30/04/2024

الرجوع من المحمرة إلى الأهواز والتحضير للذهاب الوفد الثلاثيني

في اليوم التالي وبعد ان رشحنا الأسماء التي نراها مفيدة للعمل الوطني والتي هي على اطلاع بالأمور السياسية ومقبولة جماهيريا سلمناها إلى عبد اللطيف الكعبي وناجي شرهاني عدنا من بيت يونس ألأسدي مباشرة إلى مدينة الأهواز، لان الإخوة الذي سبق وان ذكرت أسماءهم من أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الشعب العربي الاهوازي يقيمون في نفس المدينة .
إثناء وجودنا في مدينة الأهواز،أخذنا كالمعتاد نقوم بنشاطاتنا الوطنية ،ومنها تسيير المظاهرات وإصدار البيانات التي تدعو الشعب إلى درك أهمية المرحلة والمطالبة بحقوقه ،وخلال فترة وجيزة جدا جرت عدة مظاهرات منظمة وغير مسبوقة أهدافها تصب في إيصال صوتنا إلى الحكومة المركزية لأدراك أهمية حقوقنا ،وفي خضم هذا التحرك كانت مطالب الشعب العربي والذي كان للجنة التحضيرية لمؤتمر الشعب العربي يمثلها الأخ سيد جابر احمد وتقدمي الشعب العربي يمثلهم الأخ يوسف عزيزي دورا مهما في صياغة بنودها وترتيبها قانونيا ،وقد اكتملت وحظيت بمباركة الشيخ الشبير وتوجهاته وأيضا بتأييد القوى الوطنية العربية في المحمرة ممثلة بالمنظمة السياسية والمركز الثقافي وكذلك المركز لثقافي في عبادان .
ولعل من أهم الأمور الهامة الملقاة على عاتقنا في تلك المرحلة إقناع المواطنين العرب بأهمية هذه المطالب والتي تضم 12 مادة ، و أيضا المهمة الملقاة على عاتق الوفد في الضغط على الحكومة المركزية من اجل درج مسألة التنوع القومي في الدستور الإيراني الجديد ومن ثم العمل على تلبية مطالب الشعب العربي المدرجة في تلك الوثيقة .

و لكسب المزيد من التأييد لهذه المطالب تم وبدعوة من الإخوة في اللجنة التحضيرية وتقديمي الشعب العربي الاهوازي إلى عقد اجتماع مع بعض الشخصيات من الإخوة العرب في مدينة الاهواز والذين كان لديهم تحرك على المستوى القومي الاهوازي أيضا، إلا ان هذا  التحرك يتم  في إطار النظام الجديد وذلك لمناقشة ما هو وارد في الوثيقة  ،وقد كلفت من قبل الإخوة  في اللجنة و التقدميين بترتيب عقد هذا اللقاء ، و بما إننا عندما كنا في سورية التقينا ببعض رموز بعض هؤلاء الأشخاص ومن بينهم الحاج جمعة والحاج عبد الزهراء بن الحاج حمود السوداني و الأخ جنكي شميلي الذين سبق وان قدموا كسواح من القاهرة إلى دمشق وكان هدف  الحاج جمعة هو لقاء اخيه ناصرعجرش الذي كان يعيش  في سورية ،وإثناء تواجدهم في سورية قمنا بترتيب جولة لهم في سورية ومنها السفر معهم الى  الساحل السوري  فقد اتفقنا ان يكون الاجتماع في بيت حجي جمعة عجرش ، لان هؤلاء الأشخاص وبحكم العلاقة الشخصية السابقة التي تربطنا بهم  كانوا يستمعون لوجهات نظرنا ، من هذا المنطلق  تم مفاتحة جمعة  لعقد مثل هذا الاجتماع .

وكان هؤلاء الإخوة على الذي ذكرت أسماءهم آنفا على علاقة وارتباط مع الشيخ هادي ألكرمي ، إما بالنسبة لهذا الشخص فمعرفتي به قديمة جدا وتعود إلى فترة النضال السري أي قبل خروجنا من البلد إلى العراق أوائل السبعينات من القرن الماضي ،وقد التقينا معه في بيت خاله السيد عبد المطلب والد سيد باقر الذي سبق ان القي القبض عليه بتهمة الانتماء إلى تنظيم  الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز إلا انه أطلق سراحه لكون كان حدثا آنذاك وذلك بعد 8 شهور من التوقيف .

