فريد مكاري لـ”السياسة”:
“حزب الله” وفريق “الثامن من آذار” يعملان علناً على إنهاء المحكمة
زيارة المحققين إلى عيادة شرارة لم تكن انتهاكاً لحرمة النساء… بل إن مواقف نصر الله تشكل انتهاكاً للقانون اللبناني
كلام نصر الله أكد عملياً أن الهجوم على المحققين الدوليين كان مدبراً وأن “حزب الله” يقف وراءه
من أجل إعاقة عمل التحقيق الدولي وإفهام الجميع أن “حزب الله” هو المرجعية في هذه المنطقة
إذا كانت مجموعة النساء التي اعتدت على المحققين ضمت عدداً من الرجال المحجبين فإن “حزب الله” لم يعد يتخفى وراء أي حجاب في معركته ضد المحكمة
استمرار فريق “8 آذار” في حربه ضد المحكمة يجعل “14 آذار” في حل من المبدأ الذي تضمنه البيان الوزاري بما يتعلق بالجيش والشعب والمقاومة
لا أرى إمكانية التصويت على إحالة ملف الشهود الزور إلى المجلس العدلي وإذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فعلى الحريري ووزرائه الخروج من الجلسة
إمكانية تشكيل حكومة من لون واحد صعبة وإذا وصلوا إلى هذه الخطوة يمكن أن تتحول الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال
جنبلاط قلبه في مكان ومصلحته في مكان آخر
عون عنصر صغير يتبع الأوامر بشكلٍ أعمى ويعيش على الضحايا ومازال يحلم ويتسابق مع العمر للوصول إلى الرئاسة
أدعو الرئيس الأسد لزيارة لبنان لأن زيارته مع الملك عبدالله غير محسوبة
بيروت – من عمر البردان:
اعتبر نائب رئيس مجلس النواب اللبناني فريد مكاري بأن “حزب الله” وفريق “الثامن من آذار” يعملان علناً على إنهاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان, متسائلاً: لماذا يتخذ “حزب الله” هذا الموقف الاستباقي الذي أضر به أكثر مما نفعه. وقال إن زيارة المحققين الدوليين إلى الضاحية الجنوبية لم تكن انتهاكاً لحرمة النساء, بل إن الاعتداء عليهما, ومواقف الأمين العام ل¯”حزب الله” السيد نصر الله تشكل بحد ذاتها انتهاكاً لحرمة القانون اللبناني وتؤكد بأن الهجوم على المحققين الدوليين كان مدبراً وأن “حزب الله” يقف وراءه من أجل إعاقة التحقيق وإفهام الجميع أنه هو المرجعية في هذه المنطقة. ولاحظ مكاري أن “حزب الله” يريد أن يحول البلد كله إلى ضاحية جنوبية تكون فيه كلمته وتعليماته هي القانون, ومن لم يمتثل يكون خائناً ومتآمراً على المقاومة. ورأى أن “حزب الله” لم يعد يتخفى وراء أي حجاب في معركته ضد المحكمة, بل أصبح يهاجمها بوجه مكشوف.
كلام مكاري ورد في سياق حوار أجرته “السياسة” معه رأى فيه ان فشل فريق “8 آذار” انتزاع تنصل الحريري من المحكمة جعله ينتقل إلى المواجهة مع الشرعية الدولية, وأن استمرار حربه على المحكمة يجعل فريق الرابع عشر من آذار في حل من معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
كما لم ير مكاري إمكانية التصويت على ملف الشهود الزور وإحالته على المجلس العدلي, ورأى أنه إذا وصلت الأمور إلى هذا المنحى فعلى الرئيس سعد الحريري الخروج من الجلسة مع وزرائه , لافتاً إلى أن محاكمة الشهود الزور هي من حق فريق “14 آذار” لأن هؤلاء جرى دسهم لتضليل التحقيق, مشيراً إلى أن إمكانية تشكيل حكومة من لون واحد صعبة ومن الممكن أن تتحول الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال في حال الوصول إلى طريق مسدود, وقال إن كل الحلول المطروحة, لا تلغي المحكمة عن مسارها والحل الأفضل تركها وشأنها.
