لم تعرف طموحات النظام في إيران أي حدود حيث إمتدت هذه الطموحات التوسعية من فلسطين من خلال دغدغة مشاعر العرب والمسلمين وصولا إلى اليمن، مرورا بلنبان وسوريا والعراق، فلم نجد منطقة تشهد الحرب والأزمات، إلا ويد نظام طهران مشهود فيها.
هذه الحروب والازمات لم تجلب الدمار والقتل والخراب لشعوب البلدان التي تشهدها فحسب، بل جلبت الفقر والبُئس والحِرمان لكافة الشعوب في إيران وأخترقت حقوقهم الإنسانية الأولية بذريعة مواجهة العدو الخارجي. الشعوب التي دفعت ثمن تدخلات النظام الحاكم من قوتها اليومي فتحولت حياتها المعيشية إلى جحيم خلقه الغلاء والبطالة والتضخم بالإضافة إلى حرمان هذه الشعوب من حق التعبير.
وهنا نذكر الدول الأوروبية بشأن سلوك النظام الإيراني الذي نحن أدرى منهم به، إن هذا السلوك لا يتغير بتوقيع إتفاقيات وإبرام صفقات وبتوجيه النصائح، لأنه ينبع من عقيدة دينية-طائفية، وهي التي تحدد العقيدة السياسية للنظام الإيراني ومُصَرّح بها في الدستور الإيراني تحت إسم في ما يسماء “نُصرة المستضعفين” وظلّت إيران منذ أربعة عقود متمسكة بهذا الخطاب الذي يجعلها داعمة لمن تعتبرهم وفقا لعقيدتها “المستضعفين”، فمن يقف ضد هذه العقيدة هو عدو المستضعفين حتى لو كان مستضعف، فيُحَل ماله وحياته ومستقبله، أما المستضعفين الموالين لطهران، تقوم بتنظيمهم وتسلحهم من خلال جماعات مليشاوية في المنطقة، يخوضون حروب إيران بالنيابة من جهة، وتلوح بهم طهران كورقة تهديد من جهة أخرى في صراعها ضد “قوى الاستكبار العالمي” أي ضد الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص.
وداخليا قامت مجموعات بإسم مليشةالبسيج والاستخبارات وهي في واقع الأمر مليشيات ترتدي الزي المدني إلى أداة لقمع المعارضين والمثقفين وأصحاب الرأي الآخر من أبناء كافة الشعوب في إيران.
خارجيا قد تتراجع إيران تحت الضغوط تكتيكيا ولكن لن تتخلى عن إستراتيجيتها لتصدير الثورة بغية دعم اهدافه التوسعيه ،إلا إذا عدّلت دستورها وإحترمت علي أساس الديمقراطيه و مرعات حقوق الانسان الشؤون الداخلية للدول الأخرى وفقا للمبادئ الدولية المعترف بها، لأن إيران لا تزال تشعر بأن ثورتها لم تكن محلية، بل ينبغي أن تعبر حدودها الجغرافية تمهيدا لظهور الإمام المهدي وتشكيل دولته العالمية في كل أنحاء العام
وتأتي المادة 11 من الدستور الإيراني لتستند إلى قراءة وتفسير لآيات وفقاًلاقرات رجال الدين الحاكم في ايران خدمة لعقيدة تصدير الثورة وعدم الإعتراف بالحدود الجغرافية ،وهكذا يصرح الدستور الإيراني، أن المسلمين أمةٌ واحدة، وأن على الحكومة الإسلامية أن تقيم كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي، هذا التفسير يبرر لطهران عقائديا التدخل في شؤون كافة الدول الإسلامية وحتى غير الإسلامية وهو السبب الرئيسي للوضع المتأزم في سوريا واليمن والعراق.
