الاستاذ جابر احمد – تمر علينا هذه الايام وتحديدا في 20 نيسان من عام 1925 الذكرى الخامسة و الثمانون لضم و الحاق اقليم الاهواز – عربستان – بجسم الدولة الايرانية . ونحن ابناء الشعب العربي الاهوازي لا نريد الغوص في اعماق التاريخ لنثبت هويتنا العربية لان ذلك لا يحتاج الى اثبات ، ولكن كل ما نريده هو ان نلفت انظار العالم اجمع بان حقوقنا كلها مصادرة واننا نعاني اشد المعاناة من مرارة الاضطهادين القومي و الاجتماعي .
وعليه لم يبق امامنا اي وسيلة لارجاع حقوقنا الا النضال و الصمود و التضحية و العمل بكل مانستطيع من قوة من اجل كسر حاجز الصمت والتعتيم الاعلامي الذي فرض على قضيتنا من قبل الاسرة العربية و الدولية ، و ذلك تحت ذرائع شتى منها المصالح الاقتصادية و اوليات للنضال واهميتها ، ناسين ان قضايا التحرر وحدة متكاملة لا يجوز اسناد واحدة وترك اخرى،ورغم ذلك خرج الشعب العربي الاهوازي من دائرة التعتيم وتمكن بصمود ابنائه وتضحيانهم ان يطرح قضيته على المستويات الداخلية و الاقليمية و العالمية وهو مصمم على مواصلة النضال ليثبت للعدو قبل الصديق ، انه و رغم كل ادوات القمع التي تستخدم ضده و حالات الاستبداد التي تفرض عليه لا يزال موجودا في الساحة يواصل تحركه من اجل استعادة حقوقه المسلوبة .
لقد اعتدت شخصيا وفي 20 نيسان من كل عام المساهمة و المشاركة في احياء هذا الحدث الاليم وتذكير العالم بقضية شعبنا ، وذلك عبر الكتابة او الترجمة عن الكيفية التي الغي فيها الكيان العربي الاهوازي و كذلك الطريقة التي تم خلالها القاء القبض على آخر امير لأقليم عربستان الا وهو الشيخ خزعل بن جابر الكعبي ، هذا الرجل الذي تنكر له العديد ممن كانوا له فضل عليهم ، ناسين كل مواقفه بدءا من فلسطين حيث اكسائه لقبة المسجد الاقصى الى مواقفه من حكام وامراء ا لخليج ، الى ايوائه بعض قادة ثورة العشرين في العراق. وخلال السنوات الماضية وعبر الكتابة عن هذا الحدث اجتمعت لدي مادة غزيرة حول شخصية الشيخ خزعل و عن الكيفية التي تمكن فيها جيش رضا شاه من ضم اقليم عربستان الى ايران ، وتبعات هذا الضم وما لحق بشعبنا من ظلم واضطهاد وقد بلغت عشرات الصفحات جديرة في ان تنشر في كتاب (1) .
وانا احضر هذا العام لهذه المناسبة وقع بين يدى كتابين مهمين، الكتاب الاول ” لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الخامس ، القسم الثاني ” لمؤلفه عالم الاجتماع العراقي المعروف الاستاذ المرحوم الدكتور علي الوردي والذي خصصه لثورة العشرين ، حيث تحدث في الصفحات 156 و157 عن المواقف الانسانية و الوطنية للشيخ خزعل . اما الكتاب الثاني فهو ” سبز آباد ورجال الدولة البهية ” لمؤلفته السيدة مي محمد الخليفة وهي تتناول من خلاله قصة السيطرة البريطانية على الخليج العربي . وقد تحدثت بدورها وفي اكثر من فصل عن الشيخ خزعل وعن مواقفه و سوف نورد بعض المقتطفات حول ما جاء في هذين الكتابين .
الموقف من زعماء ثورة العشرين :
يقول الوردي ” عندما وصل عبد الواحد( آل سكر ) الى البصرة اسكن في دار تحت رقابة الشرطة ، بحيث لم يكن يستطيع الخروج من الدار الا باذن منها . و قد لقي عبد الواحد من اهل البصرة كل حفاوة وتكريم . وزاره في داره الشيخ خزعل امير المحمرة ، فرد عبد الواحد الزيارة بعد ان اخذ الاذن من حاكم البصرة الخ … ” .
