تاريخ الاهواز عربستان منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن – الفصل الثامن – الحلقة الثالثة – شيخ خزعل يعارض الاشراف على جمارك ميناء المحمرة

jaber-ahmad

تاليف :الاستاذ موسى سيادة عرض وترجمة: الباحث الاستاذ جابر احمد- قلنا في الحلقة  الثانية ان الحكومة  المركزية وبعد دراسات مستفيضة وشاملة توصلت الى نتيجة مفادها ، هومن اجل تنفيذ هذه الاصلاحات  لابد من محاصرة المحمرة عن طريق البحروالبر وذلك بالاستفادة من البارجة او ” الطراد برسبوليس ” الراسي في مياه الخليج

، كما يجب اقناع  البختياريين  وحثهم  بالهجوم على المحمرة من البر ، الا  ان كل الطريقين ليس عمليين ، لان اي منهما ممكن ان يواحه  بمعارضة شديدة من قبل البريطانيين و لربما سوف يؤدي الى تدخلهم العسكري .

وفي آب من عام 1901 كلف الشيخ خزعل من قبل سالار الدولة ( بن مظفر الدين شاه )   ان يسعى الى تهيئة الاجواء لتأسيس الجمارك في مدينة المحمرة  ، الا ان  شيخ خزعل طلب  منه تأخير ذلك واعطاءه فرصة اكبر، مشيرا الى المجاعة التي تسود الاقليم ، لانه كان يعتقد ان جمع الضرائب المفروضة على الغلال من المواطنيين في مثل هذه الظروف ممكن ان يؤدي الى تمردهم .وقد وافق مندوب الدولة المركزية  “سالارالدولة”على ما قاله الشيخ وتقررتأخير تنفيذ  الخطة لمدة خمسة اشهراخرى  .

حاول شيخ خزعل اثناء هذه المدة  وبشتى السبل تأجيل  موضوع تأسيس الجمارك  وعندما انتهت المهلة المتفق عليها  ولم ينفذ اي شيء  اراد “سالار الدولة”  السفر الى مدينة المحمرة ونتيجة لذلك وجد الشيخ خزعل  نفسه محرجا  اذ منع تلك الزيارة ، لان الحاكم كان بن الملك مظفر الدين شاه القاجاري وان اي رفض لها  سوف يؤدي الى مواجهة بينه وبين  الدولة  المركزية  ، و كان الشيخ خزعل  يخشى ان تكون هذه الزيارة ما هي الا حجة من اجل تأليب منافسيها السياسين ضده ، وذلك من اجل سلخ  بعض المناطق  من حدود امارته ، وفي الوقت  نفسه كان الشيخ يعلم ان ” محتشم الوزراء  ” الموظف السابق في موانيء المحمرة ارسل عبر بارجة او ” طراد  برسبوليس الحربي” لتأسيس جمارك للدولة المركزية في مدينة المحمرة  ،  لذلك قرر الشيخ منعه من تنفيذ خططه مهما كلف الامر ، فسلح رجال القبائل  لكي يمنعوا “محتشم الدولة ” من النزول الى اليابسة  .

لقد ادت هذه المواقف الى نشوب ازمة  سياسية حادة  بين الشيخ خزعل و الحكومة المركزية ، وقد اعتبرت على انها ازمة داخلية وليست اقليمية ، وفي الوقت نفسه اثارت مواقف خزعل هذه دهشة الحكومة المركزية  و قد امرت “محتشم الوزراء”  بعدم الذهاب الى  المحمرة ، وانها سوف  تبحث عن اساليب اخرى  لتنفيذ هدفها .  لانها لا تريد وفي مثل هذه الظروف ان تدخل في مواجهة مع خزعل  لان اي مواجهة من شانها ان تؤدي الى التدخل المباشر للقوات البريطانية ، و لتفادي اي ردود افعال محتملة من جانب الدولة المركزية وعد خزعل بارسال ممثلا عنه الى طهران ، ليدرس تفاصيل وجزئيات  ادارة  الجمارك في مدينة المحمرة.

