19/05/2024

مقتطفات من مذكرات إبراهيم يزدي، أول وزير خارجية إيراني بعد سقوط نظام الشاه.

حابر احمد

سبق وأن ترجمت مقتطفات من مذكرات إبراهيم يزدي عندما كان في باريس تحت عنوان “أسرار الثورة الإيرانية بين ما هو معلن وما هو خفي” والآن ننشر مقتطفات من مذكراته بعد عودته إلى إيران في 1979.
“يقول يزدي عندما وصلت إيران في عام 1979، ذهبت لرؤية المرحوم المهندس مهدي بازرگان الذي كان رئيسًا للوزراء آنذاك، وتحدثنا عن احتمال وقوع حرب بين إيران والعراق. سألته: ‘هل بالإمكان حقًا تجنب وقوع مثل هذه الحرب؟’ وأثناء ذلك، نقل لي بازركان قصة مريرة ومحزنة وفي هذا الصدد أرى من الضروري أن يطلع عليها الشعب الإيراني والأجيال الحالية القادمة.
فقال لي إن الخميني دعا الجيش العراقي للإطاحة بنظام صدام حسين وذلك قبل خمسة أشهر من بدء الحرب وعاد التأكيد على ذلك في خطبه عدة مرات، بما في ذلك في 30 آذار عام 1997 حيث تصدرت دعوته للجيش العراقي ونشرت هذه الدعوة بعنوان كبير وعلى الصفحة الأولى من صحيفة كيهان الحكومية. وعندها طلب مني مجلس قيادة الثورة الإيرانية عقد جلسة لمناقشة هذا التصريح وعندما حضرت الجلسة، لاحظت من بين الحضور وجود السيد دعائي، سفير إيران في العراق بعد سقوط النظام. وأثناءها تحدث دعائي في هذا الاجتماع قائلًا أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، تم استدعاؤه مرارًا وتكرارًا إلى وزارة الخارجية العراقية حيث احتجت السفارة على تصريحات الخميني للتدخل في شؤون العراق الداخلية وإلى بث الانقسام والفرقة داخل المجتمع العراقي ولكن في الأسبوع الماضي، استدعاني صدام حسين نفسه واثناء ذلك طرق إلى تصريحات الخميني وتدخلاته، ثم قال: ‘لم يعد هذا الوضع مقبولًا بالنسبة لي وللشعب العراقي. اذهب إلى طهران وقال الخميني: أنا كنت أول من اعترف بالجمهورية الإسلامية وأقر بها بشكل رسمي. وإذا كنتم ترغبون، فسأذهب شخصيًا إلى إيران لحل الخلافات من خلال المفاوضات. وإذا لم تكونوا مستعدين للمفاوضات معي، فسوف أرسل وفدًا رفيع المستوى إلى إيران، أو يمكنكم إرسال وفد إلى العراق لحل الخلافات.”

وفي نهاية الاجتماع، تقرر أن يذهب كل من دعائي، يرافقه المهندس بازرگان والدكتور بهشتي، للقاء الخميني لكي يوضح له ما دار بين دعائي وصدام. وفعلاً، خميني وافق على استقبال دعائي وبازرگان، وعندما اجتمعوا به شرح له دعائي ما دار بينه وبين صدام من حديث وتهديد صدام حسين في حال استمر التدخل في الشؤون الداخلية للعراق. عندها قال خميني له: “لا تعيرون اهتمامًا لكلام صدام، ويجب على الجيش العراقي أن يثور ضد صدام حسين.” ثم، بعد ذلك، بدأ المهندس بازرگان يشرح للخميني تبعات الحرب وما ينتج عنها.
بعد ذلك، تحدث الدكتور بهشتي مؤيدًا كلام بازرگان وعلى ضرورة عدم الاندلاع أي حرب مضيفًا: “يجب علينا أن نصدر الثورة بأي ثمن كان.” وفي هذه الأثناء، غادر خميني الغرفة دون أن ينتظر الرد. بعد الانتهاء من هذا الاجتماع، وفي طريق عودتهم إلى مجلس قيادة الثورة، قال دعائي وهو يبكي: “أقسم لكم بالله أن صدام حسين سوف يهاجمنا ولا أحد يستطيع فعل شيء!” وفعلاً، بعد فترة من الزمن، هاجم العراق إيران، وأطلق على الحرب اسم “الحرب المفروضة.” لكن الخميني وبعد مقتل وإصابة ما يقرب من مليون إيراني، وافق في نهاية المطاف على “تجرع كأس السم” ووافق على وقف إطلاق النار، ولكن بعد تكاليف تجاوزت المئات من المليارات من الدولارات، وتدمير المدن، ومقتل الآلاف من الآباء والأبناء من الجانبين، عاد وقال: إن “الحرب كانت نعمة” غير آبه أن هذه
الحرب قد حولت الدولتين المجاورتين إلى أنقاض، وجعلت كردستان ومعظم المدن الإيرانية الأخرى تعيش في الفقر والبؤس المدقع.