المرجع الشيعي يطالب عبر بإيجاد صيغة تنظم السلاح داخل الدولة

علي الأمين: لا يجوز للشيعة العرب أن يدخلوا في مشاريع خاصة وليكن مشروعهم مشروع كل الناس
التواصل بين الشعوب فتح للشباب العربي آفاقاً جديدة للتخلص من الأحادية والاستبدادية والحزب الواحد والحاكم الواحدAlhousaini_Lebanon

من المؤسف أن الحركة في البحرين هدفها تغيير النظام وليس تحسين المطالب الاجتماعية
لا يجوز لـ”حزب الله”  أن يواجه كل اللبنانيين  وكأنهم مسؤولون عن المحكمة
لا أملك معلومات حول قضية الصدر
بيروت – صبحي الدبيسي:
رأى المرجع الشيعي المستقل العلامة السيد علي الأمين أن التواصل بين الشعوب العربية فتح آفاقاً جديدة للشباب للتخلص من الأحادية والاستبدادية والحزب الواحد, مبدياً أسفه لأن الحركة في البحرين تهدف لتغيير النظام وليس لتحسين المطالب الاجتماعية, ومحذراً الشيعة العرب من الدخول في مشاريع خاصة بهم, ما لم تنطلق من المشروع العام لكل الناس الشركاء معهم في الوطن.
الأمين وفي حوار أجرته “السياسة” معه أكد بأنه لا يملك أية معلومات حول قضية اختفاء الامام موسى الصدر الذي كان مفترضاً على ورثته أن يكون تحركهم أسرع للكشف عن مصيره ولو اقتضى الأمر ذهابهم الى ليبيا. وتساءل: كيف يمكن للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أن يستنكر ما حصل بحق الشعب الليبي ونحن رأينا كيف أنه أمر بقمع المسيرة الخضراء في طهران, وكيف تم قتل الناس, مستغرباً أن يمتدح البعض ما حصل في مصر من قبل الشباب باتجاه الديموراطية فيما هم يمنعون الرأي الآخر داخل أحزابهم وطوائفهم, وواصفاً ما جرى ضد حكومة الرئيس سعد الحريري بأنه ليس انقلاباً بقدر ما هو ممارسة للعبة الدستورية وليس شرطاً لأي نائب انتسب لكتلة نيابية أن يمنح رأيه دائماً وأبداً لكتلته.
وفي موضوع المحكمة والسلاح رأى بأنه لا يجوز ل¯”حزب الله” أن يواجه اللبنانيين عموماً وكأنهم مسؤولون عن المحكمة فيما هي لم تنشأ للثأر أو للانتقام من أحد, أما السلاح فقال انه سيبقى مشكلة اذا لم يتم التوصل لايجاد صيغة لتنظيمه داخل الدولة.
وفي ما يخص الحملة ضد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أكد بأنه ضد الصيغ الهابطة في التعاطي مع المواقع الوطنية, واعتبر بأن منطق المحاصصة والمشاركة سقط والحصة التي أعطيت لرئيس الجمهورية لحفظ التوازنات هي التي أسقطت الحكومة.
واستغرب الأمين أن يتحدث الرئيس نبيه بري عن الفساد, والهدر, فيما كل الموازنات والاقتراحات كانت تصدر بقرارات عن المجلس النيابي, منتقداً البيان الصادر عن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بخصوص المحكمة لأنه يعبر عن وجهة نظر حزبية من الجهة المهيمنة عليه, مطالباً “14 آذار” باجراء جردة حساب لمسيرتها, ومؤكداً بأنه ليس جزءاً من هذا الفريق, وقال ان مشاركة الوزير محمد عبدالحميد بيضون في مهرجان “14” فبراير بداية الالتفاتة من قبل “14 آذار” للرأي الآخر.
وفي موضوع تهديد أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله تحرير الجليل رأى فيه الأمين نوعاً من التصعيد الاعلامي, معتبراً أن وجود البارجتين الايرانيتين في المتوسط استعراض ايراني لا قيمة عسكرية له.