أما المادة الثالثة فتنصّ على أن تنظيم السياسة الخارجية للبلاد، يقوم على أساس المعايير الطايفيه القائم علي مبداء ولايت الفقيه .وتشير المادة 154 إلى أن جمهورية إيران الإسلامية تعتبر “سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله، قضيةً مقدسة لها، وتعتبر الاستقلال والحرية وإقامة حكومة الحق والعدل، حق لجميع الناس في أرجاء العالم كافة، وعليه فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أي نقطةٍ من العالم. وفي الوقت نفسه، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى.”
ولكن الجزء الأخير من هذه المادة الدستورية تناقض المادة نفسها، فكيف يريدون دعم من يعتبرونهم مستضعفين في البلدان الأخرى دون التدخل في شؤون الشعوب الأخرى؟ فهذا ما يحدث اليوم حيث إيران تتدخل في شؤون الجميع ولم يستطع الإتفاق النووي أن يغيير سلوك النظام الإيراني منذ توقيعه في عام 2015، حيث إستمر التواجد الإيراني دون إنقطاع في العراق من خلال المليشيات الطائفية وفي سوريا من خلال دعم نظام بشار الأسد عبر جلب مليشيات طائفية أفغانية وعراقية ولبنانية وباكستانية دعما للدكتاتوريه في ايران وذلك بعد توقيع الإتفاق النووي.
وإستمرت إيران في إطالة أمد الحرب في اليمن من خلال دعم الإنقلاب على الثورة وعلى الشرعية وقامت بإرسال الصواريخ البالستية إلى جماعة الحوثيين باليمن لتهدد بها دول الجوار اليمني، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسائر دول الخليج والملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. وهكذا أصبح الحوثيون أداة بيد طهران وأطماعها التي لا تقف عند حد.
تصوروا لو وصلت نفس الصواريخ البالستية إلى حزب الله والمليشات التابع لإيران الي الشاطئ المقابل لأوروبا على البحر الأبيض المتوسط بهدف تنفيذ أهداف ايران التوسعيه، حينها كم عاصمة أوروبية تكون تحت رحمة هذه الصواريخ المدمرة؟
على أوروبا أن تعي بأن المصالح الإقتصادية الوقتية لا تكون على حساب أمن شعوبها، لأن النظام الإيراني يعرف كيف يرواغ ويعي متى وأين ينحني للعواصف حتى تمر وليعود مرة أخرى لأساليبه الملتوية، لذا فأن النظام الإيراني ليس أقل خطورة من داعش والقاعدة وطالبان بل أخطر ،ولكن يحمي نفسه بالقوانين والعهود الدولية.
قام النظام الإيراني داخليا بقمع شعب«منهم النساء والعمال والفلاحين والمعلمين وساير الطبقات المسحوقة » وكذالك كافة الشعوب غير الفارسية في إيران، فمارس بحقهم التمميز الطائفي والعرقي ولجأ إلى القمع والقتل والإعدام والتعذيب في محاكمات صورية تارة وبدون محاكمات تارة أخرى كما حدث لأسرتي التي راحت ضحية لهذه السياسة القمعية الدموية.
فعلي سبيل المثال قامت السلطات الاستبدايه والشوفينيه في 1980 بإعدام والدي وشقيقي وعمي في يوما واحد وبعد ساعتين من اعتقالهم وكما استمرت منذ ذالك التاريخ بتنفيذ حكم العدام لغاية 2013 أعداد من أبناء عمومتي في محاكمات صورية وتمت بعضها ميدانية بدون شهود وبدون محامين فقط لأنهم دافعوا عن شعبنا العربي المضطهد في الأهواز وحرمتنا السلطات من كافة حقوقنا القانونية وحتى المدنية.
هنا أذكر أن حزبنا حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي الذي يدعو إلى إقامة نظام فدرالي تعددي ديمقراطي ويرى أن أسس الإنسانية الجامعة بين الشعوب في إيران لا تتحق عبر تصرفات نظام ولاية الفقيه الداخلية والخارجية البعيدةٍ كل البعد عن العدل والمساواة ومبنية على روح العنصرية والعرقية والطائفية التي تولد الشعور بالقهر والظلم خاصة لدى الشعوب غير الفارسية المهمشة وخاصة الشعب العربي الأهوازي.
