وكان الموقف ردا على موقف مشابه لمتطرفين موالين لاحمدي نجاد في طهران، اعلنوا بانهم يستعدون لارسال سفن مساعدات انسانية الى شيعة البحريين المضطهدين في البحرين حسب تعبيرهم.
الواضح من هذه التصريحات هو انها بعيدة كل البعد عن التطبيق على ارض الواقع. الوضع الداخلي الايراني و الوضع المتأزم الاقليمي و العزلة التي بفرضها الغرب على ايران بسبب ملفها النووي، توحي بان هذا العمل يعد جنونيا.
بعبارة أخرى الموقف الايراني لا يهدف الا لخلق التوتر على حدودها مع جيرانها لاجل حرف انظار الشعب الايراني من الوضع الداخلي المتأزم ومنها يمكن الاشارة الى انتفاضة الشعب العربي الاهوازي في نيسان الماضي و أيضاً، تحضير طلبة الجامعات الايرانية للقيام باضرابات و احتجاجات ضد النظام.
ونشير هنا أن الاهم ما يقصد من هذه التصريحات هو المحاولة للحفاظ على حالة عدم الاستقرار في البحرين من اجل استخدامها في مراحل آتية ممكن ان تحتاجها ايران في الزمن القريب القادم خاصة ان حليفتها سورية تعاني من ازمة خانقة
وتكاد تقطع ذراع ايران الايمن بشكل كامل في المنطقة بحيث تموت اصابعها في لبنان بقطع هذا الذراع.
فالبحرين هي احدى الجبهات القادمة وبامكانها خلق التوتر في المنطقة حتى و ان كانت لا تمتلك تلك الاهمية التى تمتلكها باقي جبهات ايران الهامة كلبنان و غزة
والعراق. فلذلك يمكن فهم هذه التصريحات في اطار خطة ايران من اجل العبث في امن المنطقة الاقليمية.
هذا الشرح كان هو جزءا من الخارطة التي رسمتها ايران لجيرانها العرب
وعملت عليها خلال العقود الثلاث الماضية دون اي استعجال و بهدوء بعيدا عن اي ضجيج ويمكن فهم تصريحات المتشددين في طهران في هذا الاطار. انهم يعرفون الوضع في الخليج العربي بشكل كامل و يعرفون مدى هشاشة الوضع في هذه البلدان.
في المقابل يتساءل المرء عن الاطار الذي يمكن ان يفهم فيه التصريحات البحرينية حول مساندتهم للقضية الاهوازية.
اننا اذا عدنا الى الوراء و حفرنا في ذاكرة تاريخ الاهواز – التي احتلت في عام 1925 و قبل ذلك كانت تحكمها حكومة محلية طبقاً لنظام ملوك الطوائف – نرى انه و منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا كل ما قام الاهوازيون بالاتصال مع عرب الخليج و طلبوا منهم المساندة كان ردهم الرفض خوفاً من بطش ايران و مخاوف الدول الخليجية على امنها المحلي. و في احسن الاحوال كان بعض السلفيين الذين يبدون رغبتهم للاهتمام بالقضية و مساندتها، يضعون شرطاً يسمونه بالتصحيح
والتحرر في العقيدة قبل كل شيء، حسب زعمهم، من اجل مساندة الاهوازيين !
هذا الامر يكشف ان الدول الخليجية تعيش في حالة من الفراغ ولاتدرك التطورات والوضع الجاري و تفهم المخططات بعد ما يتم تطبيقها على الارض.
انا شخصيا لم انس عندما كنت التقي بشخصيات عربية خليجية و كنت اشرح لهم مخططات ايران تجاههم فكانوا يضحكون و يرفضون كلامي و يقولون لي بان ايران دولة صديقة. الان و بعد خمس سنوات العرب عرفوا ما كنا نقول لهم و بدأ المسؤلون العرب الخليجين يتكلمون عن مخططات كنا قد حذرناهم منها قبل سنين.
هكذا حال الدول، التي لم تعرف ما يدور حولها لايمكن ان نتصور لها اي مخططات بعيدة المدى. كما لايمكن أن نجعل تصريحات النواب البحرينيين ضمن اطار يبتني على دعم حقيقي للقضية الاهوازية العادلة و عن مخطط بعيد المدى لنجدة هذه القضية الانسانية، بل في المقابل تجاهل العرب لهذه القضية كان تجاهل كامل.