ما  قراءتكم لما يجري في المنطقة, من تغيير أنظمة في دول, كانت الى الأمس القريب تسمى بدول الاعتدال العربي, وأقصد هنا مصر وتونس لتنطلق الشرارة الى الدول التي تدعي الاشتراكية مثل اليمن وليبيا, برأيكم ما سر هذا التوقيت للتغيير?
لا شك بأن من يتابع الأمور من خلال المطالب التي طرحت, لدى المتظاهرين يكتشف بأن هناك أسباباً أدت الى هذا الخروج المفاجئ للشعب, وبرأيي يمكن تلخيصها بأمرين:
الأمر الأول: كما جاء في الكلام المأثور (العدل أساس الملك).
الأمر الثاني: الحريات التي تشكل الفضاء الذي يتنفس منه المواطنون, كما جاء عن الخليفة عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً, أو ما جاء عن الامام علي: لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً.
ونلاحظ مثلاً أن العدالة هي الأساس في عملية استقرار الأنظمة وبقائها واستمرارها, مضافاً الى مسألة الحريات. وما نلحظه ابتداءً من تونس مروراً بمصر ووصولاً الى ليبيا, هذه الأنظمة تتفاوت بدرجة الشدة. مصر مثلاً لم تكن تخلو من الحريات, ولكن كان هناك حالة من الآحادية, والاستبدادية بمعنى الحزب الواحد والرئيس الواحد والحاكم الواحد. هذه المسلمات عاشت الناس عليها عقوداً. هذه الأمور نتيجة التواصل الموجود بين الشعوب حيث أصبح العالم قرية واحدة. حتماً هذا التواصل يفتح آفاقاً جديدة بين الشباب بأن تتماثل بأنظمة توجد فيها أقساط كبيرة من العدالة ومن الحريات.
لماذا أخذ الصراع في البحرين الطابع المذهبي على عكس ما كان يعتقد, بأن الشيعة العرب يناضلون من خلال دولهم ولا يتأثرون بالموجة الايرانية, فلماذا أخذ الصراع هذا المنحى في هذه الدولة?
برأيي أن الحركة التي قامت أخيراً في البحرين لم تكن حركة مطلبية, ولم يعكس السبب للتجمع الذي حصل بأن هناك حالة اقتصادية ومطالب اجتماعية. وكأن المطلوب هو تغيير تركيبة النظام في البحرين, وهذا طبعاً يحمل حساسية كبيرة خصوصاً وأن الحركة السياسية ينبغي أن تكون جامعة لكل الفئات, ولا يحق لفريق أن يفرض رأيه وخياره على خيارات أخرى لشركائه في الوطن بخلاف المطالب الاجتماعية التي قد يجتمع عليها كل المواطنين من مختلف الشرائح. فالأمر الذي لاحظته أن الحركة التي قامت في البحرين لم تقم لمطالب اجتماعية وانما قامت من أجل أمور سياسية كبيرة, فيها تغيير لتركيبة النظام وهذا لا يمكن أن يقوم به فريق وحده أو طائفة وحدها.
ما  دعوتكم للشيعة في منطقة الخليج, سواء في البحرين أو في الكويت أو في السعودية?
نقول لهم, بأنهم جزء من شعوبهم, لا يجوز أن يدخلوا في مشاريع خاصة بهم, وانما يجب أن يكون مشروعهم هو المشروع العام لعموم الناس ويجب أن ينخرطوا في حركات مطلبية عامة, لا أن يقفوا ليطالبوا بأمور خاصة بهم, وينخرطوا في أحزاب ذات مشاريع خاصة ويصبح لها ارتباطات خارجية وهذه تضر بالشيعة وبغيرهم. ونحن نصيحتنا لتلك الحركات السياسية الموجودة في هذه البلدان, أن لا تحذوا حذو الحالة المذهبية, كأن يكون لهم مطالب خاصة ومشروع خاص, بل يجب أن يكون مشروعهم الدائم هو مشروع الدولة الذي يشتركون فيه مع سائر المواطنين.
هل لديكم معلومات حول وجود الامام موسى الصدر ورفيقيه أحياء, كما أشار الى ذلك النائب حسن يعقوب, في وقت يؤكد أحد رجال النظام الليبي السابقين, بأنهم قتلوا وأشار الى مكان دفنهم في مدينة سبها?
حول هذه القضية التي طغت على السطح أخيراً بسبب الأحداث التي جرت في ليبيا, لا يوجد لدينا أية معلومات حول قضية الامام الصدر أنه لا يزال على قيد الحياة. والمطلوب من الذين ورثوا الامام الصدر أن يكون تحركهم أسرع باتجاه هذه القضية. وكان بالامكان لهذه القيادات التي تأخر اهتمامها بهذه القضية, أن تذهب فعلاً الى ليبيا. وبامكانهم الذهاب الى بنغازي أو غيرها ويتعرفوا بشكل مباشر على هذه القضية.. واذا كان لديهم موانع من الذهاب فنحن على استعداد للقيام بهذه المهمة بتكليف رسمي منهم.
الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد انتقد بشدة اطلاق النار على المتظاهرين والمحتجين في ليبيا, في حين لا يسمح للمعارضة في ايران أن تعبر عن رأيها, كيف تفسر هذا التناقض?
لا أخفيك بأنني استمعت لبعض كلمات الرئيس الايراني, وفي الحقيقة شعرت بالأسف من هذا الكلام, فكيف يمكن أن يستنكر ما يجري في ليبيا, ونحن رأينا كيف قمعت المسيرة الخضراء في طهران, وكيف قتل فيها الناس, والقتلى تجاوزوا العشرات والمعتقلون تجاوزوا المئات, والصور اطلع عليها العالم. وكيف يمكن أن ينهى المرء غيره عما هو فعله وسبقه اليه. يحاول الرئيس الايراني بذلك أن يوحي وكأنه لم يجر شيء داخل بلاده, لكن هذه طبيعة الأنظمة  الشمولية التي ترى لنفسها الحق في أن تؤيد أي تحرك خارج حدودها, وتعتبره ثورة تحررية, بينما اذا جرت أي تظاهرة ضد هذه الأنظمة, تعتبرها خروجاً على القانون وخروجاً على الدين. فمن هنا نستغرب هذا الموقف الذي عبر عنه الرئيس الايراني.
في الوقت الذي تثور فيه الشعوب على الحزب, لاحظنا في لبنان انقلاباً على الدولة من قبل الحزب الواحد, برأيكم لماذا حصل ذلك?
لا شك بأن ما يجري في المنطقة من تغيرات على الأحادية وعلى الزعيم الأوحد والحزب الأوحد ستصل الينا عاجلاً أم آجلاً, وأنا قلت في بعض المقابلات مع القناة المصرية, أستغرب ما جرى من قبل البعض عندما يمدح ما جرى في مصر من قبل الشباب باتجاه الديمقراطية, فأنا أسأل: أين هي ديمقراطيتهم داخل أحزابهم أو داخل طوائفهم? هم يمنعون الرأي الآخر داخل أحزابهم واذا أجرينا جردة حساب لزعامات هذه الأحزاب, لوجدنا بأن أقل زعيم حزب هنا في لبنان قد أصبح له ما يزيد على الثلاثين عاماً رئيساً داخل حزبه, أو في المؤسسة التي يستلمها في السلطة أيضاً يبقى فيها سنوات عديدة. ولذلك كيف يمكن للانسان أن يسمح لنفسه بأن يشجع الآخرين على ما يمنعه في مؤسساته التي يستولي عليها? وما نراه من هذا التغيير في المنطقة سيصل في النهاية الى الدوائر الحزبية. أما على مستوى ما جرى من تغيير الأكثرية النيابية, فأنا لا أرى بأنها انقلاب بالمعنى العسكري وانما هو استخدام للعبة دستورية حصلت, وما أسباب حصولها? لا أعلم, ولكنها تحصل في كل بلاد العالم, لأنه ليس شرطاً لأي نائب انتسب الى كتلة نيابية أن يكون صوته لها دائماً, وليس شرطاً أبداً أن يبقى دائماً في كتلته ويمكن أن ينتقل الى كتلة أخرى. لم أقرأ نصاً دستورياً يلزم النائب في كتلة أن يبقى دائماً مؤيداً لكتلته.. لكن الظروف التي حصلت في الفترة الماضية وواكبتها بعض الأحداث, ربما “حزب الله” استعجل فيها بما وصف بتحرك القمصان السود, أعطت الصورة بأنها السبب في تغيير الأكثرية. لكنني أراها لعبة يسمح بها الدستور, أما أسباب انقلاب الأكثرية الى أقلية والعكس بالعكس, طبعاً لها عوامل جديدة لكنها بقيت ضمن اللعبة الدستورية, خصوصاً أن الفريقين احتكما الى الاستشارات النيابية, يعني فريق “14 آذار” وافق على الاستشارات النيابية, ولا يمكنك أن تعتمد على الاستشارات النيابية حكماً ولا تقبل بحكمها بعد ذلك..
بهذا المقدار أنا لا أرى ما جرى يشكل انقلاباً على غرار ما يحصل في المنطقة, من انقلابات على الدولة وعلى السلطة وعلى النظام.
من الواضح بأن المعركة المقبلة هي معركة المحكمة والسلاح, برأيك كيف سيواجه “حزب الله” المجتمع الدولي اذا كان يرفض العدالة ويرفض المناقشة في موضوع السلاح?
لا شك أن المرحلة المقبلة كما قلت هي السلاح والمحكمة الدولية التي كان يمكن أن تكون مواجهتها من خلال الطرق القانونية المتعارف عليها, وكان
يمكن عند صدور القرار الاتهامي أن يصار الى تشكيل لجان من كبار المحامين مثلاً لنقض هذه الاتهامات التي سوف تصدر. وهذا يحتاج من “حزب الله” الا يواجه اللبنانيين عموماً وكأنهم مسؤولون عن هذه المحكمة.
المحكمة نشأت استجابةً لأحداث أليمة وموجعة وكبيرة وقعت على الساحة اللبنانية. وباعتبار أن القضاء اللبناني عاجز عن القيام بهذا الدور, حصل خيار التوجه باتجاه المجتمع الدولي, ولم تنشأ بسبب الثأر أو الانتقام, أو توجيه الأصابع باتجاه فريق معين, وانما هو لوضع حدٍ لهذه الجريمة السياسية التي يستنكرها الجميع بما فيهم “حزب الله”, ولذلك ينبغي مواجهة نتائج هذه المحكمة بمزيد من التعاون مع اللبنانيين والتوافق معهم لا بمزيد من ايقاع الخلاف, وأن يكون اللبنانيون في حالة وفاق أفضل من أن يكونوا في حالة اختلاف.
وأما فيما يعود لمسألة السلاح, فهو سيبقى مشكلة حتى لو افترضنا أن المحكمة وجهت الاتهام  ل¯”حزب الله” ويمكن ألا تكون التهمة موجهة اليه, ولغاية الآن لا توجد معلومات أكيدة وملموسة بهذا الاتجاه. تبقى مشكلة السلاح لا تزال قائمة ولا بد من ايجاد صيغة لتنظيمه ضمن الدولة اللبنانية تمنع استخدامه في الداخل كما حصل في مرات عدة في السابع من مايو وفي عائشة بكار وبرج أبي حيدر, وأن يصبح أداة ضغط أيضاً على الحركة السياسية في لبنان, ولا بد من حل هذه المشكلة والانتهاء منها لأنه سيؤدي في نهاية المطاف اذا استمر الوضع من دون تنظيم السلاح وحل مشكلته الى أن نكون عاجزين عن بناء دولة, مستقلة وذات سيادة, ويمكن أن تبسط سلطتها على كامل أراضيها, وعندئذٍ سيبقى الجنوب ساحة تستدرج فيها عروض الحرب التي يمكن أن تكون مدمرة, وتدخلنا في أمور غير متكافئة بيننا وبين العدو الاسرائيلي.
رغم التغيير السياسي باتجاه فريق “8 آذار” يبدو أن هذا الفريق لم يكتفِ بذلك, ومنذ مدة انبرى أحد أركانه العماد ميشال عون للتهجم على رئاسة الجمهورية, ما مبرر هذا الهجوم ولماذا افراغ الرئاسة من صلاحياتها?