نائب رئيس المجلس وصف موقف النائب وليد جنبلاط بأن قلبه في مكان ومصلحته في مكانٍ آخر ولكنه قال إنه لا يستطيع إلا أن يقدر له جزءاً مما يقوم به, أما النائب ميشال عون فاعتبر أنه يعيش على الضحايا واتهام الآخرين لإبعاد الشبهة عن نفسه, وهو لم ينفك يحلم ويتسابق مع العمر للوصول إلى الرئاسة. ودعا مكاري الرئيس السوري بشار الأسد للقيام بزيارة رسمية إلى لبنان, لأن زيارته مع الملك عبد الله غير محسوبة, متمنياً على الاخوة السوريين أن يفهموا بأن العودة إلى الماضي مستحيلة, مثمناً دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى طائف عراقي جديد, مبدياً أسفه لأن هناك من رفض الدعوة, محذراً من تقسيم العراق الذي سيكون فاتحة لأكثرية دول المنطقة. واذ أثنى على العلاقة بين الكويت ولبنان, قال: “إن الجميع في الكويت يتكلم لغة واحدة تشبه اللغة السعودية, وهي لغة لم الشمل وتجنيب لبنان أية مخاطر”. وهذا نص الحوار:
ما نسمعه من “حزب الله” والمعارضة يبدو جلياً أنه بهدف عرقلة المحكمة وإفشالها. برأيك ما خلفيات هذه المواقف ولماذا يتخذ “حزب الله” هذا المنحى التصعيدي?
ليس من شك بأن “حزب الله” وفريق “الثامن من آذار” يعملان علناً على إنهاء المحكمة, وعدم إكمال عملها وهذا ما ظهر بصورة واضحة بعد حادثة عيادة الدكتورة إيمان شرارة. في الواقع كل فريق “14 آذار” يستغرب هذا الموقف من “حزب الله” وفريق “الثامن من آذار”, وهذا الاستغراب يتمحور حول أكثر من نقطة:
ثانياً: المعلومات التي بحوزتهم يبدو بأنها تخصهم لوحدهم وكامل فريق “14 آذار” لا يملك شيئاً من هذه المعلومات ولا يعرف موعد صدور القرار الظني وماذا يتضمن. هذا من ناحية ومن الناحية الثانية نحن في الحقيقة طلاب عدالة. فالحقيقة والعدالة تعني لا سمح الله إذا كانت أصابع الاتهام موجهة إلى فريق عربي فلا يمكن أن نأخذ هذا الاتهام بعين الاعتبار إن لم نكن مقتنعين به. وإذا لم يتضمن أدلة ثابتة لتوجيه الاتهام, وإلا سنكون وإياهم فريقاً واحداً لمحاربة أي قرار اتهامي يصدر على هذه الصورة. وفي الواقع أنا لا أعلم لماذا يتخذ “حزب الله” هذا الموقف الاستباقي من هذا الموضوع حتى أن تصرفاتهم في الفترة الأخيرة, ونوعية الكلام الذي ينطلقون منه يجعلنا نشعر بأن شكهم لا سمح الله في موضعه, حتى ولو توجه الاتهام إلى طرف آخر. وأصبح هذا الاتهام غير الموجه إليهم وكأنه حل للمشكلة إنما هم أصحاب الفعل. لأنهم بهذا التصرف أكثروا من الشك, وأعتقد بأن هذا الموقف أضر بهم أكثر مما نفعهم!
ماذا استنتجت من زيارة المحققين الدوليين لعيادة الدكتورة إيمان شرارة في الأوزاعي?
زيارة المحققين الدوليين إلى الأوزاعي لم تكن انتهاكاً لحرمة النساء, بل إن الاعتداء على المحققين, وما تلاه من موقف للسيد حسن نصر الله ودعوته إلى عدم التعاون مع التحقيق الدولي, هي تصرفات ومواقف تشكل انتهاكاً للقانون اللبناني, ومصداقية لبنان أمام المجتمع الدولي. وفي رأيي أن ما حصل في الأوزاعي, وما أعلنه السيد نصر الله سببا إحراجاً كبيراً للبنان ووضعاه في مواجهة المجتمع الدولي.
