التي وكما يقول بعض المراقبين من الاعلاميين كسبت الجولة الاولى من السباق بين المدرستين، مدرسة الجزيرة الصاخبة ومدرسة العربية الهادئة…
في هذا الاطار يقول سمير عطالله ان التفسيرات التي أعطيت لذهاب مدير ومجيء مدير قطري فاتها أن تلحظ أن المؤسس ورئيس مجلس الإدارة، الشيخ حمد بن ثامر لا يزال في موقعه، وبالتالي، فالكلام عن تغيير في سياسة المحطة قد لا يكون في مكانه. وربما كان الأصح التفسير الآخر الذي أعطته صحف أخرى، وهو أن «العربية» قد تفوقت على «الجزيرة» بالنقاط بعد المتغيرات الأخيرة في العالم العربي.
ويتابع في مقاله ماذا في الجزيرة… ماذا عن قطر؟، انه وإذا ثبت ذلك، فهو يؤكد تفوق مدرسة صحافية على أخرى.. فعندما بدأت «العربية» في دبي العام 2003 قررت أن تكون عكس «الجزيرة»؛ أي أن تمثل هي الهدوء وتتحاشى العداوات وتقدم النموذج المتواضع من العمل الصحافي. فلا يعود صاحب المقابلة يصرف ضيفه بيده أو بقلمه «الفوتر»، كما كان يفعل السيد سامي حداد، صاحب مصاحة «أكثر من رأي»، أو كما كان يجري في «الاتجاه المعاكس»، الذي يطلب من «المحاورين» فيه أن يتركوا مسدساتهم في مطارات الإقلاع.
وفي نقد مبطن مزين بالغزل موجه للعربية يقول ان بعض برامج «العربية» لا تنجو من لهجة وأسلوب المستنطق العربي التي يبرع فيها السيد حسن معوض. وهو أسلوب له شعبية ما، على ما يبدو. أما أنا، فلا أزال مقيدا اسمي كمعجب في برامج منتهى الرمحي ولمّاحات تركي الدخيل.
اما عادل الطريفي وبعنوان “وضاح خنفر.. الصحافي والسياسي” يقول انه لا شك أن استقالة خنفر ما كانت لتشغل الإعلام لو كانت المحطة التي نتحدث عنها أميركية أو أوروبية، فهناك – أي الصحافة الغربية – بالكاد يعرف العموم أسماء رؤساء التحرير أو مديري الشبكات التلفزيونية، حيث تنحصر أخبار كهذه في الأوساط الصحافية وعالم الأعمال، ولكن حالة «الجزيرة» تختلف بعض الشيء، لأننا لا نتحدث عن شبكة إعلامية أو تجارية فحسب، بل عن أداة سياسية مهمة ومؤثرة، وهنا جوهر المشكلة في الحقيقة. فالقناة هي طرف في السياسة الإقليمية وليست مجرد وسيلة محايدة لنقل الأخبار.
كان لكل من «الجزيرة» و«العربية» خطها السياسي، وبالتالي قضاياها وشخوصها التي تحتفي بها، ويمكن أن يقال إن ميول الفرد الآيديولوجية وولاءاته السياسية والطائفية، بل وحتى المناطقية، كانت تفرض عليه مشاهدة إحدى الفضائيتين أو اللجوء إلى خيارات أخرى يحفل بها البث الفضائي. بيد أن المشترك بين كل من التجربتين هو تركيزهما على قضيتين: استقلالية الصحافة، وضرورة حماية حقوق الصحافيين.
هناك اختلافات شخصية بين قطبي الإعلام العربي، فوضاح خنفر معروف بحماسته الشديدة لموضوعاته، وانهماكه الشخصي في الدفاع عن صحافييه في ساعات أزمتهم، بينما يتميز عبد الرحمن الراشد بثقافته، وبصبره وهدوئه الشديدين، وقدرته على امتصاص الصدمات. ولكن الفروق الشخصية والآيديولوجية بين الرجلين لم تؤثر على نظرتيهما نحو ضرورة التبشير باستقلالية الإعلام، والذود عن حمى الصحافيين.
جيل الراشد أو خنفر نشأ في بيئة الصحافة العربية الرسمية المملوكة أو المقننة من قبل الدولة، وشهد عصر التحول نحو الإعلام الجديد بوسائله التقنية المتنوعة، والعابر للدول والمجتمعات. أمام تجربة البث اليومي المتواصل للأخبار، كان لزاما على هذه المؤسسات الجديدة أن تتخذ ثقافة إعلامية جديدة تختلف بالضرورة عن تلك التي كانت سائدة، وأن تستعين بخبرات إعلامية عربية تتلمذت في مؤسسات إعلامية غربية.
ويضيف انه ولا شك أن قناتي «الجزيرة» و«العربية» قد أسهمتا في رفع مستوى الممارسة الإعلامية في المنطقة، ورفعتا سقف النقاش والمعالجة لقضايا مهمة، وأثبتتا أن المؤسسات الإعلامية الرسمية لم تعد قادرة على استيعاب التحولات الاجتماعية والسياسية. ولكن في الوقت ذاته فإن التركيز على الصحافة بوصفها صاحبة رسالة سامية، وأن هناك دورا توعويا يراد منها، هو انعكاس لمدرسة واحدة في الصحافة الغربية. أما المدرسة الأخرى فتتعاطى مع الصحافة بوصفها أيضا وسيلة من وسائل التجارة والربحية. فالصحافيون في النهاية لا يعملون من دون مقابل، والمؤسسات التي توظفهم لها ملاك ومساهمون ينتظرون نتائجها المالية، لا بطولات صحافييها. هناك حاجة إلى أن تبلغ الصحافة العربية حالة من التوازن في ما يتعلق بتمييزها ما بين الاستقلالية من جهة، والربحية التجارية (الصحافة كصناعة) من جهة أخرى. من المهم أن يتصدى الصحافيون لقضايا تهمّ الجمهور، ولكنّ هناك حدا فاصلا ما بين الحياد الإعلامي والتحول نحو النشاط السياسي. الصحافيون ليسوا شياطين، كما أنهم ليسوا ملائكة. هم ينقلون الحدث بحسب قدرتهم، وللجمهـــور مسؤوليــــة الحكــم والتقييم.