يمكن أن تكون الصيغة التي يعترض فيها على رئاسة الجمهورية غير مقبولة, لكن الخلاف في وجهات النظر أمر مشروع. سابقاً كان الخلاف موجوداً مع رئيس الجمهورية من قبل الأكثرية السابقة, أعني به الرئيس أميل لحود.
أنا ضد الصيغ الهابطة في التعاطي مع هذه المقامات الوطنية ومع هذه المواقع الوطنية, أما أن يجري نقاش معها واختلاف, هذا من طبيعة النظام الديمقراطي في البلد.
لكن اللافت في الأمر أن زعيماً مارونياً حليفاً ل¯”حزب الله” هو من يتولى الهجوم على الرئاسة الأولى?
من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف مع هذا الموقع, لكن أن نسعى الى اسقاط هذا الموقع فهذا هو الخطأ الحقيقي, الخلاف الموجود قد يكون بسبب الحصص مثلاً, نحن جربنا منطق المحاصصة في المراحل الماضية, وفي نهاية المطاف حتى الأكثرية سقطت. فعند تشكيل الحكومة اعتمدنا منطق المحاصصة, وأعطيت حصة لرئيس الجمهورية من أجل أن يحفظ التوازنات, هذه الحصة التي أعطيت لرئاسة الجمهورية أسقطت الحكومة.
لماذا فريق الثامن من آذار لا يريد أن يعطي فريق “14 آذار” الثلث المعطل, كما كان الحال في الحكومة الماضية?
لا تريد أن تعطي, لأنها تعتبر نفسها في المرحلة السابقة, من خلال الثلث المعطل الذي أعطي لها استطاعت أن تسقط الحكومة, وعندما وافقت الأكثرية السابقة على اعطاء المعارضة السابقة الثلث المعطل, أو ما سمي بالوزير الوديعة, من هنا أعتقد, أن هذه التجربة التي استفادت منها الأقلية السابقة بأن اعطاءهم الثلث المعطل ولو كان بالمضمون وليس بالشكل وبوجود وزير وديعة فقاموا باسترجاعها وأسقطوا عندئذٍ الحكومة, فلذلك كيف يكررون هذه العملية, ويقدمون ثلثاً معطلاً لفريق يمكن أن يسقطهم من السلطة, فهذا أمر طبيعي.
هل تؤمن بالشراكة بين “8 و14 آذار”?
تجربة ما يسمى بالشراكة لم تجد نفعاً, ولقد صار لنا سنوات عدة لم نر هناك فاعلية لهذه الشراكة, كانت الأقلية تشارك في غنائم السلطة ولا تتحمل المسؤولية, وتحمل كل ذلك الى السلطة, كما جرى في أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري من التسعينيات الى 2005, الفريق الآخر كان موجوداً في السلطة, يأخذ غنائمها ويشكل وكالة حصرية أيضاً لطائفته بحيث لا يمكن لأي فريق أن يكون عنده وكالة حصرية, لكن في نهاية المطاف رأينا كما سمعنا قبل أيام, بأن الرئيس نبيه بري يتحدث عن الفساد والهدر وكأنه لم يكن في السلطة وكانت كل الموازنات والاقتراحات تصدر بقرارات من المجلس النيابي.
عنوان المرحلة المقبلة الغاء المحكمة وعدم المس بالسلاح, برأيك كيف يمكن للحكومة التعاطي مع الشعارات التي رفعها “حزب الله”?
أولاً: من قال ان الرئيس نجيب ميقاتي يريد أن يلغي المحكمة? حتى “حزب الله” في كلماته الماضية اعترف بأنه لم يعد بامكانه الغاء المحكمة وكان البحث عن تداعيات صدور القرار الاتهامي وكيفية احتوائه ولم يعد الكلام في عملية الالغاء, فلذلك هذا الأمر الذي لم يكن مطروحاً فيما مضى, وليس مطلباً جديداً الغاء المحكمة وان يكن البعض قد صرح بذلك, وكما صدر عن بعض المؤسسات الروحية التي اعتبرت بأن المحكمة لاغية.