وفي رأيي أن كلام كلام السيد نصر الله, أكد عملياً أن الهجوم على المحققين الدوليين كان مدبراً, وأن “حزب الله” يقف وراءه. والهدف منه:
أولاً: إعاقة عمل التحقيق الدولي والمحكمة الدولية.
الثاني: إفهام الجميع أن “حزب الله” هو المرجعية في هذه المنطقة وأن لا أحد يتحرك فيها من دون استئذانه. ويبدو أن “حزب الله” يريد أن يحول البلد كله إلى ضاحية جنوبية, تكون فيها كلمته وتعليماته هي القانون. بهذا المنطق يتعاطى “حزب الله” مع الدولة والناس, بمنطق من يوجه الأوامر ويعطي التعليمات, ومن لا يمتثل لهذه الأوامر ولا ينفذ هذه التعليمات يكون خائناً ومتآمراً ضد المقاومة. هذا منطق ترهيبي وتهديدي وخطير.
وإذا كانت مجموعة النساء اللواتي اعتدين على المحققين الدوليين ضمت عدداً من من الرجال المحجبين, فإن “حزب الله” لم يعد يتخفى وراء أي حجاب في معركته ضد المحكمة, لقد أصبح يهاجمها بشكل سافر وبوجه مكشوف!
وبعد التصعيد السياسي في الحرب الشاملة التي شنها فريق “8 آذار” على المحكمة الدولية, فإن هذا الفريق قرر الانتقال إلى تسعير الميدان. لقد بدأوا بالتشكيك بصدقية المحكمة وحياديتها, وأثاروا مسألة ما يسمى شهود الزور, وسعوا إلى وقف تمويل المحكمة, وحاولوا ممارسة الضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري لانتزاع تنصله من هذه المحكمة, ويبدو أنهم فهموا بأن هذا الأمر غير ممكن وخط أحمر, فانتقلوا إلى المرحلة الجديدة من الهجوم, وهي المواجهة على الأرض مع الشرعية الدولية. وهذا الأمر يثير الريبة فعلاً: لماذا “حزب الله” متوجس إلى هذا الحد من المحكمة الدولية? لماذا يريد أن يعيق عملها بكل الوسائل? ألا يوحي ذلك بأنه يخفي شيئاً? ألا يولد انطباعاً بأنه غير واثق من نفسه? لأن من لا يثق بنفسه يبدأ باتهام الآخرين ومهاجمتهم. ألا يتبع “حزب الله” المنطق نفسه?
على كل حال, إن استمرار فريق “8 آذار” في حربه ضد المحكمة, خلافاً لالتزاماته في البيان الوزاري, يجعل “14 آذار” في حل من المبدأ الذي تضمنه هذا البيان بما يتعلق بالجيش والشعب والمقاومة.
ما سبب إصرار المعارضة إحالة ملف الشهود الزور على المجلس العدلي? وهل تعتقد أن في نيتهم تفجير الحكومة?
برأيي فريق “14 آذار” هو من يحق له المطالبة بمحاكمة الشهود الزور, لأننا إذا نظرنا إلى من فبرك الشهود الزور, نجدهم كلهم ينتمون جغرافياً إلى الفريق الآخر. وأنا على قناعة بأن هؤلاء جرى دسهم داخل فريق “14 آذار” من أجل تضليل التحقيق. وهذا ما جرى في السابق. أما الاعتراض على محاكمتهم فليس بسبب وضع خاص, بل بسبب تجاوز الآلية القضائية ولو استشرنا أي قانوني يحترم نفسه تجد أن تحويل هذا الملف إلى المجلس العدلي, هو خرق للقوانين وتجاوزها. لذلك يجب ألا نخلط ما بين الحل السياسي والأمور القضائية. الأمور القضائية تسلك طريقها الصحيح أما الموضوع السياسي فهذا كلام آخر.
هل تصل الأمور إلى حد التصويت?
الواضح حتى الآن أن موقف رئيس الجمهورية وموقف وزراء “اللقاء الديمقراطي” ووزراء “الحزب التقدمي الاشتراكي” ينطلق من مبدأ التفاهم وعدم التصويت, لذلك أرى أن إمكانية التصويت على هذا الموضوع شبه مستحيلة, وإذا أصر الفريق الآخر فهناك أساليب أخرى من أجل مواجهة هذا الإصرار.
