يقول الاستاذا كريم انني من خلال تتبعي للقضية الاهوازية وفي سياق مراحلها التاريخية و كيفية معالجة هذه القضية ، وجدت ان التقارير الصادرة الاجنبية التي تعالج القضايا الايرانية ايران الغالبية العظمى اهملت هذه القضية ونادرا ما تطرقت اليها خاصة كونها قضية شعب كان يتمتع بنوع من السيادة وان كانت هذه السيادة منقوصة ، اما الكتب و الدراسات التي صدرت حول ايران هي الاخرى لا تتحدث عن هذه القضية الا ما ندر ايضا وبالاضافة الى ذلك يتسأل السيد كريم كيف كان فيما مضى ينظر الشارع العربي والحكومات العربية و الشارع الايراني والحكومة الايرانية الى القضية ؟ ، وهل لقضيتنا حضور على المستوى الدولي؟ ثم قال : وفي سبيل الاجابة على مثل هذه التساءلات سوف اتطرق الى موقف المجتمع الدولي و الامريكي و الاوروبي تجاه قضيتنا حسب تسلسلها الزمني اي ضمن المراحل الزمنية المختلفة .
لقد حاولت من خلالي دراستي ان اتعرف هل كانت القضية الاهوازية تحظى بدعم دولي ام لا ؟ و هل طرحت القضية على العالم في الفترات الواقعة بين الاعوام 1925 1960 من1970 وحتى قيام الثورة الايرانية 1979 على المجتمع الدولي ؟.
اما فيما يخص تشكيل دولة عربستان او قيام دولة عربستان لم اشاهد ان قضيتنا طرحت على العالم من هذا المنظور فمن خلال تتبعي لاحداث تلك المرحلة وجدت انه جرى حديث عن منطقتنا وشعبنا على صفحات الصحف الصادرة في بريطانيا حيث جاء هذا الحديث (عام 1922 ) على شكل حوار قوي بين بيرس كوكس الذي كان يدعم الشيخ خزعل وشخص اخر هو السير هنري وكان هذا الشخص مخالف للشيخ خزعل وقد ذهب عام 1891 الى طهران وعقد امتياز معاهدة الملاحة في نهر كارون مباشرة دون مشاورة مع الشيخ مزعل و بقي هذا السير فيما بعد يخالف طموحات الشيخ خزعل الرامية للحفاظ على الوضع القانوني لامارته . .
ومع قيام ثورة اكتوبر الروسية وفي الفترة الواقعة من عام 1917 وحتى 1920 كان بيرسي مع الشيخ خزعل وهو القائل سوف نبقى في الجنوب بينما قال خصمه هنري نريد دولة قومية قوية في ايران، تكون قادرة على ان تصبح سدا حائلا دون تقدم الشيوعية ، كما ان الحرب العالمية الاولي ما افرزته من وقائع دفعت الى حدوث تنافس شديد بين بريطانيا من جهة و الاتراك العثمانيين من جهة اخرى ، حيث وقف شعبنا الى جانب الاتراك ضد البريطانيين مدفوعا بفتوى علماء الشيعة الداعية الى الجهاد ضد البريطانيين .
الحضور الاعلامي للقضية الاهوازية .
واذا اردنا تتبع طرح القضية الاهوازية على الجرايد او في الارشيفات العالمية انذاك نرى ان هناك فراغ فيما يتعلق بالقضية الاهوازية ، اما فيما يتعلق بايران كان الاعلام الايراني في اوج نشاطه سواءا على مستوى ايران اوعلى المستوى العالمي وقد استطاعت الصحف الايرانية تهيئة الرأي العالمي فيما يخص وحدة ايران وقيام نظام مركزي قوي ، اما فيما يخص القضية الاهوازية ،مع الاسف، ليس هناك اي حضور اعلامي عربي لطرحها على الراي العام الايراني او التأثير على الصحف الايرانية لاقناع الشارع الايراني بالقضية الاهوازية او اقناع العالم ، بينما استطاعت الصحف الايرانية و الاعلام الايراني من اقناع الشارع الايراني بعملية احتلال اقليم الاهواز – عربستان – عام 1925 .