و يقول الوردي ” ولابد هنا من التطرق الى السيد صالح الحلي ، وهو الخطيب الحسيني الذي كانت له يد التحريض على الثورة في بعقوبة . فقد القى الانكليز عليه القبض قبيل اندلاع الثورة في تلك البلدة ، وارسلوه مخفورا الى البصرة . ومنها اركبوه باخرة متجهة الى الهند . فلما وصلت الباخرة الى مقربة من قصر الشيخ خزعل في الفيلية اخذ السيد صالح يستغيث بأعلى صوته صارخا ” واخزعلاه !” و لم يكد الشيخ خزعل يسمع صوت الاستغاثة حتى ارسل نفرا من رجاله الى الباخرة . فاخذوا السيد صالح منها عنوة وجاؤوا به الى الشيخ خزعل . وقد بقي السيد صالح في ضيافة الشيخ خزعل وحمايته بضعة اشهر .و بعد انتهاء الثورة تشفع له خزعل لدى الانجليز فعاد الى العراق ” . ( علي الوردي ، تاريخ العراق الحديث الجزء الخامس ، القسم الثاني ،ص، 156 و157)
وقد جاء هذا التحرك تلبية للبرقية التي بعث بها اية الله العظمى السيد ابو الحسن الاصفهاني في 9 رجب 1339 – 1920 الى الشيخ خزعل والتي جاء فيها ” وحيث انك ايها الزعيم الكبير مطمح انظار العموم و الرئيس المطلق النافذ القول لصداقتك مع حكومة بريطانيا العظمى ، وسياستك و كياستك مع اولياء الامور ، نأمل ونرجو من سعادتكم – عند رجوع فخامة المندوب السامي ( دام مجده ) – ان تتشفع بالعفو العام عن كافة المسجونين و المنفيين ، ولكم بذلك زيادة الاجر ومنتهى مزيد الشكر منا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” .
لقد بذل الشيخ خزعل و استجابة لنداء السيد ابو الحسن الاصفهاني للتوسط لدى الانكليز من اجل اطلاق سراح المعتقلين من ابناء ثورة العشرين ، الا انه مع الاسف قد انقلب موقف هؤلاء االسادة و المراجع العظام بالضد من الشيخ ، ووقفوا الى جانب رضا شاه، و اصدروا في اكتوبر من عام 1924 م 1303 هجرية شمسية ، فتوى تحمل توقيع 18 عالما دينيا من بينهم آية الله السيد ابو الحسن الاصفهاني،و اية الله النائيني يعلنون فيها تأييدهم لأجراءات رضا شاه ضد الشيح خزعل، معتبرين ان اطاعة رضا خان واجبا شرعيا وفميا يلي ترجمة لمقاطع من هذه البرقية من الفارسية الى العربية .
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9].
وقد اكدت الفتوى على” حفظ الساحة الاسلامية من الفرقة والتشتت وحفظ المملكة الاسلامية من الانفصال و التشرذم ، لان بقاء الاسلام و ديمومة مذهب التشيع الحنيف مرهون ببقاء المملكة و بقوة وعظمة الدولة و وحدة كلمة الامة ، لذلك فان اولئك الذين يسعون الى شق عصا المسلمين و يدعون الى تجزئة المملكة الاسلامية( ايران ) انما اصبحوا اداة بيد الاجنبي يتحركون خفية وعلانية من قبل الدول الاستعمارية لتهديد استقلال المملكة و…. يستلون سيوفهم من اجل دعم سياسة الاحنبي ، ويهددون الامن والاستقرار … فانهم في الحقيقة يقطعون جذور الاسلام و هم بالتالي اعداء الدين والمذهب و يحاربون صاحب الشريعة ..,الخ ” ترجمة بتصرف . نقلا موسى سيادة تاريخ خوزستان از دوره افشار تا دروان معاصر ، 703
و بعد ان تحذر الرسالة الشيخ خزعل من مغبات تحركه، تناشد القبائل العربية عدم الانصياع لاي اوامر غير اوامر الدولة المركزية . وتختتم الرسالة قولها بالاية الشريفة القائلة “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها. والسلام على من اتبع الهدى ، اكتوبر 1924 التوقيع 18 من العلماء
الانكليز والشيخ خزعل ، يوم لك و يوم عليك :
ونقلا عن كتاب ” سبز آباد ” الصفحة 191 وتحت عنوان ” الانكليز والشيخ خزعل ، يوم لك و يوم عليك ” تنقل السيدة مي الخليفة عن لسان السير ” أردون ولسن ” قوله ” عن علاقة العرب في منطقة المحمرة بالسلطة المركزية الايرانية. يذكر ويلسن انها غير طبيعية . و يؤكد بان تلك السلطة تحمل الكراهية الشديدة للعرب ، وكذلك للاجناس الاخرى من آشوريين و بلوش و افغان ” .
