رسالة وفاء ونضال: خريج أهوازي في بريطانيا يهدي أطروحته للدكتوراه إلى معتقلي الرأي

رسالة وفاء ونضال: خريج أهوازي في بريطانيا يهدي أطروحته للدكتوراه إلى معتقلي الرأي

في مشهد يُجسد أسمى معاني الوفاء والنضال، أهدى الناشط الحقوقي والباحث الأكاديمي قصي الدورقي، وهو أحد أبناء الشعب العربي الأهوازي، أطروحته للدكتوراه إلى معتقلي الرأي في الأهواز، في خطوة لافتة حملت رسالة تضامن مع مناضلي الحرية وحقوق الإنسان. قصي، الذي تخرج من جامعة Brunel University of London بدرجة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية، ركّز في أطروحته على موضوع حيوي بعنوان “المولدات الكهروحرارية المستخدمة لاستعادة الحرارة المهدرة في صناعة الطيران”، مساهمًا في تقديم حلول مبتكرة لتعزيز كفاءة الطاقة.

قصة نجاح ومقاومة

بدأت رحلة قصي في المملكة المتحدة عندما وصل إليها في أواخر عام 2015، حاملًا معه طموحات كبيرة ورغبة في تحقيق التميز العلمي. بعد عامين من العمل الجاد، التحق بجامعة Brunel لدراسة الهندسة الميكانيكية، حيث برز كأحد الطلاب المتفوقين، محققًا درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف الأولى في عام 2020. لم يتوقف قصي عند هذا الحد، بل حصل على منحة دراسية مكنته من مواصلة رحلته العلمية للحصول على الدكتوراه.

أطروحة مُهداة للحرية

وفي لحظة امتزجت فيها مشاعر الإنجاز بالمسؤولية الوطنية، قدّم قصي أطروحته كرسالة وفاء وإجلال لأسماء رُسخت في ذاكرته وقلبه، أولئك الذين يقبعون خلف القضبان بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية. من بين الأسماء التي أهدى إليها قصي أطروحته: حمزة سواري، عبد الزهراء هليچي، يحيى الناصري، عبد الإمام زايري، ناظم بريهي، علي طرفي، أمير معاوي، الأخوين مختار وجابر البوشوكة، محمد علي العموري، عباس حيدري، جابر صرخاوي، مهدي حلفي، عبد الله چلدواي، عباس دريس، ويوسف سيلاوي.

وعن هذا الإهداء، قال قصي: “هذه الرسالة ليست فقط نتاج سنوات من البحث والدراسة، بل هي صرخة أمل موجهة لكل معتقل رأي في الأهواز. هؤلاء الأبطال هم مصدر إلهامي، وكل إنجاز أحققه هو امتداد لنضالهم وصمودهم.”

ناشط حقوقي في المحافل الدولية

إلى جانب تفوقه الأكاديمي، يُعرف قصي بعمله الحقوقي ونشاطه البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان. فهو عضو في منظمة حقوق الإنسان الأهوازية (AHRO)، التي تأسست عام 1998 لرصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب العربي الأهوازي والقوميات الأخرى في إيران. في عام 2023، مثّل قصي المنظمة في الدورة السابعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث ألقى كلمة دعا فيها المجتمع الدولي إلى الضغط على النظام الإيراني لوقف انتهاكاته ضد الشعب العربي الأهوازي، مشددًا على ضرورة حماية حقوقهم، وخاصة الحق في التعليم باللغة الأم، والحفاظ على ثقافتهم وتراثهم.

وأكد قصي خلال مشاركته في جنيف على أهمية تسليط الضوء على الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها السلطات الإيرانية ضد الشعب العربي الأهوازي، ودعا إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان العدالة والمساواة.

رسالة إلهام للأجيال القادمة

إن مسيرة قصي الدورقي تعكس نموذجًا مُلهمًا للشباب العربي الأهوازي، فهو لم يكتفِ بتحقيق التفوق الأكاديمي، بل جعل من علمه منبرًا للنضال من أجل قضية شعبه. جمع قصي بين العقل والضمير، بين العلم والنضال، ليُثبت أن النجاح الأكاديمي يمكن أن يكون أداة للتغيير والمساهمة في القضايا الإنسانية.

إن قصته رسالة لكل من يحمل همّ قضية أن الإرادة والعمل الجاد قادران على تحويل الأحلام إلى واقع، وأن الدفاع عن الحقوق يمكن أن يكون جزءًا لا يتجزأ من أي إنجاز شخصي. قصي الدورقي ليس فقط خريجًا متفوقًا، بل هو صوت مناضل يصر على أن العلم والنضال شريكان في طريق الحرية.

شاهد أيضاً

الحكمة والاستراتيجية في نضال الشعب الأهوازي نحو الحرية

منصور الأهوازي: الحكمة والاستراتيجية في نضال الشعب الأهوازي نحو الحرية في أحدى أهم مقابلاته على …