الذكرى الثانية لانتفاضة المرأة، الحياة، الحرية  

الذكرى الثانية لانتفاضة المرأة، الحياة، الحرية

جابر احمد

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثانية لانطلاقة المظاهرات الشعبية التي انطلقت في أكتوبر من عام 2022 والمعروفة باسم انتفاضة “زن، زندگی، آزادی”، أي المرأة، الحرية، الحياة. وكان السبب الرئيسي الكامن وراء اندلاع هذه الانتفاضة هو مقتل الشابة الكردية “مهسا أميني” على يد عملاء ما يسمى بدوريات “الإرشاد” التابعة لنظام ولاية الفقيه وأجهزته الأمنية المعادية للحريات العامة. وكان التستر على هذه الجريمة النكراء وإخفاؤها من قبل النظام قد شكّل الأرضية الأساسية لانطلاق هذه الاحتجاجات الواسعة التي عمّت معظم المدن والشوارع الإيرانية.

 

إن الظروف الموضوعية والذاتية لبدء هذه الاحتجاجات الشعبية العامة هي نفس الظروف التي حصلت عامي 1997 و1998، ومئات الإضرابات والحركات الاحتجاجية للعمال والكادحين والمتقاعدين من مختلف القوميات. وخلافًا لما تدعيه أجهزة النظام الإعلامية وبعض الجهات الإعلامية الموالية له، فإن هذه الاحتجاجات ليست بسبب تدخلات الدول الأجنبية كما يدعي النظام، وإنما هي نتاج السياسات المفجعة التي ينتهجها نظام ولاية الفقيه في شتى المجالات والمستمرة حتى يومنا هذا. ولعل أبرز معالمها سياسة القمع المستمرة ضد النساء، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية، وخاصة تلك المرتبطة بالظروف المعيشية لعدد واسع من المواطنين المحرومين في إيران، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الفساد على نطاق واسع في الأجهزة الحكومية والمؤسسات المرتبطة بها، مثل الحرس الثوري وقادة النظام، والتي باتت مكشوفة للجميع.

 

إن ما يميز هذه الانتفاضة عن غيرها من الانتفاضات التي انطلقت خلال العقود الأربعة الماضية هو الدور الأساسي والمحوري للمرأة على جميع المستويات، بدءًا من الشوارع إلى المدارس والجامعات، الأمر الذي يعتبر تحديًا لقوى النظام وأجهزته الأمنية والقوى الموالية لها. كما أن هذه الانتفاضة تعتبر منعطفًا هامًا في مسيرة نضالات المرأة من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

 

لقد كشفت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وامتناع عدد كبير من المواطنين، وخاصة من أبناء الشعوب غير الفارسية، عن المشاركة فيها، أن الشعارات التي رفعها نظام ولاية الفقيه مثل الحرية و”لا شرقية لا غربية جمهورية إسلامية” قد ثبت زيفها، وأنها مجرد محاولة للضحك على الذقون. كما أن شعاراته حول محاربة “الشيطان الأكبر” وإزالة إسرائيل من الخارطة العالمية هي خير دليل على زيف ادعاءات الجمهورية الإسلامية في إيران. من هنا، فإن جماهير شعبنا العربي الأهوازي، مدعومة من القوميات وجميع الفئات الإيرانية المتضررة من هذا النظام، سيواصلون النضال من أجل إسقاط نظام ولاية الفقيه وإقامة نظام لا مركزي ديمقراطي بديل، والنصر حليف الشعوب المناضلة.

Check Also

نظرة على مضمون معاهدات أرضروم  

نظرة على مضمون معاهدات أرضروم بقلم: د. عبد الله حویس (أستاذ التاريخ والاستشراق بجامعة بوخوم …