لذا لايبقى سوى ان نتصورتصريحات النواب البحرينيين ما هي الا عبارة عن تشبث من افاق من سباته بعد عقود و قد رأى ان الامر قد فاته وما عليه الا ان يتشبث بكل ما ينقذه. يعتبر هذا الاسلوب الاستعجالي و السريع، ردة فعل لما فرض على العرب من استفزازت ايرانية في مجال أمنهم الوطني و استقلال بلدانهم الذي اصبح مهددا نتيجتا لغفلة الحكام و الانظمة.
طبعا ينبع هذا الاسلوب لعرب الخليج بالدرجة الاولى عن مصلحتهم القصيرة المدى و لم يدل على استراتيجية لدعم القضية الاهوازية و لا يشك احد بهذا الامر. و الدليل على ذلك هو ان القضية الاهوازية تم تجاهلها منذ عام 1925 ولم يعيروا لها اي اهمية لافي الماضي و لا في الحاضر.
التعامل مع القضايا الاقليمية على اساس المصلحة الاقليمية و دون اخذ شمولية الخطر الذي يداهم بلدان الخليج بعين الاعتبار، سوف يفتح يد ايران لتفتيت المنطقة حسب ماتشتهي و بالتالي الهمينة عليها.
و لربما حان الوقت للبلدان الخليجية ان تصحو من غفوتها و ان تتعامل مع الوضع الراهن بجدية و ترتقي باسلوبها من ردات الفعل الى التخطيط لمدى بعيد.
على هذه البلدان ان تسترجع حساباتها و تخرج من قوقعتها الاقليمية و الطائفية و ان ترى الوضع الاقليمي بعين دولية وعربية واعية تاخذ مصالح العرب بعين الاعتبار دون التوجه الى مذهبهم الديني او الى حيث ما ينتمون لاي بلد عربي.
عرب الاهواز صمدوا اكثر من ثمان عقود تحت حكم الفرس دون مساندة اي دولة عربية بل و كثيراً ما حدث بان ساند العرب ايران في قمع الاهوازيين و قمعهم و لم يمنحوا المناضلين الاهوازيين حتى حق اللجوء لكي يسلموا من البطش الايراني.
ولاننسى ان 99% من نسمة الاهواز هم من الشيعة و لكن هل يوجد في الوطن العربي شعب اكثر عروبي من الاهوازيين الذين ضحوا بدمائهم حتى الان ليحتفظوا على هويتهم العربية؟
ألم يأن للعرب ان يخرجوا من قوقعتهم و يعترفوا بان القضية الاهوازية كانت قد شقت طريقها الى الوجود بفضل جهد ابناءها و بناتها البواسل الذين ضحوا بكل ما لديهم من اجل هذه القضية و انها ماضية في طريقها.
و بما أن القضية الاهوازية هي في صلب الصراع و يمكن ان تلعب دوراً هاما في الصراع الموجود في المنطقة، على العرب ان يعرفوا مهما يوجد هنالك بعض الساذجين من شعبنا المضطهد الذين يلهثون وراء كل طارئ و لكنهم و بحمدلله موهوبون بالذكاء و يستوعبون اللعبة و لا يريدون ان يلعبوا لحساب من يهتم بمصلحته فقط أو يحاول أن يجعل صراعهم القومي و العربي طائفياً و بتعبير آخر لايرغبوا أن يضحوا بانفسهم لاجل من لا يؤمن بقضيتهم بل يراها ذريعة للاستغلال للحصول على مصلحته الداخلية و حسب.
اقول للنواب البحريين جزاكم الله على مساعداتكم التي نويتم ارسالها من اجل مساعدة العرب في الاهواز واطلب منهم في نفس الوقت ان يقدموا افكارا قابلة للتطبيق لمواجهة مخططات ايران المدروسة.
و اضيف هنا بانه لو ارادوا الاستمراربهذا الاسلوب الخاطئ في مواجهة ايران و بالطريقة العنيفة التي يواجهون بها الشعب البحريني فانه لامجال لتدخلهم في القضية الاهوازية حيث لها اهلها ، لانها قضية عادلة مسقاة بدماء الالاف من الابرياء و بذل المناضلون الاهوازيون على مر العقود الماضية ما لايحصى من جهود و انه ليس من مبادئ الاخلاق وشيم العروبة تلويث سمعتها واستغلالها لحل المشكل والمعاناة الداخلية. واضح بأن هذا الاسلوب سوف يضر بالقضية الاهوازية العربية و لايخدم البحرين ايضا.
نقلا عن موقع القدس