eeeer
بسبب الضغوط المتزايدة أُجبرت الشركات الإيرانية على اللجوء إلى وسائل غير شرعية لإتمام صفقاتها مع الدول الأخرى عبر تسليم السلع المحظورة، وتهريبها على طول الخليج العربي، أو عن طريق شركات خارجية تسهّل التعاملات بين الشركات الإيرانية والغربية.

الأوروبي يفرض حظراً نفطياً على إيران ويعزز حرسها

حظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط من إيران في محاولةٍ للضغط على النظام ودفعه إلى تقديم التنازلات على مستوى برنامجه النووي المثير للجدل، لكن على الرغم من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الإيراني، ترفض إيران الاستسلام، وفي غضون ذلك، يبدو أن الحرس الثوري هو المستفيد من العقوبات!

كان “السلاح النفطي” جزءاً من ترسانة سياسة القوة الدولية منذ حقبة السبعينيات، وفي عام 1973، خفضت الدول المصدِّرة للنفط في الشرق الأوسط إنتاجها اليومي لإجبار الغرب على التخلي عن دعمه لإسرائيل خلال “حرب يوم الغفران”. كانت إيران واحدة من الدول المشاركة في ذلك الحظر، أما الآن، بعد مرور أربعة عقود على ذلك تقريباً، عاد النفط ليُستعمَل كسلاح فاعل لكن انقلبت الأدوار هذه المرة.

يوم الاثنين، وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على حظر استيراد البترول والمنتجات البتروكيماوية من إيران اعتباراً من 1 يوليو 2012. بالتالي، سيُمنَع القيام بأي استثمارات جديدة في شركات النفط الإيرانية، وستتوقف عمليات تصدير المعدات والتكنولوجيا اللازمة لقطاع النفط. كذلك، ستزداد العقوبات المالية وستتجمد نسبة كبيرة من الأرصدة التابعة للبنك المركزي الإيراني. فضلاً عن ذلك، وضعت وزارة الخزانة الأميركية بنك “تجارت” الإيراني على لائحتها السوداء. وفق الوزارة، كان هذا البنك “أحد القنوات القليلة المتبقية التي تسمح بتواصل إيران مع النظام المالي الدولي”.

يهدف هذا الحظر إلى إجبار طهران على التخلي عن برنامجها النووي، وعُلّقت المفاوضات بين إيران من جهة ومجموعة الدول المؤلفة من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين من جهة أخرى، طوال سنة. وقد فرض كبير المفاوضين الإيرانيين، سعيد جليلي، شرطاً مسبقاً لاستئناف المحادثات يقضي بالاعتراف بحق إيران بتخصيب اليورانيوم.

طهران أصبحت أقرب إلى تصنيع القنبلة على الرغم من العقوبات

كان الغرب يحاول إجبار النظام الإيراني على التخلي عن برنامجه النووي منذ سنوات. منذ عام 2006، شملت تلك الجهود تشديد العقوبات تدريجاً ضد طهران من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن هذه التدابير لم تحقق النجاح حتى الآن. مع كل قرار بفرض الحظر، كان السياسيون الغربيون يدّعون أن الاقتصاد الإيراني سيشعر هذه المرة بالضغط، لكن على أرض الواقع بدا وكأن النظام يقترب من الحصول على قنبلة ذرية. أعلنت طهران أنها بدأت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% منذ بضعة أيام. ومع ذلك، ينكر الإيرانيون حتى الآن أنهم يحاولون تطوير أسلحة نووية.

ها قد أقرت أوروبا الآن، للمرة الأولى على الإطلاق، تدابير تستهدف قطاع النفط مباشرةً ومن المعروف أن هذا القطاع يُعتبر حيوياً بالنسبة إلى إيران، لكن لم يتضح بعد مدى فاعلية هذه العقوبات الجديدة.

يحصل الاتحاد الأوروبي على 20% تقريباً من صادرات النفط الإيرانية، وبالتالي، تُعتبر أوروبا من أهم العملاء بالنسبة إلى إيران (ولكنها ليست الأهم بأي شكل!). تُشحَن ثلاثة أرباع صادراتها النفطية إلى الدول التي تفتقر إلى الموارد في الشرق وجنوب آسيا، مثل الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية. على الرغم من الضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا، كانت تلك الدول غير مستعدة للمشاركة بالعقوبات.

كذلك، يبدو أن تركيا تريد الاستفادة من السياسة المعتمدة بدل المشاركة فيها. تستورد أنقرة ثلث نفطها من إيران، ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات ضد البنك المركزي الإيراني إلى تعزيز أهمية المؤسسات المالية التركية في الصفقات التي تحصل مع الشركاء التجاريين الإيرانيين.

اليونان أرادت تأجيل العقوبات

حتى العقوبات التي أقرتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستصبح سارية المفعول بشكل تدريجي. رسمياً، يهدف ذلك إلى منح الإيرانيين فرصة التراجع عن طموحاتهم. لكن عملياً، تحتاج دول جنوب أوروبا التي تواجه أزمات مالية كبرى إلى الوقت للبحث عن مزودين آخرين. تحصل اليونان على 20% تقريباً من نفطها من إيران، وينطبق الأمر نفسه على إسبانيا وإيطاليا لكن بنسبة أقل بقليل، وقد طالب اليونانيون على وجه التحديد بتأجيل الحظر حتى 1 أكتوبر.

على المدى القصير، من المتوقع أن تجد بعض الدول الأوروبية صعوبة في إيجاد بدائل مقبولة الكلفة عن النفط الإيراني، وستكون هذه الصعوبة أكبر من تلك التي سيواجهها الإيرانيون في إيجاد عملاء جدد. صحيح أن سعر النفط ارتفع قليلاً بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي قراره الأخير يوم الاثنين، لكن سبق أن أدت العقوبات إلى زيادة الأسعار في الأسابيع الأخيرة بحسب المراقبين.

لا شك أن الاقتصاد الإيراني تدهور أصلاً بسبب العقوبات النافذة راهناً. فقد ارتفعت نسبة البطالة والتضخم إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة وخسر الريال الإيراني 40% من قيمته مقابل الدولار الأميركي خلال سنة واحدة. يؤثر هذا الوضع في الطبقة الوسطى الإيرانية تحديداً، وتكمن المفارقة في واقع أن النظام نفسه هو الذي يستفيد من سياسة فرض العقوبات.

وضع شائك جداً

بسبب الضوابط الغربية المفروضة على قطاع التجارة، أُجبرت الشركات الإيرانية على اللجوء إلى الوسائل غير الشرعية لإتمام صفقاتها مع الدول الأخرى، وذلك عبر تسليم السلع المحظورة عن طريق التهريب على طول الخليج العربي أو عن طريق الشركات الخارجية التي تسهّل التعاملات بين الشركات الإيرانية والغربية. يشارك الحرس الثوري المتعدد الأطراف والشركات التي يسيطر عليها في معظم تلك التعاملات. يبدو أن هذه الجهات مستعدة للإغفال عن عمليات التهريب مقابل المال، كذلك، يسيطر الحرس الثوري (وهو الركيزة العسكرية والاقتصادية للنظام) على السوق السوداء الإيرانية لبيع السلع الغربية والعملات الأجنبية.

لطالما حول النظام الإيراني الشأن النووي إلى ميزة وطنية، وقد أصبح الرئيس محمود أحمدي نجاد وآية الله علي خامنئي في وضع شائك جداً بسبب صراعهما مع الغرب لدرجة أن أي تسوية مستقبلية ستعني الاستسلام، ويبدو أن إيجاد حل من شأنه حفظ ماء وجه القيادة الإيرانية هو أمر مستحيل، فيتعزز هذا الواقع بسبب تراجع مكانة أحمدي نجاد محلياً، فهو لم يعد يملك السلطة اللازمة لفرض أي تسوية محتملة في إيران.

إنه أحد الأسباب الذي يفسر إقدام طهران مراراً وتكراراً على التهديد بإغلاق مضيق هرمز في الأسابيع الأخيرة في حال فرض الغرب عليها عقوبات إضافية.

نتيجةً لذلك، من المستبعد أن تنجح العقوبات الجديدة في إحراز أي تقدم في الشأن النووي، فلا يمكن أن يأمل الغرب بحصول التغيير المنشود قبل أن تنتخب إيران رئيساً جديداً في يونيو 2013، لكن حتى في هذه الحالة، لن يكون التغيير مضموناً، ولا يمكن إلا أن نتأمل بحصول الأفضل!

 

للكاتب: Christoph Sydow

Der Spiegel

الجريدة الكويتية

 

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …