10/05/2024

1 مايو/أيار 2018

تسعى حركة البديل اليساري العربية إلى تقديم تحليل ورؤية ومعالجة مغايرة لما هو سائد ليس لمجرد مناهضة ما هو واقع إنما لهدف سياسي يرنو إلى التغيير بناء على أسس ومعايير علمية متينة. تنطلق الحركة اولا واساسا من هذه الحاجة الضاجة ما يوجب علينا شرح هذا الهاجس ثم إيضاح رؤية الحركة العامة. إن أي تغيير حقيقي لواقع ما _اي واقع_ يحتاج اول ما يحتاج إلى معرفة هذا الواقع وتحليله سوسيولوجيا لتقديم حلول ناجعة وفاعلة، لكن جميع الأحزاب والقوى الاحوازية تفتقد إلى ايديولوجيات تحلل الواقع بدقة وعلى أسس علمية وذلك لا يرجع إلى عجز فردي أو فقدان للامكانيات وإنما مرده إلى أن الأجهزة المفاهيمية لهذه القوى محدودة مبنية على آمال واحلام عاطفية لا تستطيع أن تقدم أي تحليل سوسيولوجي للمجتمع الذي تستهدفه. ما نرغب به ونتمناه في أحلامنا شيئ وما يجري في تضاريس الواقع واحشاءه شيئ آخر. من هنا تقترح الحركة رصد المجتمع الإيراني ثم مجتمعنا العربي المصغر وقراءتهما اولا وقبل كل شيئ وترفض اي محاولات قفز نحو الحلول النهائية الناجزة. هذا الأمر يصب بالدرجة الأولى في مصلحة تلك القوى المنتفذة التي ترتزق على هذه الأحلام وتعتاش على الرومانسيات الطوباوية وتخشى أن تفتضح وتعرى أمام الناس. أما نحن بوصفنا حركة يسارية تؤمن بجدلية الواقع والنظر، نعتبر أن الاضطهاد الممارس بحق العرب الاحوازيين مركب ينطلق اساسا من تشكيلة الدولة الرأسمالية الإيرانية الحديثة التي تنهض على بنى ثلاث؛ البنية القومية الآرية وبنية المذهب الشيعي والبنية الطبقية. وتعتبر البنية الأخيرة هي المنشئة والمحركة في إطار جدلي البنيتين الاوليتين. والدليل على ذلك تهميشها وتفقيرها لكل الدوائر والأقاليم التي تقع خارج تكتلات المال والثروة في المركز_ ونعني بالمركز ليس المركز الجغرافي بل كل المدن الإيرانية الكبيرة التي تتمتع بطبقة بورجوازية و بيروقراطية حداثية تشكلت عبر الدولة ولها شبكة من العلاقات المعقدة معها.

لو لم نر البنية الطبقية للدولة الإيرانية لا نستطيع أن نفسر الحرمان والفقر والتخلف الذي تنوء تحته مدن واقاليم ذات أغلبية فارسية كاقليم فارس وكرمان و مركزى الخ. هذا واضح لكن السؤال المطروح هو ما دور بنيتي القومية والمذهبية وعلاقتهما بالبنية الطبقية القارة؟ لا تختزل البنية القومية ضمن رؤيتنا النيوماركسية إلى مجرد استراتيجية أو ذريعة تتخذها الدولة “المحض رأسمالية” لإخفاء طابعها الطبقي “الاستعماري” لغرض استغلال موارد أقاليم الهامش. وإنما تشكل القومية الآرية مفصلا من مفاصل الدولة الإيرانية وكل النظام الطبقي الحاكم في إيران.
إنها بنية ممأسسة في التشكيلة الاجتماعية الإيرانية ما بعد الدولة البهلوية الحداثية الرأسمالية. وتتحرك في سياق علاقة جدلية مع المنطق الرأسمالي للدولة لصالح تكريس وتسييد هيمنة المركز. إن بنيتي القومية والمذهب بوصفهما ركائز الثقافة تعززان الهيمنة الثقافية للطبقات الحاكمة وبالتالي هي جزء لا يتجزأ من طبيعة كل النظام الرأسمالي الإيراني وهذا ما يجعل النضال العروبي أمرا مشروعا وضروريا.
وعليه ترفض حركتنا هذه النظرة الاداتية الاقتصادوية الشيوعية فيما يتعلق بالبنية القومية معتبرة اياها محركا فاعلا له عاملية وبالتالي ينبغي عدم تجاهله أو اختزاله من ناحية كما يفعل اليسار الإيراني، وكذلك عدم اعتباره هو البنية القارة التي تكون تشكيلة الدولة الإيرانية الحديثة من ناحية أخرى. تقع النظرة الأولى في مطب الاقتصادوية وتقع الثانية في مطب الذاتوية والمثالية. هذه نظرة عامة تنطلق منها حركة البديل اليساري العربية وتتطلع إلى تحليل وشرح تركيبة الاجتماع السياسي الإيراني والعربي الاحوازي لضرورة تفكيك كل المنظومة المركزية الاستغلالية المتحكمة.