وتضيف الاستاذة مي قولها ” في عام 1901 وجدت تطورات في الخليج كشفت عن المخالفات السياسية البريطانية في تلك المناطق , فقد سبق وان تعهدت بالالتزام بوحدة فارس ومتابعة الامور المالية الخاصة من اجل سد المدخل الذي ولجت منه روسيا سابقا ، ( اي القروض لحكومة فارس ) ، وفي الوقت ذاته كانت بريطانيا تحاول الاحتفاظ بعلاقاتها مع دول الخليج ، و بالذات في المناطق التي كانت شبه مستقلة مثل تلك التابعة لشيخ المحمرة خزعل” .
و تضيف ايضا ” وفي العام السابق 1900 جرت محاولة من الادارة البلجيكية في الجمارك الفارسية لمد سيطرتها الادارية على المناطق التابعة للشيخ وكان ذلك بقصد تنظيم الموارد للمشيخة ، الامر الذي لم يعارضه الشيخ خزعل اول الامر . وبالفعل ، ومع بداية عام 1901 قامت ادارة الجمارك المذكورة بتقديم خدماتها واصبحت الموارد المالية منتظمة ، و لكن انتظام الموارد كان امرا ثانويا بالنسبة لخزعل فيما اذا قورن بالسيطرة الفارسية على المناطق التابعة له ، و التي كانت الترتيبات المالية قناعا لها فقط ! في تلك الفترة كان الشيخ خزعل يقف على ارض قوية في مفاوضاته ، لان المحمرة وشط العرب ومنطقة قارون تعتبر مناطق غنية . هذا بالاضافة الى جانب وقوفه على رأس عشرين الفا من المسلحين التابعين له ، لذلك حاول الانكليز اقتاع الشيخ خزعل بالوصول الى حلول معقولة ، وفي الوقت ذاته تعهدوا للأدارة الجمركية الفارسية بالتخلي عن اي دعم للشيخ خزعل اذا ما رفض مقترحات بريطانيا .
ولكن الشيخ خزعل رفض الموافقة على طلبات لجان الجمارك وكان عنيدا في قراراته ( مثل الشيخ مبارك و الشيخ عيسى بن علي في البحرين ) ، ورغم تهديدات الشاه للشيخ خزعل اصر على رأيه مطالبا بالسيطرة الكاملة على منطقة المحمرة وحفظ العوائد الجمركية التابعة له مع انشاء دوائر خاصة به ، ورفض انشاء اي مركز ضريبي يتبع السلطة الفارسية في المحمرة .
وبعد نقاش وانتظار وافقت سلطات الجمارك في فارس على طلبات الشيخ خزعل ، وكان ذلك في اغسطس 1902. و بطبيعة الحال لم ترض هذه التطورات اللورد كرزون الذي كان يعتبر سلطات الجمارك البلجيكية أداة روسية ! في الجانب المقابل ابدى الشيخ خزعل رغبته في التعاون مع الحكومة الفارسية شرط ان تتعهد بريطانيا له بالأمان و بعدم تدخل اي سلطة في اراضي عربستان . وجاء الرد الانكليزي بأن بريطانيا لديها تعهدات من الحكومة الفارسية بأن الأخيرة سوف تبلغها بأي تحرك تجاه المحمرة ، اما ما عدا ذلك فسوف يعتبر تدخلا في شؤون الشاه ودولته !( كان بداية التغيير البريطاني تجاه الشيخ خزعل !) .