في حال أصر الفريق الآخر على التصويت ورفض رئيس الحكومة ووزراء الأكثرية هذه الخطوة, هل ستنفجر الحكومة برأيك?
إذا وصلوا إلى التصويت فعلى رئيس الحكومة أن يخرج هو ووزراء الرابع عشر من آذار من الجلسة, هذه على الأقل وجهة نظري, وهي أحد الأساليب للتعاطي في هذا الموضوع.
هل تتوقع من “حزب الله” وحلفائه استخدام السلاح للضغط أكثر على رئيس الحكومة?
بقناعتي السلاح يحتاج إلى سلاح مقابل, وليس هناك من سلاح مقابل, حتى يلجأوا إلى سلاحهم, وهناك وسائل أخرى قد يستعملونها, كالفوضى في البلد أو الإضرابات والمظاهرات وهم قادرون على تجييش الناس وتعبئتهم من أجل القيام بذلك.
هل تخطط المعارضة برأيك لدفع رئيس الحكومة إلى الاستقالة, وتشكيل حكومة جديدة من لون واحد وبعدها يطالبون بسحب القضاة اللبنانيين وعدم الاعتراف بالمحكمة?
لديهم العدد الكافي من الوزراء فإذا انسحبوا تستقيل الحكومة. ولكن إمكانية تشكيل حكومة جديدة من لون واحد فيها من الصعوبات الكثيرة, وفي حال وصلوا إلى هذه الخطوة يكونون قد وصلوا إلى حكومة تصريف أعمال, تستقيل الحكومة وتكلف بتصريف الأعمال. وبالواقع هذا الأمر لن يغير شيئاً في البلد, لأن التعطيل المستمر لهذه الحكومة يجعلها حكومة شبه تصريف أعمال.
كيف تقرأ تهديد قوى المعارضة لبعض المسؤولين اللبنانيين من مغبة التعاطي مع المحكمة?
لا شك كلنا نحترم حجم السيد حسن نصر الله, ولا شك أن “حزب الله” حزب كبير وله مؤيدون, وله جمهوره في لبنان, وخارج لبنان. لكنني أستغرب الأسلوب الذي يتبع في الكلام, سمعت خطاب السيد نصر الله بعد حادثة الأوزاعي وهناك قسم من كلامه كان بإمكانه أن يضعه في خانة التمني بعدم التعاطي مع المحكمة. ولكن المؤسف انه وضعه في خانة التهديد والتهويل واعتبار من يتجاوب مع المحكمة الدولية وكأنه عميل لإسرائيل, ويصنف فوراً بأنه متآمر على المقاومة. وأيضاً تسمع كلام بعض نواب “حزب الله” التهديدي, ما يعتبر أمراً غير مقبول.
التهديد بعدم التعامل مع المحكمة, ألا يعرقل سير التحقيق برأيك?
قد يؤخر التحقيق ولن يعرقله, لأن المحكمة بحاجة إلى معلومات, ولذلك فلن يؤثر على المحكمة ولا يؤخر وصولها إلى القرار الظني.
ما رأيك بالطريقة الجنبلاطية في معالجة الأمور?
أرى في مواقف النائب جنبلاط كما يقول المثل: “ضربة على الحافر, وضربة على المسمار”, لأن قلبه في مكان ومصلحته في مكانٍ آخر, ولكن هناك جزءاً مما يقوم به لا أستطيع إلا أن أقدره له ومن يراقب خطواته يجد أنه يعمل مع رئيس الجمهورية على إيجاد حلول وعدم وصول البلد إلى مأزق أكبر.
ما السيناريو الذي تتوقعه لمسار الأحداث إلى حين صدور القرار الظني وما بعد صدوره? وهل تخشى من فتنة مثلاً? وهل تتوقع تسوية نتيجة الاتصالات الجارية?