في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي عجزت ايضا الحركة الوطنية الاهوازية من ان تطرح القضية على الشارع الاهوازي اوعلى الراي العام العربي والعالمي . ومع تشكيل اللجنة القومية العليا لتحرير عربستان والذي اقترن مع الاختلاف المصري الايراني في عهد المرحوم جمال عبد الناصر ، طرحت القضية على الصحافة المصرية . و اذا راجعنا الارشيف المصري حول القضية نراه يشير الى دعم المرحوم جمال عبد الناصر لقضيتنا ، و لكن هذا الدعم المصري كان دعما حكوميا. وفي الحقيقة ان الشعب المصري لا يعرف عن القضية الاهوازية مثلما ينبغي ، كما انه ليس هناك دعم حقيقى للقضية ، بل هناك دعم اعلامي فقط وكان لهذا الاعلام ، ورغم محدويته ، دور كبير في رفع الوعي السياسي والثقافي و تنمية الروح الوطنية لدى الاهوازيين . و كنا نتمنى لو تبدل هذا الدعم الى دعم في مجال التدريب العسكري او تقديم المنح الدراسية وماشابه ذلك . و ليس هناك اي دليل على وجود دعم حقيقي من قبل مصر سواء اكان ماديا او عسكريا او ثقافيا ، على سبيل المثال فتح الابواب لابناء الشعب العربي الاهوازي لدخول الجامعات المصرية او ماشابه ذلك ، وحتى الدعم الاعلامي كان نتيجة الاختلافات و المنافسة الاقليمية و السياسية بين مصر و حكومة الشاه انذاك .
حزب البعث و القضية الاهوازية :
تشير الدراسات والتحاليل الواقعية الى ان حزب البعث عند تأسيسه في كل من سورية والعراق قد قام بتقديم الدعم و العون للقضية الاهوازية ، الا ان هذا الدعم شأنه شأن الدعم المصري ظل محدودا و هو يصب في اطار الاستفادة من القضية الاهوازية كورقة ضغط على ايران . رغم ذلك وبفضل هذا الدعم تواجدت بعض المنظمات السياسية الاهوازية في هذه البلدان ، الا انها لم تستطع ومع الاسف طرح القضية الاهوازية حتى على الشارع العربي ، وظل نشاطها محدودا ضمن اطار الدولة المضيفة ، حتى احيانا الشارع العراقي والذي هو اقرب للقضية لا يعرف عنها شيئا، وبقي النشاط الرئيسي لاخواننا في العراق محدودا ضمن اطار الخارطة العراقية ولم يتجاوز مداه انذاك و في افضل احواله ساحتي سوريا و اليمن الديمقراطية انذاك اللتين قدمتا بعض الدعم للقضية الاهوازية في السبعينات رغم ذلك بقي الراي العام العربي و العالمي لا يعرف الا القليل عن القضية الاهوازية ، كما ان الدول العربية لم تحاول دعم الاهوازيين في مجال اقامة مؤسسات للمجتمع المدني الاهوازي على المستوى الداخلي .
في الستينات و السبعينات لم نراي طرح للقضية على الصعيد الدولي ، رغم ان الشارع و الراي العام انذاك ، وخاصة في فرنسا و ابان حركة الطلاب التي كانت تؤيد الكفاح المسلح ، لم تطرح القضية الاهوازية على الرأي العام الدولي . البعض من الاخوة المستمعين قد يقول : ما هو دليلك على ان القضية لم تطرح على الرأي العام الدولي ؟ وللاجابة على ذلك اقول : اثناء دراستي وتتبعي لم اشاهد اي وثيقة تشير الى ان الاهوازيين قد طرحوا قضيتهم على المجتمع الدولي .
عندما حدثت الثورة في 1979 وكما تعلمون لعب العمال العرب دورا مميزا في انجاح هذه الثورة . رغم ذلك لقد اغفل الاعلام سواءا على الصعيد الدولي او العربي هذا الدور، وجرى التعتيم عليه ، بل الانكى من ذلك طرحت القضية على اساس كونها قضية انفصالية عسكرية تمارس العنف وتحرك و تسير من الخارج من قبل الدول العربية . وفي المقابل انقلب الراي العام العربي و الاسلامي لصالح ايران كنظام . وفي الحقيقة ان فقدان التجربة و اتقان اساليب التحرك لطرح قضية شعبنا حتى كونها قضية انسانية كان مفقودا .