كان لدى سيد عبد المطلب آنذاك مدرسة يدرس فيها العلوم الدينية وفي احد المرات حضرنا محاضرة كان قد ألقاها الشيخ هادي الذي كان قد جاء من النجف ، و كان هذا الرجل متمكن  من اللغة و مثقف ثقافة دينية عالية ، وبعد سقوط نظام  الشاه قد انضم الشخص إلى حوزة أخيه الشيخ محمد الكرمي ، وأصبح يعمل في بداية الثورة  ضمن إطار الثورة  ،وكان حاج جمعة و حجي عبد الزهراء و جنكي بن حجي حسن وهم شخصيات وطنية عربية  اهوازية  على ارتباط مع هادي ألكرمي ،لذلك دعوه لحضور هذا الاجتماع ، وعلى ما أتذكر ان الاخ يوسف كان حاضر في هذا الاجتماع  ممثلا عن تقدمي الشعب العربي الاهوازي .

لقد ضم هذا الاجتماع ما يقارب 30 إلى 40 شخصية اهوازية وكانت ديوانية الحاج جمعة عجرش مكتظة بالحضور وقد تمت قراءة مطالب الشعب العربي مادة بعد مادة ،ورغم الفوضى الذي سادت الاجتماع إلا انه تمت السيطرة عليها وطلب من كل من يريد الكلام أو يريد الحديث ان يستأذن للحديث ، لكي يتسنى  للمشاركين إبداء ملاحظاتهم حول بنود المطالب وتعديلها ، وفي الحقيقة جرت تعديلات بسيطة لا تمس المضمون وإنما الشكل فقط ، وكانت الغالبية العظمى من التعديلات تعود للشيخ هادي الكرمي ، لقد استمر هذا الاجتماع من 4 إلى 5 ساعات ،وبعدها اتفق على  ان يرسل التعديل على المطالب إلى  المحمرة للشيخ الشبير  للنظر فيها، ولكن ليس لدي علم فيما إذا كان أخذت هذا المقترحات بعين الاعتبار أم لا ، كون هناك اتفاق  قدتم بحضور الشيخ ان يقوم كل من الأستاذ جابر احمد والأستاذ  يوسف عزيزي بعملية التعديل.

وبعد جهود حثيثة اكتملت أسماء وفد الشعب العربي الاهوازي للذهاب إلى طهران و كان عدد أعضائه 30 عضوا ،وعرف بالوفد الثلاثيني ،وهنا لابد لي ان أشير انه عندما اكتمل الوفد التحق به ثلاث أشخاص أتذكر من بينهم الشهيد أبو عواد ،احد اعضاء الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز سابقا ،ولكن إخواننا في الجبهة الشعبية وهم الاكثرية ممن بقوا في العراق عندما عادوا من العراق الى الأهواز لم يعملوا تحت إطار الجبهة الشعبية وإنما شكلوا تنظيم جديد أسموه الحركة الجماهيرية وتركوا اسم الجبهة أيضا ، ويعد أبو عواد من الرجال المناضلين في هذا التنظيم ،كما انه بعد عودته مرة ثانية للعراق ساهم في تأسيس الجبهة العربية لتحرير الاحواز وأصبح فيما بعد احد قادتها البارزين .
وبعد مداولات طويلة واكتمال مطالب الشعب العربي الاهوازي واكتمال أسماء أعضاءه تحرك الوفد من المحمرة متوجها إلى طهران ،حيث كانت رغبة الشيخ الشبير أن يلتقي الوفد برئيس الحكومة المؤقتة السيد مهدي بازركان مباشرة .
لقد حدثونا إخواننا بعد عودتهم من طهران انهم التقوا الخميني ،إلا انه وخلافا لبقية المسؤولين لم يتحدث أعضاء الوفد حتى بكلمة عربية واحدة و لم يتطرق الى مطالب الشعب العربي ،ورغم ان الناطق باسم الوفد قد تكلم بالعربية والفارسية ،إلا ان حديث الخميني بدأ وانتهى بالفارسية دون التطرق الى هموم الشعب العربي و اضطهاده تاريخيا ،وترك الوفد بيت الخميني وهو يحمل انطباع وذكريات مؤلمة سيئة عن الخميني ومن هذا اللقاء .
انتهت الحلقة 18 من مذكرات الراحل عدنان سلمان من حي رفيش الاهوازي إلى لندن عاصمة القرار السياسي ، و تليها الحلقة 19.