كثيرون يعملون من أجل الوصول إلى حل, الرئيس نبيه بري يعمل للوصول إلى حل, النائب جنبلاط يعمل للوصول إلى حل, سفراء السعودية وسورية وإيران يعملون لإيجاد حل, ولكن بقناعتي كل هذه الحلول لا تلغي المحكمة ومسارها. إنما ربما تنفس الأمور داخلياً. وبرأيي الحل المقنع أن نترك المحكمة الدولية وشأنها وبنتيجة عملها, إما أن نقتنع به أو لا نقتنع. فإذا لم نقتنع نعمل كفريق واحد كلبنانيين من أجل الوقوف ضد الحل غير المقنع, أما إذا كان مقنعاً فأيضاً علينا واجبات كلبنانيين, أن نجلس مع بعضنا لمنع أي فتنة قد تقع في الداخل.
هل بإمكان أحد أن يؤثر على القرار الاتهامي?
في الواقع عندما أسمع ما يطالب به الرئيس الحريري أو غيره فنرد عليهم بموجب الآية الكريمة: “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”. وبرأيي أنهم يطلبون من الرئيس الحريري أمراً ليس بمقدوره أن يفعله.
أما ما يحكى عن مواعيد لصدور القرار الاتهامي, في مارس أو في نوفمبر, أو عن إصداره على دفعة واحدة أو دفعتين, أو حتى عن مضمونه, فهو مجرد تكهنات وتحليلات لا تستند إلى أي معلومات فعلية. لا أحد يملك المعلومات, ولا أعتقد أن أي دولة يمكنها أن تستعجل أو أن تستأخر القرار الظني.
هل تعتقد بنتيجة هذه الضغوط أن يصل الرئيس الحريري إلى درجة التخلي عن المحكمة? وما مخاطر هذا الموقف كي لا يتسبب بحرب أهلية?
لا أعتقد أن الرئيس الحريري في وارد التخلي عن المحكمة.
كيف تقرأ مواقف النائب ميشال عون, وخصوصاً في ما يتعلق بالمحكمة وحملته على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما خلفية المواقف التي يتخذها?
مشكلة العماد عون أنه أصبح عنصراً صغيراً يتبع الأوامر بشكل أعمى, في حرب “حزب الله” على المحكمة الدولية. إنه يعمل بنظام “القطعة”, اذا صح التعبير, ولكل موقف يتخذه مقابل سياسي أو غير سياسي يتم ايداعه في حساب سعيه الى رئاسة الجمهورية. يكلفونه فينفذ, أو يفهم من تلقاء نفسه ما عليه أن يفعل. ومشكلة العماد عون منذ اللحظة التي أطل فيها على الحياة السياسية يعيش على الضحايا, ويتلذذ باتهام الآخرين لإبعاد الشبهة عن نفسه, دائماً يوجه السهام إلى الآخرين لكي يحمي نفسه, ولا ينتبه أحد إلى ما يفعله شخصياً هو وفريقه. إذا كان العماد عون يطالب بالحسابات المالية من الحكومات السابقة, فلا مشكلة لدينا على الإطلاق, فنحن نطالبه بالحسابات السياسية, وبجردة لما أدت إليه سياسته من كوارث, ولما حل بالبلد والمسيحيين من جراء مغامرته. لا نزال إلى اليوم ندفع الثمن الباهظ, وهو أكبر بكثير من الذي ندفعه اليوم. وبقناعتي أصبح العماد عون يشكل عبئاً على “حزب الله”.
هل تعتقد بأن العماد عون قد يقوم بدورٍ ما لتسهيل دخول “حزب الله” إلى المناطق المسيحية?
دائماً أطرح هذا السؤال على نفسي: هل يمكن أن يقوم العماد عون بتسهيل مهمة “حزب الله” في المناطق المسيحية? وأصبحت اليوم على قناعة من مواقفه السابقة التي كانت تتحرك في هذا الاتجاه بأن العماد ميشال عون مازال يحلم ويتسابق مع العمر من أجل الوصول إلى الرئاسة. إذا كان هذا الموقف يحقق له أن يحصل على موقع رئاسة الجمهورية, سيما قبل نهاية ولاية الرئيس سليمان وحتى على حساب المسيحيين, لا يتوانى عن القيام بها, ولا يتوانى عن القبول بالمثالثة والتخلي عن المناصفة.
كيف تنظر إلى التعاطي السوري مع لبنان, وهل مازالت سورية تتعاطى مع لبنان كما كانت تتعاطى في السابق? وكيف قرأت كلام الرئيس الأسد الذي جاء متناقضاً مع ما قاله رئيس وزرائه?
في الواقع إن ما قاله الرئيس الأسد بأن سورية لا تريد الدخول في التفاصيل اللبنانية, هو تطور إيجابي جداً في الموقف السوري. وهذا ما يريده اللبنانيون. هذه هي الصيغة التي نسعى إليها في علاقات البلدين. وإذا كان حصل جفاء بين الرئيسين كما تردد, فلا أعتقد أن سبب هذا الجفاء هو رغبة سورية في عدم الدخول في التفاصيل اللبنانية, كما اعتبر الرئيس الأسد, بالعكس هذه الرغبة هي أساس لتحسين العلاقات. وما قد يتسبب في مشكلات بين البلدين مسألة الاستنابات القضائية السورية التي يشوبها ممارسات تناقض مسار تحسن العلاقات والتوجه نحو إرسائها على الاحترام المتبادل. وما قد يسبب المشكلات ويسيء إلى هذا المسار أيضاً, صدور كلام عن المسؤولين السوريين يظهر سورية طرفاً على الساحة اللبنانية. ويصنف الفرقاء السياسيين في لبنان بالجيدين أو سيئين مثل وصفهم بالهياكل الكرتونية وما شابه ذلك. هذا الكلام غير مقبول إذا كان الهدف إعادة بناء الثقة بين البلدين. لقد سمعت تصريحاً للوزيرة بثينة شعبان تقول في أية لحظة ممكن أن يكون هناك اتصال إما من الرئيس الحريري وحده باتجاه سورية أو العكس هو الصحيح. وهذا لسنا ضده ونتمنى أن يحدث. ولكن نحن أيضاً ندعو الرئيس السوري أن يزور لبنان ويمكن أن يفي بوعده هذه المرة. الزيارة الأخيرة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز غير محسوبة كانت سريعة وفي إطار معين, لكننا هذه المرة نريدها زيارة رسمية إلى لبنان في إطار العلاقات الثنائية.
هل تعتقد أن السوريين جادون فعلاً بتصحيح العلاقات مع لبنان?
عندما شكل الرئيس الحريري هذه الحكومة وفي أثناء جلسة الثقة, كنا من المشجعين لذهابه إلى سورية, ولكن على أساس التعامل بالمثل. ومن دولة إلى دولة. مر على هذا الموضوع منذ الزيارة الأولى ما بين سبعة وثمانية أشهر. حتى الآن لا نشعر بهذا النوع من التعامل الذي نحن بصدده ولكن في الوقت نفسه نحن صابرون ونأمل في القريب العاجل أن يفهم إخواننا السوريون أن العودة إلى الماضي مستحيلة. وهذا لا ينطبق على فريق “14 آذار”, وقسم كبير من فريق “8 آذار”, لا أحد في العالم يرغب أن تكون دولته تابعة لدولة أخرى ولا موظفين عند دولة أخرى.
التأزم الذي ظهر في الأيام الأخيرة بين الإدارة الأميركية وسورية, هل من تداعيات له على الساحة الداخلية, سيما وأن تصريح وزيرة الخارجية الأميركية حمل بعنف على سورية واتهمها بالتدخل في الشؤون اللبنانية, ما استدعى رداً سورياً حيال ما يجري, هل يمكن أن يترك تداعياته على الوضع اللبناني?
في موضوع العلاقات الأميركية السورية ما تعلنه سورية هو غير موقفها الحقيقي دائماً القنوات مفتوحة ما بين سورية والولايات المتحدة وكل فريق ترك لنفسه مجال المزايدة في هذا الموضوع من أجل علاقته بالفريق الذي ينتمي إليه. الولايات المتحدة الأميركية وسورية على تواصل دائم مع بعضهما وهناك قنوات مفتوحة بينهما, ومن هذه القنوات كل واحد يترك لنفسه المجال لمهاجمة بعضهما, مثلاً سورية تهاجم أميركا إرضاءً لإيران, والأميركيون يهاجمون السوريين إرضاءً لحلفائهم في مكانٍ آخر.