الاربعاء السوداء و فقدان الدعم الدولي والعربي :
بعد سقوط نظام الشاه بعدة شهور، حدثت مجزرة الاربعاء السوداء عام 1980 ، وراح ضحيتها اكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى و المعتقلين .هذا الحدث بكل جوانبه الانسانية والاخلاقية لم يطرح لا على الشارع الايراني( طرح بخجل ) و لا العربي ، نعم لا احد ينكر اهمية هذه التحركات ، لقد قدمنا ـ مئات الشهداء ولكن مع الاسف الشديد لم تجد مظلومية الشعب العربي الاهوازي صداها في اوساط الرأي العام العربي او الدولي ، في الثمانينات كانت سياسة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق هي الاخرى غير واضحة فيما يتعلق بالقضية الاهوازية . ولقد قام النظام العراقي انذاك بشن حرب على ايران دو ن ان يكون لها هدف محدد و الحق يقال انه في تلك الفترة انعكست القضية الاهوازية ووجدت بعض الاصداء لها في ثنايا التقارير التي تتحدث عن الحرب،الا ان ذلك غير كاف لكي يتفهم الرأي العام العالمي ابعاد هذه القضية .
هناك حدث كبير جرى اواسط الثمانيات ، حينما تنكرت الصحافة الايرانية لوجود الشعب العربي الاهوازي ، و اشارت الى انه لا يوجد شعب عربي وانما مجموعة من ” الكاولية ” حيث خرج على اثر هذا التصريح الملايين من جماهيرنا الى الشارع تندد بهذه الاطروحات العنصرية ولكن هذا الحدث و رغم اهميته الا انه لم يجد صداه كما ينبغي لا في الاعلام العربي و لا في الاعلام الدولي ، الا اللهم في بعض الجرايد والصحف الكويتية .
شكلت المرحلة ما بعد عام 1996 البدايات الاولى لطرح القضية الاهوزية بشكل عقلاني ومدروس على الرأي العام العربي و العالمي ، عندما بدأ تحرك جديد قائم على اساس المباديء العامة للمنشور العالمي لحقوق الانسان و المواثيق المنبثقة منه ، بعيد ا عن العنف و الكراهية والشعارات العاطفية، حيث طرحت القضية الاهوازية كقضية شعب مظلوم يطالب بحقوقه القومية عبرمشروع الحكم الذاتي ، وعليه يمكن القول ان القضية الاهوازية اخذت تطرح نفسها على الرأي العالم الدولي بعد عام 1998 ، وذلك عندما تم الاعلان عن تشكيل منظمة حقوق الانسان الاهوازية ، لتطرح القضية الاهوازية نفسها على الساحة الدولية ، ليست كونها قضية سياسية وحسب ، و انما لها جوانب تتعلق بحقوق الانسان ايضا .
القضية الاهوازية و المجتمع الدولي – الحلقة الاولى
مقدمة و تصحيح الكاتب جابر احمد – بتاريخ 16| 1 2010 وبدعوة من غرفة نشطاء المجتمع المدني الاهوازي ، القى السيد كريم عبديان رئيس منظمة حقوق الانسان الاهوازية محاضرة قيمة تحت عنوان ” القضية الاهوازية و المجتمع الدولي ” تناول من خلالها ابعاد القضية الاهوازية على المستوى الداخلي و العربي و العالمي منذ الحرب العالمية الاولى و لحد الآن ،ومن حسن الحظ كنت من بين الحضور المستمعين لهذه المحاضرة ،وقد سجلت اثناءها بعضا من مماجاء في محاضرته وقد تكونت لي في النهاية مادة اعلامية جيدة تسلط الاضواء على جوانب عدة من القضية الاهوازية فارتئيت ترتيبها ونشرها لتعم فائدتها كل القوى المساندة للقضية للاهوازية مع اعتذاري للسيد كريم اذا اضفت و انقصت بعض ما ورد في كلامه وذلك لضرورة اخراج هذه المقالة الى حيز الوجود .