و بالرغم من ان ايران تعترف بالتنوع القومي رسمياً الا ان الواقع يعكس على ان اعترافها هذا محكومٌ بهمينة ثقافة واحدة و هي الفارسية على القوميات الاخرى. و هو يعد انعكاساً لتأثير الفكر القومي الفارسي المرسخ في الذهنية الجماعية للإيرانيين. حيث فارس هي المركز اما بقية الشعوب فهي تعيش في ظلالها.
و تبقى اخطر سياسة استمرت بها الحكومة الإيرانية من بعد الثورة هي انتقاصها لحق الشعوب غير الفارسية في التعلم بلغتهم الأم بل حتى السماح لكتبها من ان تتواجد في الأقاليم التي يقطنوها، حارمةً تلك الشعوب ليس من التواصل بلغتها الأم فحسب، بل حتى من ان تحافظ على كيانها اللغوي و الذي يعد اهم ركن لهويات الشعوب.
و لتوضيح ذلك نستشهد بتدريس الأدب الفارسي في المدارس الإيرانية…
يتم تدريس الأدب و اللغة الفارسية في المدارس الإيرانية على انه الأدب الإيراني، و في هذا تناقض كبير. فإيران بلد متعدد القوميات والشعوب.
و تحمل الشعوب المتواجدة في جغرافياتها تراثاً ادبياً على مر تاريخها، فإن كان الأدب الإيراني ضمن النطاق الجغرافي و ليس قومياً، فالمفترض ان يتم تدريس و التعريف على الأثار الثقافية لتلك الشعوب لا ان ينحصر العنوان في الفرس فقط.
على سبيل المثال تشتهر الأهواز بوجود اعلاماً ادبية و علمية على امتداد عصورها السالفة كأبونواس، ابن السكيت، ابوالهلال العسكري، ابوالعيناء، المبرمان النحوي، ابوالحسن الأهوازي، ابن المعتوق، هاشم الكعبي، عبدالعلي العروسي، فرج الله الحويزي، ابوالحسين الأهوازي، ابراهيم باليل الدورقي و غيرهم من الأعلام التي تتواجد في الوقت الحاضر…
و لكن هذه الثلة من الأعلام لا تدرس اعمالهم و لا يتم التعريف عن اخبارهم في المدارس الإيرانية او حتى في اقليم الأهواز، بل و ان يتم ذكرها فسيتم ذكرها على انها عربية فقط، بالرغم من انها ارثُ مرتبط بما قدمه ابناء هذا الإقليم للأدب العربي، و هو يعد ادبه المحلي و الرسمي.
اما الأدب الفارسي و الذي يتم تعريفه بأنه الأدب الإيراني رسمياً فهو لا يتم تدريسه فقط، بل ان آثار شعراؤها و كتابها متداولة بيسر في الأهواز على العكس من نتاجاتنا الأدبية و التي تطبع في الخارج و لا يسمح بتداولها في الداخل.
ملاحظة اخيرة لابد من التنويه لها و هي ان معظم الشعراء و الكتاب و الباحثين الأهوازيين في الداخل يتم مضايقتهم او تصفيتهم، و بعض من المع شعراء و ادباء الأهواز موجودون الآن في الخارج، بعد ملاحقتهم امنيا و السعي لتصفيتهم لما لأدبهم دوراً في انهاض همم الأهوازيين امام ما يعانوه من سياسات عنصرية و مجحفة.
و ما يعانيه ابناء الأهواز ينطبق على ابناء الشعوب الغير فارسية ايضاً.
و يبقى تدريس اللغة الفارسية و تعليم الأدب الفارسي خير شاهدٍ على ان الفكر القومي الفارسي لم يزل بزوال الحكم الشاهنشاهي، بل تم احتوائه ضمن الإطار الأيديولوجي االديني في ايران بعد ان كان اطاره في السابق تراثوياً علماني.