هل تجد ترابطاً بين الملف العراقي والملف اللبناني? وما رأيك بدعوة المملكة السعودية إلى طائف عراقي?
الدعوة ليست مستغربة أبداً من خادم الحرمين الشريفين. والمملكة العربية السعودية مثلها مثل بقية الدول العربية لاسيما الدول الخليجية: الإمارات, الكويت, قطر تعمل من أجل المصلحة العربية, وكلها تعتبر التوافق العربي هو قوة ضد أي طموحات أكانت إسرائيلية أو من دول أخرى. ولذلك تجعل الدول القريبة منها تتنازل للتوصل إلى حلول. لكن هذه العقلية ليست موجودة عند كل الفريق العربي. لأن بعض الدول العربية, تنظر إلى مصالحها الشخصية بالدرجة الأولى كما سمعنا اليوم بأن أكثرية الفرقاء في العراق وافقوا على هذه الدعوة, إنما هناك طرف أساسي, ويتمثل بالفريق الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء السابق الحالي نوري المالكي رفض الدعوة, لأنه يتخوف من ان إمكانية الحلول قد تأتي على حسابه. من أجل مركز شخصي يفوت فرصة على العراق لا سمح الله بإيجاد حل مرضٍ لبلده.
أما عن القسم الثاني من السؤال, أكيد هناك ترابط ما بين الوضع في العراق والوضع في لبنان.
برأيك ما مخاطر مهاجمة الكنيسة المسيحية في العراق?
عندما تتخوف من الوضع في العراق, هناك أمر مربوط في ذهن الناس, إذا لا سمح الله وصل الوضع في العراق إلى التقسيم, سيكون هذا التقسيم فاتحة على أكثرية دول المنطقة. وما حدث في إحدى الكنائس العراقية يقع في هذا الإطار.
كيف تقوم زيارة الرئيس الحريري الأخيرة إلى الكويت, وما رأيك بالدور الكويتي في لبنان وعلى الصعيد العربي?
في الواقع إذا عدنا إلى التاريخ نجد أن دولة الكويت تعتبر لبنان أحد البلدان القريبة منها, قربى جغرافية ونفسية. حكام الكويت وأهل الكويت يكنون محبة خاصة للبنان ولأهل لبنان وهم حريصون على وحدته وأن يكون دائماً بخير. وسبق لي ان زرت الكويت مرتين مع الشيخ سعد قبل أن يصبح رئيساً للوزراء والتقينا سمو الأمير وسمو ولي العهد ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة, بالواقع الجميع في الكويت يتكلم لغة واحدة تجاه لبنان. وهذه اللغة هي قريبة جداً من اللغة التي تجدها في المملكة العربية السعودية وهي تنطلق من لم الشمل وتجنيب لبنان اي مخاطر. وأعتقد أن زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الكويت كانت في الاتجاه نفسه والكلام الذي سمعه الرئيس الحريري في هذه الزيارة لا يختلف عن السابق إنما أكثر من السابق, لأننا اليوم بحاجة إلى دعمهم وتعاونهم أكثر كون الأمور متأزمة في لبنان.
ما رأيك بالدعوات التي وجهها بعض الكتاب السعوديين بدعوة الحريري إلى الاستقالة?
في الواقع هذه الدعوات نابعة من تعاطفهم مع الرئيس الحريري ومحبتهم له, ولا أعتقد أنها تعكس موقفاً للقيادة السعودية, وهي في كل الأحوال لا تريح السوريين وحلفاءهم, بل بالعكس, والدليل هو التمسك السوري بالرئيس الحريري واعتبار الرئيس الأسد أنه الرجل المناسب في هذه المرحلة. وفي الواقع استقالة الرئيس الحريري في هذا الوقت ليست هي الحل, بل ستشكل هدية مجانية للذين يريدون إعادة البلد إلى مرحلة ما قبل 2005, وهي قد تسهل لهم إنجاح انقلابهم. لذا الاستقالة تعرض البلد لكل أنواع الأخطار, وتجعله مكشوفاً وتهدد كل مكتسباته.