هل كنت موافقاً على بيان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بما يخص مسألة المحكمة?
بيان المجلس الشيعي الأعلى مستغرب من هيئة روحية يجب أن تتمتع بالحد الأدنى من الحيادية في قضية لها حساسية بالغة, وهذا البيان الصادر عن المجلس الشيعي الأعلى يعبر عن وجهة نظر حزبية من الجهة المهيمنة على المجلس المتمثلة بالثنائي “أمل” و”حزب الله”, لأننا لم نر طيلة هذه السنوات الماضية بياناً يختلف عما تقوله قيادتا “أمل” و”حزب الله”, في المنتديات وفي اللقاءات الاعلامية.
بعد خمس زيارات قام بها الى سورية والعمل على تحقيق مبادرة ال¯(سين سين), أين أخطأ رئيس الحكومة سعد الحريري حتى دفعت سورية باتجاه اقصائه عن الحكم?
لا شك بأن “14 آذار” بحاجة لأن تجري جردة حساب شاملة لمسيرتها في هذه السنوات التي جرت, وليس فقط الموقف من زيارات الشيخ سعد الحريري الى سورية, وانما في كل علاقاتها في الداخل اللبناني وفي الخارج كلها تتطلب اعادة النظر فيها, لأنه في السابق كان شعار “14 آذار” هو العبور الى الدولة وبالرغم من تسلمهم للسلطة, لم نعبر الى الدولة بعد, ثم خرجنا من السلطة, الآن يطرح شعار العودة الى الجذور, السؤال: لماذا تركنا الجذور حتى نعود اليها?
الآن سورية لم تقبل أو لعلها ايران لم تقبل, وكأنهما يريدان من الشيخ سعد أن يفعل ما لا يمكن أن يفعله, كيف يمكن أن يطلب منه أن يتنازل عن المحكمة الدولية, في وقت هذه المحكمة أنشئت بقرار دولي وليس بامكان الشيخ سعد أن يلغي هذه المحكمة, ولا أن يلغي قراراتها وانما يمكن أن يتعامل مع ما يصدر عنها بطريقة التعامل مع الحكم الصادر عنها, وكان يمكن التفاهم عليه, لكن يبدو أنهم يريدون أكثر وهو التعاون من أجل الغاء المحكمة, وهذا أمر لا يمكن أن يقدم عليه الحريري.
لماذا غبتم عن مهرجان “البيال” في “14 شباط”?
أنا عادةً,  أشارك في ذكرى “14 شباط” باعتبار أنها ذكرى تأبين رجل الدولة الذي عبر الطوائف والمذاهب الى الوطن الواحد, أعني به الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكنت أشارك بهذه المناسبة باعتبارها ذكرى تأبينية نستحضر فيها انجازات هذا الرجل الكبير, وانما “14 شباط” عندما أقيمت في “البيال” هذه السنة, لم أشارك فيها لأنها أخذت طابع التجمع السياسي لاعلان بيان سياسي ومواقف سياسية وهذا لا يعنيني لأنني لست جزءاً من “14 آذار”, لكنني زرت الضريح وقرأت الفاتحة عن روح الشهيد الحريري.
هل كنت راضياً عن مشاركة الوزير السابق محمد بيضون وما  تعليقك على مضمون كلمته?
مشاركة الوزير بيضون وجدتها أمراً حسناً وبداية التفاتة من قبل قوى “14 آذار” للرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية, لأن “14 آذار” في مراحلها السابقة, لم تقم أبداً في دعم الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية والمساعدة على ظهوره , ولم تتعاط معه نتيجة المحاصصة عندما دخلت في السلطة واعتمدت على الوكالة الحصرية عن كل طائفة بالمشاركين معها في السلطة, وان “أمل” و”حزب الله” هما الوكلاء عن الشيعة حتى ولو جرى ما جرى من فريق يرفض هذه الهيمنة, فهي لا تمانع في ذلك, لذلك فانني وجدت دعوة الوزير بيضون للمشاركة بأنها خطوة حسنة, وأما المضمون الذي ذكره في معظمه صحيح وتحدثنا عنه سابقاً ودفعنا أثماناً لهذه الهيمنة ولهذه الشيعية السياسية التي يحاول أن يفرضها الثنائي على الطائفة وحتى على الوطن, فمعظم ما جاء في كلمته يعبر عن واقع قائم, ويعبر عن العقبات التي تضعها هذه السياسة أمام بسط الدولة لسلطتها على كامل أراضيها وبالتالي لست جزءاً من “14 آذار” وما يجمعنا مع هذا الفريق هو الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة, علماً بأننا كنا نرفع شعار الدولة منذ الثمانينات عندما كنا في الجنوب وقبل أن تنشأ “14 آذار”.
