ثريا الرمز.. وسكينة الواقع!

najwa

بقلم نجوى قاسم – أكتب هذا المقال فيما يتملك قلبي القلق من أن ينفذ في أية لحظة حكم الإعدام، رجماً أو شنقاً، بحق سكينة اشتياني، السجينة الإيرانية بتهمة الزنا والاشتراك بقتل زوجها! حالي في ذلك، حال كثيرين من متابعي تلك القضية ومن جمعيات حقوق الإنسان والمرأة حول العالم.

حتى الآن، يبدو أن الحظ، وربما العناية الإلهية، رافق اشتياني منذ ثلاثة أعوام، بأن تبقى على قيد الحياة، فيما تتحول قضيتها الى قضية عالمية. فقد أدت الضغوط الكثيرة التي مورست على المؤسسة الإيرانية الرسمية لصالحها الى تأجيل تنفيذ الحكم، والى استبداله من الإعدام رجماً الى الإعدام شنقاً، لكن دون إلغائه كما طالب كثيرون.

من بين الذين طالبوا شخصيات سياسية كبيرة مثل الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا الذي تمنى على السلطات الإيرانية أن تسمح لبلاده باستقبال اشتياني، ووزير الخارجية الفرنسي الذي حرك القضية أيضاً مع المسؤولين الإيرانيين، إضافة الى عدد لا يحصى من الناشطين والجمعيات الحقوقية حول العالم.

صارت سكينة رمز كل الحملات المطالبة بإلغاء عقوبة الرجم المنفذة منذ عقود في إيران. لا أعتقد أن هناك رقماً محدداً أو نهائياً للمرات التي نفذ فيها هذا الحكم، لكنها بدون شك المرة الأولى التي يعرف فيها العالم هوية الضحية وشكلها وقصتها على هذا النطاق الواسع. من تعرضن لهذه العقوبة سابقاً بقين مجهولات، خاصة وأن معظم الحالات حصلت في مناطق ريفية نائية.

قبل سكينة، حول فيلم “رجم ثريا” إمرأة أخرى الى رمز للقضية، بعد أن عرض الفيلم قصتها التي تظهر براءتها كما يقول. وكاد الفيلم أن يتحول أزمة بين تركيا وإيران قبل أشهر بسبب سماح الأولى بعرضه في صالاتها.

وقد شاهدت الفيلم صدفة قبل أسابيع، وحفرت مشاهده عميقاً في روحي، وصورة ثريا وهي ترجم بقيت في ذهني أتذكر تفاصيلها كلما طرحت القضية.

قبل العرض، يتم تحذير المشاهدين من قسوة ودموية الصور، فلا يسمح بمشاهدته لمن هم دون الثامنة عشرة، أو من يعانون من قلب ضعيف، وهو تحذير في محله تماماً. فالسماع عن القضية والتأثر بها شيء، ومشاهدة تنفيذ العقوبة شيء آخر…

إمرأة تثبت في وسط ساحة، ويتجمع رجال القرية في حلقة حولها، ويبدأون بالتصويب عليها، وتتلقى هي الحجر تلو الآخر، تنهمر على كل أعضائها وعظامها، حتى يقضي عليها واحد منها… حتى أن الفيلم ذهب في قسوة تصويره الى حد أن أظهر أحد كبار القرية وهو يجبر أبناء ثريا الأطفال على إلقاء الحجارة على أمهم!

كثيرون اعتبروا أن الفيلم يمثل وجهة نظر واحدة، وأن المخرج “تفنن” في إظهار بشاعة العقوبة، ولكن في الواقع لا أدري إن كان هناك ما يلطفها، أو يبررها. لست هنا في وارد الدخول في أي نقاش ديني إسلامي حول أحكام الشريعة، فلا أدعي المعرفة العميقة بها، ولكن، اليوم حتى بعض الدول التي تشكل الشريعة الإسلامية مادة قوانينها تعيد نقاش تطبيق عقوبة الإعدام نفسها، فكيف بعقوبة الرجم!

ثريا جسدت النموذج السينمائي لضحايا تلك العقوبة، وسكينة أعطت للعقوبة إسماً وهوية للدفاع عن نفسها. والملفت في الأمر أن من حرك قضية سكينة، وحولها عالمية، هما إبنتها وإبنها الذي اعتقل وسجن لاحقاً. فهل يمكن أن تكون هناك امرأة زنت واشتركت بقتل زوجها، يدافع عنها أبناؤها؟ أم أن مجرد قناعتهم ببراءة والدتهم هي دليل قاطع على أنها لا تستحق ما نالته؟

شاهد أيضاً

القضية الأهوازية وانتفاضة تغيير النظام في إيران

ورقة صالح حميد في ندوة ” لا ديمقراطية بدون حقوق القوميات في إيران” لندن – …