وانا اعتقد ان ذلك اما ينم عن جهل او قد يكون عن عمد وسوء نيه وفي الحالتين لايغيير من الحقيقة شئ وانما هو محاولة للنيل من تاريخ الدولة الكعبية المعاصرة والقبائل العربية الاهوازية الاصيلة وتاريخها الحافل في التصدي للاطماع الايرانية متمثلة باميرها الشيخ خزعل
ونقول للاخ الفاضل عبدالصمد دشتي انه لايمكن ان نخفي الشمس بغربال وانّ نسب الشيخ خزعل معروف للقاصي والداني ولايمكن لاحد ان يزاود على انتما الامير الكريم وفيلسوف زمانه الشيخ خزعل الكعبي واجزم ان الاخ عبدالصمد لم يقراء التاريخ ما عدا تاريخ القاجار وملوك السلسلة القاجارية التي امتله به دهليز منزله وهذا ليس عيبا واحيّه على اعتزازه بتاريخه وقوميته وحنينه الى تلك الحقبة والموسيقي الايرانية التي تبعث به روح الوجد والنشوة والمجد الذي افل واندثر الّا في قلب عبدالصمد يبقى للازل. ونقول ان الشيخ خزعل هوخزعل بن جابر بن مرداو ألكعبي ألعامري, أمه نورة بنت طلال شيخ قبيلة الباوية, ولد سنة 1862م. نشأ الشيخ خزعل في المحمرة وتعلم على أيدي بعض من الشيوخ , وتدرب على الفروسية فكان عونا لأبيه وأخية من بعده, و قد تولى الإمارة على أثر مقتل أخيه الشيخ مزعل سنة 1897م.
نستعرض هنا للدلالة على الموضوع آراء بعض المورخيين وكتاباتهم عن ذلك الامير العربي
يذكر امين الريحاني في كتابه ملوك العرب عن الشيخ خزعل :
هو سمو السردار أقدس، معز السلطنة، الشيخ خزعل خان بن نصرت الملك الحاج جابر خان الجاسبي المحيسني الكعبي العامري، أمير نويان و سردار عربستان، و مؤلف كتاب الرياض الخزعلية في السياسة الإنسانية. قل من لا يعرفه من قراء الصحف العربية باسمه و لقبه الأولين في الأقل. فهو من أمراء العرب و إن كانت إمارته داخلة في سيادة الدولة الإيرانية. بل هو أكبرهم بعد الملك حسين سناً، و أسبقهم إلى الشهرة، و من أعظمهم في الكرم. هذا ما يعرفه أكثر العارفين بالبلاد العربية. أما ما يجهله أكثر الناس خارج الكويت و البصرة فهو إن هذا الأمير العربي من طراز الأمراء عهد العباسيين. أعني بذلك أنه غني حكيم كريم معاً. فهو برمكي في كرمه، و في ذوقه، و في أدبه. يحب اللهو و الغناء حبه الأدب و الشعراء. بل يميل إلى كل ما فيه شيء من أسباب السرور كلها، العقلية و الاجتماعية و الجسدية. أجل، إن للشيخ خزعل ذوقاً إنسانياً شاملاً فلا ينفر من غير القبيح و الذميم في الحياة، و لا يعرف في مكارمه التفضيل و التمييز تجيء المغنية من حلب أو من دمشق إلى المحمرة و هي لا تملك غير خلخالها فتقيم عدة أشهر في القصر و تعود غنية مثقلة بالحلي. و يجيء الشعراء و في جيوبهم قصائد المديح فيعودون من المحمرة و في جيوبهم أكياس من المال. و يجيء حبر من أحبار المسيحيين فينزل على سمو السردار ضيفاً كريماً محترماً و يعود مصحوباً بالهدايا الثمينة. لا أظن أن الشيخ خزعل يحتاج إلى شهادة المبرد و شهادتي في أنه يعتقد هذه الحكمة و يعمل بها. فهو إذا لبس ثوبه الرسمي يحمل على صدره شهادات من ملوك الأرض و فيها وسام القديس غريغوريوس من البابا بناديكتوس الخامس عشر و بين تلك الأوسمة و النياشين كلها وسامين لا يراهما كل الناس بل لا يراهما غر من نظر إلى هذا الرجل بعين الشعر و الفلسفة. فهو في صفته الإنسانية يحمل وساماً من الفيلسوف الإغريقي أبيقور و آخر من الحكيم الإلهي الصوفي محيي الدين ابن العربي. هوذا الأمير العربي الذي كنت متردداً في زيارته بالمحمرة. و قد ترددت لسببين، أولما لأن المتأدبين يؤمون تلك السدة الشريفة و في جيوبهم قصائد المديح الطنانة، و لست لسوء الحظ ممن يحسنون النظم و لا المديح الرسمي و ثانيهما أنه حاكم بلادٍ أطلق عليها العرب في الماضي اسم الأهواز و هي اليوم عربستان من أعمال فارس. على أن رغبتي في الاجتماع بأمير عرفته من أخباره أنه فيلسوف الأمراء، بل فيلسوف الحياة العملية، كادت تتغلب على أسباب التردد كلها، فوطنت النفس على أن أعرج على المحمرة في عودتي إلى البصرة. و لكن تقادير الخير أمرضتني فجمعتني بالدكتور ريحان الذي بشرني بوجود سمو الشيخ في الكويت (1).
بادرت إلى القلم و الورق أكتب إليه كلمة أستأذنه بالزيارة فوقف القلم في رأس لصفحة البيضاء جامحاً. كيف أحيي هذا الأمير و هو كثير الألقاب و الرتب و الأوسمة؟ بل كيف أحيي من يتحدث الناس من عرب و عجم و إفرنج عن مكرم أخلاقه و غرر أياديه؟ هل أحذو حذو الأدباء فانظم الإسجاع، في من كرمه كالمسك ضواع، و متفق عليه بالإجماع؟ قد يظنها قصيدة مدح مني فيعاملني بما يوجبه شرع المحمرة. لذلك طرحت الرسميات جانباً و كتبت إلى مولاي الشيخ خزعل كلمة سلام مقرون بالإجلال و الإكرام، فجاءني منه الجواب الآتي:
أسعد الله أوقاتك
أيها الفيلسوف المكرم، حياك الله و أبقاك، و حفظك و نجاك، و إني مشتاق إلى لقياك. فيجب أن أزورك قبل أن تزورني لأن لكل قادم حق الزيارة و قد سبقتني بالجميل في كتابك الكريم، فأشكر ذاك الذوق السليم و إني صباحاً إن شاء الله أزورك في محل الجميع و أحظى بنور تلك الطلعة و أختم كتابي لكم بالتوفيق و السلام عليكم . المحب لكم خزعل.
من كلمات الشيخ خزعل عن التعصب الديني: بلية العالم. و لو كان لي أن أرجع بعد الموت إلى هذه الأرض لما أحببت أن يكون ذلك إلا عندما تصبح و لا أثر فيها للتعصب الديني. الإنسان أخو الإنسان أحب ذلك أم كره .
يعد الشيخ خزعل من الشخصيات العربية البارزة في تاريخ العرب الحديث, إذ انه لعب دوراً رئيسياً في أحداث الخليج العربي في الربع الأول من القرن العشرين, وساهم مساهمة فعالة في أحداثه, واحتل مكانة مرموقة بين أمراء الجزيرة العربية. وحرص الريحاني– على أن يؤكد لنا:” أنه أكبرهم – بعد الشريف الحسين- سنّاً واسبقهم إلى الشهرة وقرين أعظمهم إلى الكرم”.
وهولا يقل مكانة عن شخصية الشيخ سلمان بن سلطان ألكعبي (1767-1737م) –الشخصية البارزة التي حكمت الإمارة إبان القرن الثامن عشر, وتأتي أهمية الشيخ خزعل من أن إمارته شهدت أيامه أحداثا غاية في الأهمية, فقد شهد تفجر النفط وتبلور المصالح الأجنبية في منطقته, وشهد قيام الحرب العالمية الأولى, وعدّ موقع إمارته الاستراتيجي خطيرا إبانها, كما شهد انهيار الحكم القاجاري في إيران وقيام الحكم البهلوي بدله, ذلك الحكم الذي أطاح بحكمه. ( د. مصطفى عبد القادر النجار:التاريخ السياسي لإمارة عربستان).
كتب عنه عبد المسيح الانطاكي, يقول ” بشوش الثغر, طلق المحيا, ذو نظر جذاب, فصيح اللهجة, وديع يؤانس ضيوفه, شريف العواطف ذو سماحة وطلاقة, حليم عند القدرة, شفوق على اللائذين, تقي ورع, مسلم صادق بدينه يصلي الأوقات الخمسة, بطل باسل عند اشتباك الحروب” ( الدرر الحسان في إمارة عربستان: 30 – 29 ). ويصفه علي محمد عامر ” عالم وهو النصير الأكبر للعلماء والشعراء, شاعر كبير له قصائد ومقطوعات من الشعر “. (المحمرة والوحدة العثمانية: ص 73- 71 ). وقد وجده سليمان فيضي – معتمد الإمارة – ” طيبا كريما ميالا إلى المرح والمزاح, ينظر إلى الحياة نظرة متفائل, وكان يعيش في قصره الفخم محاطا بكل مظاهر العز والسلطان, “. ( في غمرة النضال:294).
كما كان من المعروف أن الشيخ خزعل شيعي المذهب، له عند علماء الدين في النجف وكربلاء مقام كبير وكان قصره لا يخلو من وفودهم، كما كانت له مواقف مشرّفة في أعمال البر. وهو برغم هذا لم يعرف عنه التعصب المذهبي الذي كان شديداً أيامه ولم يعادِ أصحاب المذاهب الأخرى. ويُروى أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني زاره في المحمرة للحصول على هبة لترميم المسجد الأقصى، فأعطاه تسعة آلاف روبية. ويبدو لنا من توافرنا على دراسة هذا الأمير أنه كان متمتعا بقدر كبير من المزايا والصفات التي جعلت منه شخصية متنفذة وقد طغت على الكثير من رجالات ساحل الخليج العربي, فكان واحدا من أشهر الذين عرفهم الخليج في التاريخ الحديث, وقد عرفه بالقوة والصلابة, كما عرف باطلا عه الواسع على شؤون الخليج العربي وإيران والعراق ونجد.( الداود- الخليج العربي ص : 71).
وقد عرف عن الشيخ خزعل علاقاته الوطيدة مع شيوخ العرب والمتنفذين من الشخصيات المجاورين لإمارته. كما أنه حسنّ صلاته مع بلاد فارس ” فكسب احترام وحب أكابر رجالها, ونال بذلك أعظم أوسمتها وألقابها ” ( الانطاكي – رحلة في وادي النيل: 207). وقد عرف كيف يحقق لعربستان استقلالها الداخلي والخارجي, إذ يذكر رضا شاه: ” كان أميرا مستقلا داخل حدوده… ليس لحكومة طهران أي سلطان عليه… وقد مضت عليه أعوام دون أن يدفع أية ضريبة للدولة.. غير أنه كان أحيانا يرسل بعض الهدايا إلى شاه إيران شخصيا”, ( مذكرات رضا شاه: 38).
وهو من ناحية أخرى كان يرى”أن الوقت قد حان لزوال إمبراطورية آل قاجار, ولذلك حزم أمره على إعلان استقلاله للعالم الخارجي متى ما شعر بالخطر يحدق بإيران” ومن أجل هذا فكر في تقوية علاقاته مع الإنجليز, ولذا فإن فترة حكمه تمثل تغيرا جذريا في سياسة المحمرة مع الموظفين الإنجليز في الخليج العربي, فقد زالت تلك المعارضة التي صرح بها أبوه وأخوه منذ فتح نهر كارون للملاحة النهرية, ولقيت الشركة البريطانية ( لنج ) مساعدات قيمة من حكومته وقد أخذت السفن البريطانية المارة في شط العرب أمام قصره تطلق له مدافع التحية.( الدود –الخليج العربي:72).
في سنة 1908م تم العثور على النفط في مسجد ة سليمان – أحدى مدن الإقليم الشرقية على بعد 150كم من رأس الخليج – على عمق 1180 قدما, وأتضح أن تفجره قد تم في الأهواز قبل غيرها من الإمارات العربية على الخليج. لذا فقد فتح الإنجليز باب المفاوضات مع الشيخ خزعل برغم من احتجاجات شاه فارس عليهم لعقد اتفاقية بشأن جزيرة عبادان للبدء في أنشاء معمل لتكرير النفط فيها, إضافة, لمد خط أنابيب طوله 130 ميلا بين الحقول ومرفأ النفط في عبادان. وبهذا الخصوص يذكر السير أر نولد ولسن – وهو سكرتير الوفد المفاوض للشيخ خزعل – إن لقاء قد تم بين الشيخ خزعل والسير برسي كوكس الوكيل البريطاني في بخارى والمتولي شؤون المناطق المحيطة بالخليج العربي وبعد أربعة أيام من المفاوضات فقد توصل الطرفان في السادس من مايو أيار سنة 1909م إلى اتفاق يقضي بدفع 650 جنيها سنويا إلى الشيخ خزعل كإيجار لموقع معمل تكرير ومرور أنابيب النفط عبر أراضيه, (هارفي – الأزمة العالمية: 350-343م), إلى جانب تأييد استقلاله ضد ادعاء الحكومة المركزية. ووعد بمساعدة عسكرية إذا ما تعرض لأي اعتداء.( بروكلمان – تاريخ الشعوب الإسلامية – ج 5: 136).
وهكذا حقق الشيخ خزعل – الذي امتدت إمارته أكثر من ربع قرن- لنفسه مكانة دولية مرموقة, وقد حصل على أوسمة كثيرة من ملك بريطانيا, وسلطان تركيا, وشاه فارس, والبابا في روما وغيرهم, كان يحملها على صدره إذا لبس ثوبه الرسمي .
وهذا غيض من فيض من تاريخ اميرنا الشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي المحيسني العامري .
علي الأهوازي
كاتب وباحث
ahwaz2008@gmail.com