في هذه السطور حاولت ان انفخ غبار النسيان عن احد علماء الأهواز و هو المترجم واللغوي يوسف الأهوازي المتوفی سنة 580 للميلاد .
لم نکن نسمع به من قبل و قد خلت الکتب العربية القديمة والفارسية من ذکره لکن بقی اسمه محفوظا في المؤلفات السريانية الآرامية ولولا هذه الکتب لکان ممن طوتهم اوراق النسيان و ممن عفی عليهم الزمان .
كان يوسف الأهوازي مدرّساً بجامعة نصيبين وهي جامعة کان يُدرَّس بها تفسير الكتاب المقدس والطب والفلسفة واللاهوت بالإضافة إلى قواعد اللغة السريانية الآرامية.
وتعتبر حينئذ من أفضل الجامعات في العالم. تقع بلدة نصيبين حاليا في جنوب شرقي تركيا .
كان يوسف مدرساً بهذه الجامعة وهو من منطقة الأهواز و كان خبيرا باللغة و النحو و الترجمة و اقدم من يذكر ممن ألف في اللغة السريانية المشتقة من اللغة الآرامية السامية .
ومن المعروف تاريخياًُ أن النحو السرياني قام علي أساس من النحو اليوناني. فترجم يوسف الأهوازي إلى السريانية أشهر كتاب في النحو اليوناني وهو كتاب “الصناعة النحوية” لديونيسيوس ثراكس أشهر نحاة مدرسة الإسكندرية . (الثقافة المنطقية في الفكر النحوي – د. محي الدين محسَّب) .
ومن الواضح أن ترجمة الأهوازي لكتاب ديونيسيوس إلى اللغة السريانية كان الغرض منها أن يجعل النص فى متناول القراء السريان الذين لا تتوفر لديهم المعرفة الكافية بالخلفية الفكرية التى أستند إليها ديونيسيوس ، بالأضافة إلى الاستفادة من وضع قواعد للنحو السرياني ، وهو الأمر الذي كان السريان فى ذلك العصر فى أمس الحاجة إليه.
وهناك بعض المصادر التى تصف يوسف الأهوازي بأنه وضع أقدم مؤلف فى النحو السرياني ولم تشر إلى أنه منقول أو مقتبس من نص يوناني . وقد انتفع بهذه الترجمة كتبة النحو السرياني من بعده (أقسام الكلام السرياني د. احمد الجمل )
وأشارت الدکتورة زاکية رشدي في کتابها « السريانية نحوها وصرفها» : ويعتبر يوسف الأهوازي أستاذ مدرسة نصيبين ( المتوفي 580م ) صاحب أقدم مؤلف سرياني عُرف فى النحو .
و جاء في مجلة جامعة الأنبار للعلوم الإنسانية العدد الأول ( اذار – 2010 ) :
ولا يغرب عن بالنا أن مار احودامة ويوسف الاهوازي وعنان يشوع قد كتبوا في النحو قبل الرهاوي ولكن كتبهم هذه ضاعت ولم يبقى منها شيئا .
و صرّح غريغوريوس يوحنا ابراهيم في مقدمة کتاب اللمعة الشهية الذي راجع الطبعة العربية الجديدة :
« والذي يهمنا في موضوع من أهتم بأحكام اللغة السريانية وضبطها، أن نرى يوسف هوزايا أو الأهوازي الذي توفي سنة (580 م) وأصلّه من الأهواز، يأتي في مقدمتهم وهو صاحب كتاب النحو الآرامي بعنوان : مقالة في النحو لربان يوسف هوزايا القديس المُقرى في مدرسة ربان نرساي، ويقال أنه نقل كتاب Teqne، لديونيسيوس التراقي في النحو اليوناني، ويكتب العلاّمة مار غريغوريوس يوحنا ابن العبري في تاريخه الكنسي أن يوسف الأهوازي خلف الملفان نرساي في نصيبين، وغيّر القراءة الرهاوية بالقراءة الشرقية التي يتبعها النساطرة » .
و بيّن الدکتور سامي سعيد الأحمد في کتابه «، المدخل الى تاريخ اللغات الجزرية » : ان أول محاولة لنقط الكلمات تنسب الى يوسف الاهوازي وكانت نقاطاً تميز بين الكلمات المتشابهة خطاً والمختلفة معنى .
قال السيّد اقليميس يوسف داود الموصلي السرياني في كتابه « اللمعه الشهية في نحو اللغة السريانية » الذي طبع عام 1879م في الموصل :
« ولكن مما يوجب العجب انه في تلك المدة كلها من الاحقاب لم يكن على ما نعهد عند السريان كتب نحوية او لغوية لضبط قواعد الكلام . فكان الطلاب يتعلمون اللغة ويحكمونها بالنقل والتقليد والمطالعة الكثيرة . ولم يظهر كتاب لضبط قواعد اللغة السريانية على ما اتصل بنا إلا بعد زمان المسيح (ع) بقرون . وذلك عند الشرقيين اولا . واقدم من يذكر ممن ألفّ شيئا من ذلك كان يوسف الاهوازي المعروف بالحزّاي اي الرائي الذي اشتهر بالتدريس في مدرسة نصيبين المشهورة وتوفي 580 للميلاد » .