في حال وجهت لك الدعوة للمشاركة في مهرجان “14 آذار” المقبل, فهل ستشارك?
هذا تجمع سياسي فلن أشارك به, يمكن أن ألتقي معهم في الخطوط العريضة.
حصلت  محاولات عدة لتأسيس ما يسمى بالمستقلين الشيعة أو جبهة الاعتدال الشيعي ولم تبصر النور, ما  المعطيات لديك بالنسبة لهذا الموضوع?
فيما يعود لي شخصياً, أنا رجل دين مهمتي أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر, وعندما أجد أن هناك مصلحة وطنية فأحاول أن أدعو اليها, وعندما أرى أن هناك بذوراً للفتنة أحاول أن أنهي عنها, ولست بصدد القيام بانشاء حزب أو أن أكون جزءاً من حزب, نعم أنا أدعم التعددية والرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية, فاذا قام فريق من الطائفة الشيعية وشكل تنظيماً أكون معه في حقه التعبير عن رأيه وطموحه السياسي, ومن حقه أن يكون له رأيه كما من حق “أمل” و”حزب الله” أن يكون لكل منهما رأيه, لكن لغاية الآن لم أطلع على مساع من أجل تكوين فريق يكون له رأيه المخالف للثنائي “أمل” و”حزب الله”.
ماذا في كلمتك الأخيرة?
نأمل أن يستفيد أهلنا, سواء في لبنان أو في الكويت أو في العالم العربي من هذه الأحداث المؤلمة والموجعة التي تجري اليوم في ليبيا من أجل أن نبعد هذه الأمور عن أوطاننا من خلال المزيد من تحقيق العدالة الاجتماعية واطلاق الحريات وهذه لا تضر الحاكم, يمكن للحاكم أن يتنازل عن هذه الأمور ويحققها لشعبه ويبقى الشعب متمسكاً به, وأعتقد أن هذه الأمور لا تحتاج الى عنف ويمكن أن نصل اليها في مجتمعاتنا بالنضال السلمي المتصل بالكلمة الطيبة.
برأيك هل تتوقف الأمور عند هذا الحد أم أنه سيشمل كل المنطقة?
لا, لن يتوقف عند هذا الحد, فهذا أمر يدخل في ثقافة الناس وسيصبح ثقافة جديدة في المنطقة لا يمكن الحد من تأثيرها, يمكن أن نستفيد منها بأن نحدث الاصلاحات والتغييرات في مجتمعاتنا, دون أن نوقعها في الأخطار والأضرار.
في خطابه الأخير وعد السيد حسن نصر الله بتحرير الجليل في فلسطين,  أين مصدر هذا التكليف وهل تتوقع هكذا مفاجآت?
هذه اللغة التي سمعناها أخيراً من الأمين العام ل¯”حزب الله” السيد نصر الله حول التصعيد والوصول الى الجليل في الوقت الذي خفتت فيه لغة الحرب في المنطقة, خلال الأشهر الماضية, أمر يتنافى مع الاستقرار الذي فيه مصلحة للمنطقة عموماً, ونحن لا نرى في هذا التصريح سوى عملية استنهاض للقواعد الموجودة, بأن لدينا شيئاً جديداً, ولا أراه أكثر من تصعيد اعلامي, فلو كان الانسان لديه هذه الامكانات لتحرير الجليل, فهذا أمر يحتاج للكتمان وليس الى الاعلان, لأنه يفترض أن يكتم الانسان مثل هذه القوة الموجودة عنده, حتى يحدث هذا الأمر .

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …