانه الشعب الامريكي لا يريد لهاذه الوضع ان يعود بعد ان اخذ اقتصاد البلد بالانتعاش شيئاً فشيئاً.
ثانيا: كان و لازال الصراع فيما بين القوى العظمى في حقيقة الامر هو صراع على بسط النفوذ السياسي و العسكري في العالم خصوصا في المناطق التي تكثر بها الاظطرابات. فعلى سبيل المثال، يعتبر نظام بشار الاسد حليف استراتيجي و عسكري لروسيا حيث ان الاخيرة تتخذ من ميناء طرطوس على ساحل البحر المتوسط قاعدة بحرية لها هناك و يعتبر التدخل الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكة بمثابة انهاء لذلك التواجد و النفوذ خصوصا بعد ان حسمت الولايات المتحدة كثير من قضايا الشرق الاوسط و دول الربيع العربي لصالحها و لصالح حلفاءها في المنطقة ، ف سوريا اليوم تعتبر ساحة صراع ما بين روسيا و الصين و حلفاءهم من جانب و الولايات المتحدة الامريكية و حلفاءها من جانب اخر. و يبدوا ان الحكومة الامريكية تدرك هذا الوضع تماما خصوصا بعد ان سحب الرئيس اوباما طلب كان قد تقدم به للكونجرس حول الضربة العسكرية الامريكية. من هنا يبدوا واضحا ان الادارة الامريكية لا تستطيع توجيه ضربة عسكرية نظرا لحساسية الظروف هناك كما انها لا تريد ان تخسر خيوط اللعبة في الازمة السورية ايضا، فهية تارة تلوح بالعمل العسكري و تارة اخري بالتنسيق مع المجتمع الدولي لذلك نرى الخيار الدبلوماسي هو سيد الموقف في هذه الرحلة و هاذا من نستطيع استنتاجه من الخطاب الرئاسي الحذر !