خاصة وأن الدستور الإيراني يؤكد في الكثير من بنوده على الصبغة الطائفية للحكم وعلى النزعة الفارسية دون الشعوب والمذاهب الأخرى التي تشكل حوالي 70 في المئه من السكان.
وهذه المواد الدستورية هي التي ترسخ التمييز والإضطهاد المزدوج العرقي-الطائفي ضد عناصر التنوع القومي والتعدد الديني والمذهبي، مما أوجدت حالة من التهميش للشعوب المضطهدة والإقصاء المتعمد والتمييز العنصري وبالتالي احتكار السلطة بإسم شعب واحد ولغة واحدة وثقافة واحدة وهو الشعب الفارسي رغم أن هذا الشعب هو مظلوم أيضا ولكن من يحكمون بإسمه هم فئةٍ معينة تمنع سائر الشعوب حتى من مواد دستورية خجولة مثل المادة 15 المعطلة والتي تسمح للشعوب غير الفارسية لتعليم لغاتها القومية.
يمكن فهم طائفية هذا النظام من خلال ما نصت عليه المادة 12 من الدستور الإيراني والتي تصرح أن «الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثني عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد، وغير قابلةٍ للتغيير».
وأما المادة التي تتحدث عن إنتخاب رئيس الجمهورية تقول «يُنتخب من بين الرجال المتدينين السياسيين.. شرط أن يكون مؤمنًا ومعتقدًا بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية، والمذهب الرسمي للبلاد، وأن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية».
ولفهم موقف الشعوب في إيران من النظام القمعي في إيران من الضروري القاء نظرة سريعة على الإحتجاجات التي انطلقت في الايام الأخيرة من عام 2017 والتي إتسعت لتمشل حوالي ١٠٠مدينة تضم كبريات المدن الإيرانية وشارك فيه الفرس والكورد والعرب والترك والتركمان والبلوش والجيلانيين واللور والمازيين وكافة أبناء مختلف المذاهب والأديان وبعثت رسالة للعالم باسره بأن هذا النظام فاقد للشعبية وبالتالي فاقد للشرعية وهو لا يمثل الشعوب الإيرانية ورفع المتحتجون شعارات ضد ولاية الفقيه الذي يرأس الدولة العميقة في إيران وما رئيس الجمهورية إلا واجهة لتصريف الأعمال وعزل الشارع الإيراني خطه عن خط النظام وتدخلاته في المنطقة من خلال شعارات من قبيل “أتركوا سوريا وإهتموا بنا” و”لا لغزة ولا للبنان ونعم لإيران”.
وبعدها مارس ٢٠١٨… إنطلقت مظاهرات شعبنا العربي الأهوازي البطولية إحتجاجا على التمييز العرقي والمحاولات الرامية لطمس الهوية العربية في إقليم عربستان الأهواز وحرف مياه الإقليم إلى الداخل الإيراني وتفشي البطالة المتعمدة ونشر الفقر والجوع في منطقتنا التي توفر لنظام جمهورية الملالي معظم إيراداته من ثرواتنا النفطية والغازية.
نحن في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي نسعي من خلال مؤتمر شعوب إيران الفدرالية ومجلس الديمقراطيين في إيران وبحضورنا في المؤسسات الدولية من قبيل منظمة الشعوب بدون تمثيل (يو إن بي أو) وفعاليات الجمعيات الحقوقية الدولية أن ندافع عن حقوق شعبنا وسائر الشعوب بغية إحداث تغيير جذري في إيران والمجئ بنظام ديمقراطي فدرالي يحترم شعوبه ويؤكد العيش بسلام وأخاء مع شعوب المنطقة.