وفي الحقيقة كان لتحركات الشاه وادارة الجمارك هدف واحد وهو انهاء الوجود العربي في عربستان ، وكانت مخاوف كرزون الوحيدة هي دخول روسيا في ذلك المجال ، و بالتالي تحكمها في المصادر المالية لفارس عن طريق السيطرة على نفط عربستان وموانئها. واكد كريزن تلك الفكرة بقوله :
” ان سبب فشل السياسة البريطانية في فارس كان نتيجة حتمية لعدم مساعدة الشيوخ المحليين “.
وعلى ذلك الاساس قامت السلطات الايرانية مرة اخرى بابلاغ شيخ المحمرة : ب ” أنها سوف تستخدم سبل الصداقة لابقائه في منصبه وكذلك بقاء قبائله في مواقعها الموروثة ، كما انها ستنصح حكومة طهران بعدم التدخل في الشؤون الخاصة بالمحمرة ، مع وعد بتقديم الحماية ضد اي تدخل بحري ” المصدر :”Briton – Cooper Bush Briton and the Persian Gulf 1894 -1914 ، 235 – 236
رغم تلك الوعود كان الشيخ خزعل قلقا جدا في تلك الفترة . وكان يريد لبلاده ان تكون مستقلة مثل بلاد صديقه شيخ الكويت ، الا ان بريطانيا كانت ترى فروقا كثيرة بين المشيختين و اوضاعهما السياسية ، ولم يكن ارتباط بريطانيا آنذاك بالشيخ خزعل الا احتياطا مؤقتا لاحتمال سقوك فارس في ايدي الروس ” نفس المصدر السابق .
و في الصفحة 395 تحت عنوان ” خزعل خان و الشيخ مبارك ” تنقل السيدة مي الخليفة ماقاله السر برسي كوكس عن الشيخ خزعل و الاجتماعات التي دارت بينه و بين الشيخ و الشيخ مبارك امير الكويت قوله :
” اننا تعتبر شيخ المحمرة رجل دولة من الدرجة الاولى ، كما انه يجيد ادارة الامور لكونه سياسيا ايضا . ولكن اصبح لازما على حكومة صاحب الجلالة ان تدرك مدى اهمية الاعتبار والمسؤولية التي تلتزم بها هي وممثلوها تجاه هؤلاء الشيوخ المتحضرين ، ! و كيف توقع على اتفاقيات معهم وبحسب تصوراتهم و بما يناسبهم ! كما في الوقت ذاته ان تطالب الشيوخ بالثقة في ممثليها ، وان تقنعهم بان ما تم من اتقاق لصالح الجميع ، لهذا اني احمل ذكرى سيئة عن زيارتي الاخيرة للشيخ مبارك الذي خرجت بلاده والمحمرة ايضا بنصيب جيد في الاتفاقية بيننا وبين الاتراك . مع ذلك لم يرحب الشيخ مبارك بالسيادة التركية التي كنا قد علمناه رفضها ! ولم يعجبه فقدان أم قصر وصفوان . كما ابدى اسفه الشديد لتعيين ممثل تركي في بلاده . وكان الشيخ يعتقد ان الزمان الذي يعين فيه ممثل دولة اخرى على ارضه لادارة حكومته قد ولى من سجل السياسية الدولية ! اما اعتراض شيخ المحمرة فقد كان متوقعا ، خاصة وانه قد يطلب تفسيرا للتنازل عن بقية نهر قارون الى الاتراك ووضع مصير الجزء التابع له في يد ممثل انكليزي في لجنة الوصايا الانكلو – تركية . لذا كان لابد ان اقابل الشيخين واطلب منهما التعاون الكامل والكف عن التذمر و الاستياء!.
ويستمر كوكس في حديثه الى ان يقول “و فعلا قابلت الشيخ خزعل خان والشيخ مبارك معا في منطقة الاخير و راجعت مع شيخ الكويت مصاب تصلب الشرايين ( المقصود انسداد الشرايين وعدم تدفق الدم فيها و الضعف العام ، المؤلفة ) وكان لايزال معارضا لتعيين الممثل التركي في الكويت وكرر لي : ” هذا ما اراده الاتراك دائما وما قاومته طيلة عمري وها انت تطالبني على ذلك بالتضحية من اجل استقلالي و ان الحكومة العلية سوف تساعدني اذا ما حصل ما يضر بمصالحنا المشتركة ، ماذا تركتم لي غير ان اصدق واعتقد بادعائك ووعود حكومتك وانفذ لك ما تطلبون … نعم انا اقوم بذلك ولكن متردد ! ” نفس المصدر السابق ، ص ، 170
وبالاسلوب ذاته ناقش الشيخ خزعل الاتفاق و التقسيم النهري مؤكدا مرة اخرى ولاءه للانكليز ومتسائلا لماذا التغيير الان ! ومعلنا مخاوفه من مشاكل الاتراك !