وفي  مايو  – ايار  – من عام  1902 وضع ممثل الشيخ  ” الحاج محمد علي  رئيس التجار ” مشروعا  للمصالة  مع الدولة  المركزية  مكون من عدة نقاط  ، اتخذ  هذا المشروع  بعد صدور عدة مراسيم  صفة  قانونية ،   ويؤكد المشروع  على الغاء مبدأ التاجير  للعائدات الجمركية و كذلك اسلوب الجمع المباشر للضرائب ، وقد تقرر ان  يكون الشيخ خزعل رئيسا فخريا لادارة الجمارك  التي سوف تستحدث حديثا  شريطة ان يشرف الموظفين البلجيك على الميناء ، كما يعوض الشيخ خزعل عن الخسائر التي سوف يخسرها  بسبب عدم اشرافه المباشرعلى الجمارك ، كما سوف يكون له والعشائر الواقعة تحت امرته  حق الاستفادة من باقي  الاراضي “الخاصة ” بهم في عموم ولاية  او اقليم عربستان . وكما اعطيت ضمانات  بعدم ارتفاع معدلات الضرائب ، وفي فقرة حاصة خفضت ضرائب قرية معشور ( ميناء معشور الحالي ) من 300 تومان سنويا الى 100 تومان في العام ، وعلى ضوء هذه التفاهمات والتنسيق تولى   في 24 تشرين الاول من عام 1902  الموظفين  البلجيك  الاشراف ادارة  الجمارك في مدينة المحمرة والاشراف عليها .

ان نجاح هذا المشروع القاضي بالموافقه على الاشراف على ميناء المحمرة  و الذي انتهى بحل الازمة  التي نشبت  بين الدولة المركزية  و الشيخ خزعل  يؤكد مما لايقبل الشك انه بالامكان الوقوف في وجه رغبات  الدولة  المركزية  ، كما لا ننسى  ما لبريطانيا من دور في هذا المجال ، من هنا ان حل هذا النزاع ممكن اعتباره نقطة ايجابية  للسياسية  البريطانية ، التي  سبق وان طالبت بحق ” التشاور ” فيما يتعلق بالامور التي تخص المحمرة الامر الذي يعتبر اضعاف لدورالدولة المركزية ويمكن استشفاف ذلك من خلال الرسالة التي  بعث بها الملحق  البريطاني الى  وزير الخارجية الايرانية  في 12 تشرين الاول و الذي اعتبر فيها ان عربستان  هي جزء من الامبراطورية البريطانية .

وهنا لابد من الاشارة الى مسألة على غاية من الاهمية  وهي ازدياد حدة المنافسة  بين بريطانيا وروسيا القيصرية  للسيطرة على المنطقة والتي  ازدادت عام بعد عام   بشكل غير مسبوق في عهد  الملك القاجاري مظفر الدين شاه ، وفي هذه المنافسة كان التقدم لصالح الروس الذين  استطاعوا الحصول  على اذن من الدولة المركزية  لبناء قاعدة بحرية لهم على سواحل بندر عباس وقد جاءت هذه الخطوة ردا على الامتياز الذي حصل عليه الانجليز من امير الكويت عام  1899 والقاضي  ببناء قاعدة لهم في الكويت .

في الوقت نفسه  اقترح الروس  على الدولة المركزية مشروعا  لبناء خطوط للسكك الحديدية يمتد من شمال ايران الى مدينة المحمرة – بوشهر و ميناء عباس لكي تسهل تسرع عملية المواصلات التجارية ، الا ان بريطانيا  اعتبرته  مشروعا سياسيا – عسكريا  – اكثر من كونه مشروعا تجاريا  وانه في المستقبل  سيهدد  وجود قواعدها البحرية  في الخليج . الا ان الروس استغلوا  التورط البريطاني في الحرب الدائرة مع السكان المحليين  في جنوب افربقيا ، وعجلوا في فتح قنصليات لهم في كل من بندر عباس ، بوشهر و البصرة و ارسلوا اساطيلهم البحرية الى مياه الخليج . كما ارسلوا الى بوشهر  بعثة عرفت ببعثة مكافحة مرض الطاعون  القادم من شبه القارة الهندية واوجدت مراكز لها  في اغلب  الموانيء الساحلية الايرانية ، ويمكن القول انه في عهد مظفر الدين  شاه  وصل  التدخل الروسي في شؤون ايران  الى اوجه  ،حيث  وقع  هذا الملك تحت تأثير  السياسة الروسية وذلك  نتيجة لضعف اراداته  وعدم استقلاليته.و في كانون  الثاني ،  من 1900 كان الروس قد منحوا مظفر  الدين شاه  قرضا  بلغت قيمته 5|22 مليون  روبل اي ما يعادل 400|2 الف جنيه استرليني بفائدة تقدر 5% ، وذلك بعد ان رفض  البريطانيين منحه مثل هذا القرض . وازاء هذا القرض استولى الروس  على جميع الموانيء  الايرانية ما عدى موانيء الجنوب ، ويمكن القول ان السلطة السياسية الايرانية قد وقعت تحت النفوذ الروسي .

 

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …