29/04/2024

خنق المضيق:

استراتيجية إيران للصراع مع الغرب
بينما صرح القادة العسكريون، الأمنيين والسياسيين في إيران بأن قدرة هذا البلد قد تجاوزت الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط،، وباتت لاعبا دوليا بفعل تواجدها العسكري والأمني والأيديولوجي في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. تعززت خلال السنوات الماضية قدرة هذا البلد على التأثير الإقليمي والدولي من خلال تحالفاتها مع ما تسميه محور المقاومة، بل وتجاوزت ذلك بحضورها في أمريكا اللاتينية. في هذا السياق يأتي تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين إسلامي في السابع والعشرين من فبراير الماضي، في اجتماع له مع قوات الحرس الثوري في مدينة عبادان، ذات الأغلبية العربية والمطلة علي الخليج العربي: “يجب على الدول الغريبة أن تكون حذرة في تعاملها مع إيران، لأن وجودها مكفول بالاعتماد على النفط والأمن” مضيفا بأن إيران تهيمن على الممرات المائية حيوية مثل مضيق “هرمز” و “مضيق باب المندب”، و “البحر الأحمر” والتي يمر عبرها نحو 40 % من إمدادات النفط العالمية.
وبالتالي، فإن إيران تمتلك القدرة على تهديد الأمن الاقتصادي العالمي من خلال استهداف السفن التجارية وتأمين مرور النفط عبر هذه الممرات المائية. من الواضح أن إيران تستخدمها كوسيلة لممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على الدول الغريبة والعالم بأسره. وبالتالي، نتساءل في هذا المقال بعدد تفكيك الحالات المختلفة لهذه الممرات المائية، ماذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يفعل وأي الاستراتيجيات يتبنى لضمان التصدي لهذه الأنشطة وبالتالي حماية حرية الملاحة والتجارة العالميين في المنطقة واستقرار الاقتصاد العالمي.
مضيق هرمز:
السيطرة الإيرانية على مضيق “هرمز” ومنطقة البحر العربي يسلط الضوء على أهم الأهداف التي تتبعها إيران لتحقيق مشروعها في المنطقة. حيث عبر هذه السيطرة الجغرافية والسياسية وحتى العسكرية إيران تمتلك وسيلة فعالة لممارسة الضغط على الدول الخليج العربية، والمجتمع الدولي بشكل عام. وبالنظر إلى أهمية مضيق هرمز كممر بحري رئيسي لنقل النفط العالمي، فإن سيطرة إيران عليه يمكن أن يمنحها قدرة كبيرة على التأثير على أسعار النفط واقتصاد العالمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تواجد إيران في بحر عمان وبحر العرب يرفدها أيضا بقدرة على توجيه التهديدات والضغوط على السفن التجارية والنفطية، مما يعزز من تأثيرها وقدرتها على تحقيق أهدافها الإقليمية. من الواضح أن استراتيجية إيران تتمحور حول استخدام التهديدات البحرية لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية.
مضيق باب المندب:
من المعروف أن إيران تولي اهتماما كبيرا لمضيق “باب المندب” ولمنطقة البحر الأحمر، نظرا لأهميتها الاستراتيجية كمضيق بحري رئيسي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. وبالفعل، فإن دعم إيران لمجموعات الحوثيين في اليمن يعزز من تواجدها وتأثيرها في هذه المنطقة الحيوية. ويشمل هذا مراقبة مضيق هرمز وتوسيع نفوذها إلى باب المندب. بالفعل، كما أنها من خلال هذا التواجد تستغل نفوذها لزيادة الضغط على إسرائيل وتحقيق مكاسب استراتيجية. وبالنظر إلى أهمية الممرات المائية للاقتصاد الإسرائيلي، فإن السيطرة على باب المندب يمكن أن يمثل تهديدا مباشرا على الأمن الاقتصادي والاستراتيجي لإسرائيل.
البحر الأبيض:
بنفس السياق ومنذ بداية الثورة الإيرانية في ١٩٧٩ سعت إيران لتصدير الثورة في المنطقة، وعمدت من خلالها لتعزيز مشروعها الجيوسياسي المحكم من أجل رسم الهلال الشيعي والذي يمر عبر العراق وسوريا ولبنان وصولا لشواطئ البحر الأبيض المتوسط للهيمنة عليه، ويهدف هذا التوجه لتحقيق هدفين أساسيين، الأول، تعزيز نفوذها الإقليمي، ودعم حلفائها مثل سوريا ولبنان، وتوسيع الضغط على دول الخليج والدول العربية الأخرى، الأمر الثاني، كما أسلفنا أعلاه بالضغط على إسرائيل التي تعتمد على المواني بشكل شبه تام لدعم اقتصادها عبر البحار وبذلك سيكون التواجد الإيراني هناك عامل ضاغط أساسي على إسرائيل، وبالمحصلة تركز إيران أيضا على تعزيز قدرتها البحرية لتأمين مصالحها الاستراتيجية وتحقيق توازن القوى في المنطقة، بما في ذلك تحقيق التواجد البحري
مضيق حبل طارق:
وإكمالا لهذا المشروع قامت إيران بالتمدد نحو الشمال الأفريقي وتحالفت من الكثير من القوى المعارضة خاصة في المملكة المغربية حيث إنها حاولت مثلا وليس حصرا عبر التركيز على دعم جبهة البوليساريو، إلى توسيع نفوذها إلى منطقة البحر الأطلسي والسيطرة على المضيق الاستراتيجي لجبل طارق، ومن خلال هذه الاستراتيجية، تحاول إيران تعزيز مكانتها كقوة إقليمية وعالمية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، ومن الواضح أن إيران تنظر إلى الممرات البحرية كأدوات استراتيجية لتعزيز قدرتها وتحقيق أهدافها، وبذلك سيطرت على المضايق الدولية، وأنها فعليا تستطيع تهديد اقتصاد وأمن الدول الغربية، كما صرح قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، ولهذا يستدعي التفكير بعناية في الاستجابة لتحدياتها والعمل على حماية حرية الملاحة والتجارة العالمية في المنطقة وهذا يستدعي التفكير بعناية في الاستجابة لتحدياتها والعمل على حماية حرية الملاحة والتجارة العالمية.
عليه يمكن لنا أن نستخلص بأن الحضور الإيراني بهذه الممرات المائية والذي يعتمد على استراتيجيات غير متناظرة لا تعتمد على حاملات الطائرات والبوارج العسكرية بل على المليشيات الخارجة على القانون والانقلابية أو المعارضة في هذه البلدان سوف ترفد مشروعها السياسي بمزيد من القوة ما يعقد معالجة هذه القضايا الشائكة بالسبل الديبلوماسية. من هنا أي تستاهل عربي أو دولي مع هذه السياسات سيودي بالضرورة إلى تعزيز و تراكم هذه القنبلة الموقوتة التي ستنفجر مع اول أزمة سياسية أو عسكرية في إيران. وما لنا بالنهاية إلا أن ننهي مقالنا بهذا السؤال هل من منتبه؟