جابر احمد
صدرت عن دار”انتشارات افراز” في طهران رواية جديدة للقاص العربي الاهوازي الأستاذ هادي الهيالي،والرواية مكتوبة باللغة الفارسية وتضم بين دفتيها 38 فصلا وتحتوي على158 صفحة وتتناول هذه الرواية سيرة لمواطن عربي اهوازي كان هو وأسرته ضحية السياسات العنصرية والاجتماعية التي مارسها نظام شاه ايران السابق على الشعب الاهوازي والتي تجلت إحدى مظاهرها بالاستيلاء على أراضهم الزراعية ومصادرتها لصالح أصحاب الشركات الاستثمارية الرأسمالية العالمية والإيرانية .
لقد حاول بطل هذه الرواية وهو حاتم جعلوش ألكعبي”حته” وأسرته التصدي لقانون الاستيلاء على الأرض ورفضوا ترك قريتهم والتنازل عنها تحت أي شروط ،الأمر الذي استدعي جلب قوات الدرك الإيراني المدجج بالسلاح إلى القرية لترحيل سكانها قسرا ،فجرت أثناء ذلك مواجهة غير متكافئة بين الطرفين القي على أثرها القبض على” حتة” وهو لم يبلغ الثامن عشر من العمر بعد وزج به في السجن وكانت التهمة الموجهة إليه هو التمرد وحمل السلاح بوجه الدولة الإيرانية، الأمر الذي سوف يحكم على مرتكبها بالإعدام وفي أحسن الأحوال بالحبس المؤبد .
من يقرأ هذه الرواية يدرك جيد ان” حته ” لو لم يستطيع الهروب من السجن لما تمكن فيما بعد ان يصيح بطلا في عيون شعبه ولما ساقت به الأقدار ليكون عضوا نشطا في جبهة وطنية تناضل من اجل استعادة حقوق شعبه المسلوبة ، من هنا فان إحداث هذه الروية تبدأ من لحظة هروب ” حتة ” من بين يدي سجانه وعبر مجاري الصرف الصحي ومن ثم الخروج منها بعد ان قضى برهة من الليل فيها ومن ثم التوجه إلى بيت ابن عمه الواقع في احد الإحياء المهمشة الواقعة بالقرب من السجن وذلك في” تمام الساعة الخامسة الا عشرين دقيقة ليلا ” كما جاء في الرواية ،” طارقا الباب عليه ورائحة مجاري الصرف الصحي النتنة تفوح من ثيابه ، فما كان من ابن عمه الا ان نهض من فراشه مرعوبا وتوجه مسرعا نحو الباب وما ان فتحه حتى تعرف على “حته” فادخله البيت ” عندها خاطب ” حته ” ابن عمه قائلا : “يا رجل مكثت في داخل أنابيب مجاري الصرف الصحي ماء يقارب خمس ساعات ،هل تريد ان تفوح من ثيابي رائحة ماء الورد ” .
هذا وتسلط الرواية وبأسلوب أدبي قل مثيله حتى لدى الروائيين من أهل اللغة الفارسية الأضواء على سيرة هذا البطل وعلى المعاناة القومية والاجتماعية التي عانها شعبنا العربي الاهوازي في ظل حكم النظام الشاهنشاهي الذي كان يحكم ايران سابقا .
كما نقرأ في أجزأ من هذه الرواية ” ان قسم من أهالي الإقليم ، وخاصة في منطقة الشعيبية الذين ظنوا أنهم فقدوا أعزاءهم ،أصيبوا بالإحباط ،حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء التحدث مع بعضهم البعض ،ولكن عندما سمعوا ان إذاعة صوت الشعب وهي تكرر بعد قليل سوف نذيع عليكم خبر عاجلا وهاما عندها انتبه الجميع وباتوا ينتظرون سماع هذه الخبر بفارق الصبر “.
والرواية وفقا لتصريحات الكاتب الذي أدلى بها لوسائل الأعلام وقعت إحداثها قبل ما يقارب الستين عاما .
ولعل ما يدفع الروائيين العرب الأهوازيين الكتابة باللغة الفارسية هي سياسة الاضطهاد القومي التي حرمتهم من تدريس لغتهم العربية ،كما ان الناشرين في ايران غالبا ما يرفضون أي رواية تكتب باللغة غير اللغة الفارسية وهذه الحالة تشمل حتى دور النشر التي تدار من قبل بعض الناشرين العرب أيضا.
هذا سبق للأستاذ هادي الهيالي أن اصدر عدة روايات باللغة الفارسية تعالج المشاكل القومية و الاجتماعية للشعب العربي الاهوازي منها:” قنطرة “أي القنطره و” رازميناء “أي سر ميناء ،و”رقص با كوسها ” أي الرقص مع اسماك القرش ، و”مها ” آي ألمها .
في الختام لا يسعني الا ان نتقدم بخالص التهاني إلى الأستاذ هادي الهيالي على إصدار روايته الجديدة ونتمنى له المزيد من التقدم و النجاح .
لمزيد من الاطلاع على السيرة الذاتية لبطل هذه الرواية عليه راجع الرابط التالي :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=156034