النظام الإيراني بين الخوف من العقوبات الخارجية وهاجس الانتفاضة الشعبية – جابر أحمد

اعتبارا من يوم الاثنين الماضي 5 نوفمبر 2018 تكون العقوبات التي وعدت أمريكا بفرضها على نظام ولاية الفقيه قد دخلت حيز التنفيذ ، الأمر الذي من شأنه ان تترك آثارا سلبية كبرى على الاقتصاد الإيراني المتدهور أساسا الأمر الذي سوف ينذر بعواقب وخيمة من شانها ان تجعل النظام الإيراني على مفترق طرق وتعجل بسقوطه .
لقد تمكنت أمريكا بالإضافة إلى فرض عقوبات على النظام الإيراني في مجالي النفط والغاز أن تفرض أيضا عقوبات على ما يقارب 700 كيان إيراني بالإضافة إلى ذلك وضعت300 اسم جديد من قادة فيلق القدس والحرس وزعماء في التعبئة وفي السلطة القضائية على قائمة العقوبات .
رغم ذلك يدعي زعماء النظام الإيراني ان الولايات المتحدة الأمريكية “زعمت في البداية بأنها سوف تخفض من مبيعات النفط الإيراني ليصل إلى الصفر، لكن فيما بعد غيرت رأيها إذ أدركت أنها غير قادرة على ذلك، كما منحت استثناءات لثماني دول فيما يخص شراء النفط الإيراني،وذلك يعد انتصارا للجمهورية الإسلامية ” إلا أن هؤلاء الزعماء فاتهم القول ان القرار الأمريكي اتخذ لأسباب إنسانية حيث كان مشروطا بتبادل النفط مع الغذاء، كما ان هناك أكثر من 20 دولة امتنعت من شراء النفط الإيراني نهائيا وذلك خوفا من ان تطالها العقوبات الأمريكية، كما ان النظام فقد ما تبقى له من سمعة ومن أصدقاء في أوروبا وذلك بسبب العمليات الإرهابية التي قامت بها أجهزته الأمنية خلال الأشهر القليلة الماضية ضد المعارضة الإيرانية في عدد من هذه البلدان .

رغم ذلك كله لا يزال النظام الإيراني يكابر ويدعي أنه “قادر على الالتفاف على العقوبات الأمريكية “حيث يأتي هذا الادعاء في إطار خطاب عاطفي مكرر مجه ومله الشعب الإيراني ولا يريد السماع له أو يعول عليه .
ان الاقتصاد الإيراني كما هو معروف اقتصاد وحيد الجانب يعتمد أساسا على تصدير النفط ومشتقاته وبعد ان بدلت الولايات المتحدة أقولها إلى أفعال ونفذت العقوبات التي وعدت بها سواءً في قطاع النفط والغاز أو في المجالات الأخرى وخاصة المصرفية منها بات النظام الإيراني يواجه الكثير من التحديات .
وإذا ما تجاوزنا تزايد الخلافات السياسية الداخلية وخاصة بين صفوف رجال الدين وموقف البعض منهم من سياسة خامنئي في إدارة دفة الصراعات الداخلية ، فان التحديات التي يواجهها النظام عديدة ولعل أهمها العجز المستمر في الميزانية ، أزمة النظام البنكي ،هبوط العملة الوطنية ، أزمة البيئة المتمثلة بنقص المياه ،البطالة والإضرابات المستمرة التي يدعوا أليها ممثلي المنظمات النقابية بين فترة وأخرى والتي تطالب بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور ،بما يتماشى مع زيادة الأسعار وأجور العمال التي تأخر دفع بعضها لعدة شهور بالإضافة إلى الكثير من المعضلات الأخرى .

مما لاشك فيه أن كل واحدة من هذه المشاكل هي نتاج السياسات المغلوطة التي انتهجها النظام خلال العقود الماضية من حكمه وفشله في توظيف موارد البلاد من أجل التنمية وحل المشاكل الكبرى الراهنة بدلا من تأجيلها إلى المستقبل ” سوف ننفذ ” و ” سوف نفعل ” وهو ما يشكل السمة الرئيسية لإدارة الحكم في إيران سواء أن حكم البلاد” الأصوليين “أو”الإصلاحيين” ناهيك عن صرف الأموال الطائلة على المنظمات الإرهابية ودعم الأنظمة الاستبدادية بدلا من صرفها على التنمية .

كما أن السياسات الاقتصادية الفوضوية التي انتهجها النظام في العقد الأول لاستلامه الحكم والمتمثلة بتأميم القطاع الصناعي وتهميش دور القطاع الخاص وما نتج عنه من مشاكل ، دفع الحكومة فيما بعد إلى التراجع عن قرارها والتوجه إلى الخصخصة حيث بيعت المؤسسات الحكومية إلى قطاعات شبه حكومية وعسكرية ” حرس ، جيش والتعبئة ” الأمر الذي نتج عنه فيما بعد إفلاس المصانع حتى أن البعض منها لم يعد بوسعه دفع أجور العاملين فيها ، وقد عبرت هذه الحالة عن نفسها في الأزمات العمالية والإضرابات التي شهدتها البلاد في مختلف القطاعات الصناعية بالإضافة إلى الانتفاضات الشعبية .                                                                                                                                                         كما أن مقولة ” الاقتصاد المقاوم ” التي طرحها خامنئي بالإضافة إلى شعار ” الاكتفاء الذاتي ” في مختلف الفروع الصناعية دون الأخذ بعين الاعتبار المسائل المتعلقة بالبيئة ونقص الموارد المائية ، فضلاً عن مزايا التنافس في إنتاج المنتجات كانت من أهم السياسات الخاطئة التي انتهجتها حكومة رجال الدين في العقود الأخيرة ، كونها سياسة مضللة أدت إلى تفاقم الأزمات البيئية والصناعية ،ناهيك عن أن الكثير من المنتجات الصناعية والزراعية تفتقر إلى المواصفات الصحيحة ،كما أن هذه القطاعات الاقتصادية قد أصبحت ملاذا أمنا للفاسدين وللفساد في القطاعين الحكومي وشبه الحكومی.

وخلاصة القول ان النظام الإيراني أصبح مثله كمثل الدب الواقف على صفيح ساخن وان مشاكله الاقتصادية وصلت إلى درجة لم يعد قادراً على حلها حتى إذا افترضنا جدلا أنه سوف “يلتف على العقوبات بكل فخر” كما يقول روحاني
إن النظام الذي يحكم إيران حاليا قد فقد شرعيته سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ، فعلى الصعيد الداخلي انقطعت الشعرة التي كانت تربطه مع المواطنين ، فالانتفاضات الشعبية الأخيرة التي انطلقت في كافة أنحاء إيران رددت بأعلى صوتها ” الموت للديكتاتور ” وبالتالي فهو ليس لديه وسيلة للتعامل معها إلا بالحلول الأمنية وهي حلول استخدمتها أكثر الأنظمة قوة واستبدادا إلا أنها في نهاية المطاف فشلت فشلاً ذريعاً ورحلت وخاصة إن النظام الإيراني المستبد واقع في الوقت الراهن بين مطرقة العقوبات الأمريكية الجديدة وسندان انتفاضات الجماهير الإيرانية في الداخل ، أما على الصعيد الخارجي فينظر إليه كنظام ضالع بالإرهاب من قبل الغالبية العظمى من دول العالم .

نقلا من الحوار المتمدن

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …