حذّر مسؤول إيراني – عمل مندوباً سابقاً لبلاده في منظمة العمل الدولية – من تفشي ظاهرة البطالة في إيران، التي تتزايد يوماً بعد يوم، كاشفاً أن نسبة البطالة في البلاد قد تقترب من 50 في المائة بين الشباب.
وتعتبر أزمة البطالة واحدة من عدد من المشكلات التي يعانيها اقتصاد إيران الذي تأثر سلباً من جرّاء خفض قيمة العملة، وتزايد العزلة الدولية، وارتفاع أسعار الأغذية العالمية وفرض حظر نفطي أوروبي على إيران. وتهدّد هذه المشكلة بتفجير الأوضاع الإيرانية من الداخل وفقاً لمراقبين محليين ودوليين.
وقد بدأ عدم الرضا في الظهور، ففي أوائل كانون الأول (ديسمبر) رشق رجل عاطل عن العمل حذاءه على الرئيس محمود أحمدي نجاد، بينما كان يلقي خطابا، وحمل عمال النسيج لافتة يشكون فيها عدم دفع أجورهم منذ 17 شهراً.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
في أعقاب سنوات من البطالة بعد التخرج في الجامعة، غادر حميد، وهو مهندس كهربائي في السادسة والعشرين من عمره، بلدته بوبول الواقعة على بحر قزوين، في العام الماضي وانتقل إلى طهران بحثا عن إمكانات أفضل. لكن بعد ستة أشهر، كيَّف نفسه وروّضها على قيادة سيارة أجرة كي يؤمّن دخلا متواضعا.
يقول حميد: ”منذ أربعة أعوام وأنا أبحث عن عمل، لكني متيقن الآن أنه لا توجد لدي فرصة”. ولم يوفق شقيقه سعيد هو الآخر، 24 عاما، وهو مهندس زراعي انضم إليه في الانتقال إلى العاصمة، في إيجاد عمل. ويواجه الأخَوان، مثلهما مثل ملايين الإيرانيين، أزمة بطالة وطنية تصيب الشباب والمتعلمين أكثر من غيرهم.
وتقول آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء السكاني في إيران: إن معدل البطالة في المدن يبلغ 12.5 في المائة، ترتفع إلى 29.1 في المائة بالنسبة لمن هم تحت سن 25 عاما.
وحذر عباس فتانبور، وهو مندوب إيراني سابق في منظمة العمل الدولية، في كانون الأول (ديسمبر) من أن السياسة الاقتصادية السيئة تجعل البطالة ترتفع ”يوما عن يوم”. وهو يعتقد أن البطالة بين الشباب يمكن أن تكون 50 في المائة.
ويعتبر الشباب المتعلم الشريحة الأكثر معاناة. فقد قال عبد الرضا شيخ الإسلام، وزير العمل، في شهر أيلول (سبتمبر): إن احتمال البطالة بالنسبة لخريجي الجامعات يزيد عشرة أضعاف عن الذين يحملون دبلوم المدرسة الثانوية أو مؤهلات أقل. وتعتبر أزمة البطالة واحدة من عدد من المشاكل التي يعانيها اقتصاد إيران الذي تأثر سلبا جراء خفض قيمة العملة، وتزايد العزلة الدولية، وارتفاع أسعار الأغذية العالمية وفرض حظر نفطي أوروبي على إيران.
وقد بدأ عدم الرضا في الظهور. ففي أوائل كانون الأول (ديسمبر) رشق رجل عاطل عن العمل حذاءه على الرئيس محمود أحمدي نجاد بينما كان يلقي خطابا، وحمل عمال النسيج لافتة يشكون فيها من عدم دفع أجورهم منذ 17 شهرا.
وفي وقت لاحق وعد الرئيس ”باجتثاث” مشكلة البطالة، مقللا من شأن التحديات الداخلية التي يواجهها، إلى جانب تصاعد لهجة المواجهة من البلدان الخليجية المجاورة ومن المجتمع الدولي.
وتقول حكومة أحمدي نجاد التي تعتبر الأشخاص الذين يعملون ساعة في الأسبوع في عداد العاملين: إنها أوجدت 1.6 مليون وظيفة في السنة التقويمية الإيرانية السابقة، وتعهدت بإيجاد 2.5 مليون وظيفة أخرى في العام الجاري الذي ينتهي في 19 آذار (مارس).
ويشك الخبراء الاقتصاديون المستقلون وأعضاء البرلمان الإيراني في كلا الرقمين باعتبارهما زائفين وغير واقعيين، ويقولون إنهما لا يتفقان مع معدلات النمو المنخفضة ومع النقص الكبير في الاستثمار في المشاريع التنموية.
وفي تقرير صدر في أوائل عام 2011، ألقى مركز البحوث التابع للبرلمان ”ظلالا خطيرة من الشك” على الادعاء القائل إنه تم إيجاد 1.6 مليون وظيفة في العام السابق. وقال: ”ليس مقبولا أن يؤدي معدل نمو قدره نحو 6 في المائة إلى إيجاد نحو 765 ألف وظيفة، بينما يؤدي معدل نمو قدره 1 في المائة إلى إيجاد 1.6 مليون وظيفة”. في هذه الأثناء، يقول المحللون: إن هدف إيجاد 2.5 مليون وظيفة جديدة يمكن بلوغه فقط بعدل نمو اقتصادي يزيد على 20 في المائة وبزيادة الاستثمار الجديد – علما بأنه من غير المحتمل تحقيق هذين الأمرين في وقت يواجه فيه البلد تشديد العقوبات الدولية عليه بسبب برنامجه النووي.
ولم يعلن بنك إيران المركزي معدلات النمو الاقتصادي منذ عام 2008؛ ما جعل المراقبين المحليين يستنتجون أنها متدنية بصورة محرجة. ويأتي ذلك رغم الإيرادات النفطية القياسية منذ أن جاءت حكومة أحمدي نجاد إلى السلطة في عام 2005.
ومنذ ذلك الوقت ركزت سياسات إيجاد الوظائف الشعبوية على إعطاء قروض صغيرة للباحثين عن الوظائف، بدلا من تمويل مشاريع البنية التحتية، أو دعم قطاع التصنيع الذي أصيب بالضعف جراء مستويات الواردات القياسية.
”لا تستطيع الحكومة أن توجد الوظائف عبر توزيع الأموال أحيانا على قطاع اقتصادي واحد،” يقول محسن رناني، وهو أستاذ اقتصاد له مكانته. ويحذر من أن البطالة وصلت إلى مستويات خطيرة، تاركة اقتصاد إيران مثل ”مريض يعاني حمى عالية وانخفاض نبضات القلب”.
وساءت البيئة الاقتصادية في عام 2011 عندما قامت الحكومة بخفض إعانات الطاقة التي كانت تقدم للأسر وللصناعة بعشرات مليارات الدولارات.
ويقول بعض أصحاب المصانع: إن مرافقهم تعمل بأقل من نصف طاقتها بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، مع لجوء الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى تسريح العاملين أو غلق أبوابها.
وحذر علي رضا محجوب، وهو عضو في البرلمان ورئيس بيت العمال الذي يعتبر أكبر اتحاد للعمال، من ”أزمة عمال” يقول: إنها يمكن أن تؤدي إلى اندلاع احتجاجات من قبل ”حركة العاطلين عن العمل”.
نقلا عن موقع القدس