ويضيف كوكس :
الموقف من ثورة الدستور :
” لقد استغرق الحديث عشر ساعات مع شيخ المحمرة واربع ساعات اخرى مع شيخ الكويت ، وكل ما ذكرت لك يجب ان يبقى في طي الكتمان والسرية ، ولكن اذا اردتم التعليق على هذا الاتفاق لابد من تأكيد التزام صاحب الجلالة بتعهداتها تجاه الشيخين . وانها لن تتوانى عن منع الممثل التركي في الكويت من التمادي في صلاحياته ، و لن تقبل اثارة المشاكل للشيخ خزعل من قبل الاتراك ” نفس النصدر السابق ، ص، 171
رغم العلاقات الطيبة التي كانت قائمة بين الشيخ خزعل و ملوك القاجار و حصوله على الاوسمة” الهمايونية ” في عهد محمد عليشاه القاجار ، رغم ذلك فقد ساند الشيخ خزعل ثورة الدستور ووقف الى جانبها ، كذلك ساهم الشيخ خزعل واثناء هجوم البختياريين بقيادة ” السردار اسعد “على طهران بتقديم مساعدات مالية الى القوات البختيارية المساندة لثورة الدستور بمبلغ مقداره 5000 ليرة عصملية ” عثمانية ” . من جهة اخرى ارسل برقية الى محمد عليشاه يهدده فيها انه في حال وقوفه بوجه قادة ثورة الدستور و البختياريين ، فأن العرب لن يقفوا مكتوفي الايدي و سوف يهاجمون طهران . كما ان الشيخ خزعل وتعبيرا منه للتضامن مع الدستوريين امتنع عن دفع الضرائب التي كانت تفرض على البضائع في ميناء المحمرة وصادرها لصالحه ،كما ارسل برقية الى “صمصام السلطنة ” يعلمه فيها ان ولاية المحمرة قد صادرت وارد الجمارك في عربستان لصالحها و امتنعت عن دفعها الى الدولة المركزية ويرجوه في البرقية ان يبلغ الاخوة الاذربايجانيين و الجيلانيين بذلك ، كما ارسلت برقية مشتركة جماعية من المحمرة من قبل زعماء البختياريين ” الحاجي سيف الدولة ” و ” سردار اسعد ” و الشيخ خزعل يطالبون من خلالها باعادة النظام الدستوري ” الى صاحب الجلالة محمد عليشاه ” . لمزيد من الاطلاع راجع كتاب ” تاريخ خوزستان از افشارية تا دوران معاصر ، تاليف موسى سيادة ، الجزء الاول ، 482 .
كما بعث الشيخ خزعل وعبر السفارة التركية بطهران برقية الى مجلس الشورى الايراني ، يعرب فيها عن تأييده لثورة الدستور ، صابا جام غضبه على رضا شاه معتبرا ا ن ” المظالم و التعديات و الاغتيالات وسفك الدماء و القتل العام الواقع على المسلمين من قبل المدعو ” رضا خان ” و ضغطه على الحريات وخنقه الاحرار عن الكلام طيلة اربعين شهرا ، و المطامح القومية التي يكنها ، وتطاوله على كبار رجال الدولة وتخطيه الحدود المرسومة لمركزه ، ثم تطاوله على المركز السامي الملكي ، وما يبطنه من المطامح في الاستيلاء على السلطة وما يقوم به من مفاسد مما ادى الى زعزة الامن و اضطراب المملكة .. .” و تطرق الشيخ خزعل في برقيته الى مسائل شتى منها حرير التعبير و الحريات السياسية وحرية الصحافة والحرية الفردية واستقرار الامن و”احترام الدستور وصيانة اهداف ثورة الدستور ” المشروطة ” “واطاعة رأس الدولة الشرعي جلالة الملك احمد شاه “. كما في هذه البرقية يحاول الشيخ خزعل وفي سبيل الحفاظ على ما لديه من مكاسب على الصعيد الداخلي ان يطمئن المجلس بقوله ” لاننا كما كنا ولا زلنا من خدام هذا الوطن و ان ما قمنا به تجاهه غير مستور وغير خاف . اننا لاننكر هذه الخدمة الواجبة ” في اشارة منه الى تاييد ثورة الدستور لانه كا يعتقد ومن خلال هذه البرقية ان مؤازته لتحرك رضا شاه في البداية ” كان لاصلاح الوضع وصيانة دستورالبلاد و استقلال المملكة لا مخالفة الدستورو الخروج عن سيد البلاد ورأس المملكة الشرعي ونقض الايمان المقدس و اليمين العسكري الخ ” الى ان يقول في برقيته ” ولهذا فاننا نعمل لتقدم ايران واسعاد المملكة مرة اخرى واننا جئنا الآن مرة اخرى لنعمل على سعادة المملكة ، ووضع حد للمطامح الشخصية التي تدور في بعض الرؤوس وصيانة الحق ، وخلاص البلاد مما يكنه هذا الرجل في الخفاء ، اننا نتحمل كل الصعاب و لانأسف ان نتلقى الاوامر من الدولة المركزية ” لقد كان الشيخ خزعل على ما يبدو على دارية كاملة بنوايا رضا شاه تجاهه حيث يقول في برقيته الى المجلس ” اننا ومنذ سنة اتضحت لدينا الحقائق الثابتة وتأكد لدينا سوء نية هذا الرجل وبطانته ، واتضحت سرائره وانكشفت مطامحه وعرفنا غاياته . انه يريد الاستيلاء على الثورة و الاستحواذ على الحكم وهدم العرش الوطيد منذ عشرات القرون و يريد اعلان الديكتاتورية الفردية … و التفريط بالدستور وضياع الغاية من المشروطة- اي الحرية و العدالة والمساواة ” الى ان يختم برقيته الى المجلس بالقول ” نعاهدكم اجمعين باننا سنبذل كل مرتخص وغال في هذا السبيل وخلاص المملكة من تحكم هذا الغاصب ، وان مؤازرة مجلس النواب لنا تثبت ان في البلاد من يغارون على هذا الوطن وترابه” للاطلاع على نص البرقية كاملة راجع كتاب ، موسى سيادة مصدر سابق ، ص، 705
ان شعبنا العربي الاهوازي والذي تعرض خلال فترة حكم السلالة البهلوية الى شتىى انواع الظلم و الحرمان والى امحاء هويته القومية . كان يتطلع الى غد اكثر اشراقة بعد سقوط نظام الشاه . لذلك شارك بكل فئاته الاجتماعية في الثورة الايرانية اعتقادا منه ان المرحلة القادمة ستكون اكثر تفهما لمعاناته ، الا انه ومع الاسف الشديد ما ان مر على انتصار الثورة الا اشهر عدة حتى سلك النظام الجديد والذي تربع على دفته رجال الدين تجاه شعبنا نفس السياسية العنصرية التي كانت تمارس سابقا .
لقد افتى رجال الدين(الفرس)) فيما مضى و اثناء اختطاف الشيخ خزعل فتوى موجهة الى الشعب العربي الاهوازي مفادها ” ان من يحارب السردار اقدس ( اي رضا رشاه ) كأنما يحارب الله و رسوله في يوم بدر وحنين ” واليوم وفي عهد الجمهورية الاسلامية تردد نفس العبارة وبقوة فاي تحرك باتجاه المطالبة بالحقوق مهما كان نوعه يعتبر تهديدا لسلامة و امن البلاد و يعتبر صاحبه ” محاربا لله و رسوله ” . وتحت هذه اليافطة اعدم و سجن وشرد المئات من ابناء شعبنا ، هذا بالاضافة الى ممارسة سياسة التفريس عبر جلب المزيد من غير العرب لاسكانهم في المناطق العربية وذلك من اجل تغير البنية السكانية للاقليم . رغم ذلك فشعبنا يواصل النضال بكل شجاعة وبسالة مفعما بالامل بانه سوف ينال حقوقه طال الزمن ام قصر .