وقفة مع الذات ….

jamal_obidiالسؤال الذي يتبادر للاذهان في هذه المرحلة من تاريخنا … يا ترى القضية الأحوازية هل استطاعت أن تجاري مثيلاتها من القضايا الأخرى في المنطقة العربية و إيران … ؟

للإجابة لا بد من قراءة المشهد السياسي لنشاط القوى السياسية الأحوازية خاصة في العقد الأخير و في ظل التطورات المتلاحقة، من أجل معرفة الأسباب على تأخير القضية الأحوازية من مجاراة القضايا الأخرى في الشرق الأوسط خاصة و العالم بشكل عام و من خلال هذه القراءة يمكن أن نحصر عمل القوى السياسية الأحوازية الفاعلة في المهجر إلى ثلاثة مشاهد و هي كالتالي :

أولا ً : القوى السياسية التي اتخذت مبدأ التحرير عنوانا ً استراتيجيا ً لنيل الحقوق و استرجاع الأرض و بالنتيجة تحرير الأرض و الإنسان الأحوازي و بناء الدولة المستقلة ذات سيادة حرة و تنطوي في هذه الرؤية أغلبية القوى السياسة الفاعلة خارج حدود الوطن.

ثانيا ً : القوى السياسية التي أتخذت من فدرالية إيران عنوانا ً لنيل الحقوق و بالنتيجة حق تقرير المصير الهدف النهائي لهذه القوى مما يؤمن هذا الخيار للإنسان الأحوازي العيش الكريم إذ تحقق ذلك.

ثالثا ً : تنطوي في طيات هذا المشهد الشريحة المستقلة من أبناء الوطن و التي تضم أعداد كبيرة من المتعلمين و المثقفين و خرجي الجامعات و صحفيين و كتاب و تجار الذين تتوزع إنتماءاتهم بين تحرير الأحواز و فدرالية إيران و منهم من يتأرجح بين التياريين.

و تعليقا ً على المشهدين الأول و الثاني يجب الإشارة و بوضوح و بعيدا ً عن المجاملة أن كل منهما لم  يتمكنا بعد من تحديد الهوية السياسية للقضية الأحوازية على المستويين العربي و الدولي و ذلك من خلال النشاط السياسي بكل انواعه الذي يستمد حراكه و ديمومته من البرنامج السياسي الرامي لتحقيق رؤية تلك القوى السياسية، علما ً أن وجود بعض هذه القوى على الساحة السياسية يمتد لعشرات السنين لكن ما زال يتعامل كل من الجانبين العربي الرسمي و الشعبي و الإيراني المتمثل بالمعارضة بكل اطيافها بطريقة تتسم بالحذر الشديد و الخجول في الكثير من الأحيان مع هذه القوى خاصة و القضية الأحوازية بشكل عام، و الفشل هذا إذا جاز التعبير أن دل على شيء إنما يدل على ضعف التنظيمات و هشاشتها و خاصة في إطارها التنظيمي و بنيتها من حيث الاساس .

و اما المشهد الثالث و على الرغم من إتساع هذه الشريحة من أبناء الوطن في الأونة الأخيرة و إهتمامها في العمل الثقافي و السياسي لكن لم تتمكن بعد من الإنخراط في العمل السياسي التنظيمي مما له إيجابيات لبلورة القضية فكريا ً و عقائديا ً و عمليا ً.

كما أن بين المشهدين الأول و الثاني من جانب و المشهد الثالث من جانب آخر عدم وجود ثقة و تباين كبير في الآراء مما يعكس هذا التباين إفتقار القضية الأحوازية إلى مشروع سياسي يشكل خيمة تعمل القوى السياسية تحت غطاء هذا المشروع . و من أهم الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب الأحوازي من الإنتساب للتنظيمات السياسية هي كالتالي :

اولا ً: قاعدة الإنتماء لغالبية القوى السياسية الأحوازية هي قاعدة هشة و ليس لها أسس إنما تخضع لمبدأ الكثرة و أيٍّ من التنظميات لديها أعداد أكثر من غيرها من التنظيمات الأخرى.

ثانيا ً: لا يوجد برنامج تثقيفي للأعضاء كي يتم من خلاله تثقيف العضو و بالأخص العضو الجديد أمنيا ً و سياسيا ً مما يتماشى و إيديولوجية التنظيم .

ثالثا ً: عدم وجود مبدأ تقسيم العمل في إطار التنظيم الواحد.

رابعا ً: غياب الحس الأمني للناشط الأحوازي على المستوى الفرد و التنظيم بشكل عام.

خامسا ً: سيطرة المشاعر و الأحاسيس على العقل و المنطق في العمل السياسي للناشط خاصة و التنظيم بشكل عام .

سادسا ً: الخلافات بين القوى السياسية الأحوازية و الإتهامات المتبادلة فيما بينها بين الحين و الأخر بالعمالة و الخيانة و الغوغائية و الطوباوية و غيرها من المصطلحات، يبدو البعض من يتحدثون بهذه النبرة لم  يعوا بعد معنى هذه المصطلحات و خطورتها على مستقبل القضية و الوطن، مما انعكس هذا الإسلوب في التعاطي فيما بين القوى السياسية و الاشخاص سلبيا ً على العمل السياسي .

و أخيرا ً و ليس آخرا ً كلي أمل أن نراجع أنفسنا جميعا ً بدون استثناء من شخصيات سياسية مستقلة و تنظيمات سياسية و حقوقية و كافة الكيانات الأخرى التي تهتم بالشأن الأحوازي لإستيعاب الظروف و المستجدات التي تحدث حولنا كي نتبنا رؤية واقعية  تتماشى مع ظروفنا و ذلك عبر الحوار و على اساس الرأي و الرأي الأخر مما يضمن لنا مستقبل  أفضل كلنا نطمح إليه .

جمال عبيدي

Jamal.obeidi@yahoo.com

علما ً هذه المادة ألقيتها في الندوة التي أقامها مركز مشداخ الثقافي في لندن – 15/4/2012           للتوضيح في

هذه المادة لم اتناول أي تنظيم سياسي أو شخصية سياسية إنما اتحدث عن حالة عامة.

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …